الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

وصفوها بـ"أكذوبة القرن".. خبراء صينيون: رسوم ترامب "بلطجة اقتصادية"

  • مشاركة :
post-title
شي جين بينج ودونالد ترامب

القاهرة الإخبارية - مازن إسلام

في ظل تصاعد التوتر التجاري بين بكين وواشنطن جراء الرسوم الجمركية المتبادلة بين الاقتصادين الأكبر في العالم، أكد خبراء وباحثون صينيون، أن السياسات الأمريكية، التي يقودها الرئيس دونالد ترامب، لا تضر فقط بالعلاقات الثنائية، بل تُهدد النظام التجاري العالمي برمّته، مشيرين إلى أن الصين لم تكن يومًا البادئة بإشعال النزاع، لكنها مُستعدة للرد بكل الوسائل المشروعة دفاعًا عن مصالحها الوطنية.

منذ عودته إلى البيت الأبيض، اتبع ترامب سياسة عدوانية تجاه الصين لتقليص العجز التجاري بين البلدين، من خلال فرض تعريفات جمركية على بكين وصلت إلى 145%، لكنه لم يتوقع أن يكون الرد الصيني بهذه القوة؛ فبكين، من جانبها، فرضت تعريفات مضادة بلغت 125%، كما تعهدت بحرمان واشنطن من الحصول على المعادن النادرة التي تدخل في صناعة الرقائق الإلكترونية والأسلحة، فضلًا عن إدراج أكثر من 15 شركة أمريكية في "قائمة الكيانات غير الموثوقة".

ووصف الخبراء، في تصريحات خاصة لموقع "القاهرة الإخبارية"، اليوم الثلاثاء، الرسوم الجمركية الأمريكية الأخيرة بأنها "ابتزاز وبلطجة اقتصادية" تمارسها الولايات المتحدة ضد الصين والعالم، محذرين من أن هذه السياسات ستؤدي إلى فقدان الثقة في الاقتصاد الأمريكي وازدياد معدلات التضخم، بل وقد تفضي في النهاية إلى عزلة أمريكية غير مسبوقة على المستوى الدولي.

"انتهاك صارخ" للقواعد الدولية

قال شو تيان تشي، نائب مدير قسم الشؤون الدولية في معهد تشونجيانج للدراسات المالية بجامعة الشعب الصينية، إن الصين ترى أن ما تسميه الولايات المتحدة بـ"الرسوم الجمركية المتكافئة" ليس سوى تصرفات ضارة للطرفين، تضر بالمصالح الأمريكية والصينية على حد سواء.

وأوضح "شو" لموقع "القاهرة الإخبارية"، أن موقف الصين الرسمي تم توضيحه بالتفصيل في "الكتاب الأبيض حول بعض القضايا المتعلقة بالعلاقات الاقتصادية والتجارية الصينية الأمريكية"، الذي صدر في التاسع من الشهر الجاري، وجاء فيه أن الرسوم الأمريكية تُعد انتهاكًا خطيرًا لقواعد منظمة التجارة العالمية، وتهديدًا مباشرًا للنظام التجاري متعدد الأطراف، وإضرارًا غير مشروع بالمصالح القانونية للدول الأخرى.

دوافع سياسية وشخصية

وفي تحليله لأسباب التصعيد الأمريكي، كشف "شو" أن هناك ثلاث خلفيات رئيسية وراء سياسات واشنطن، أبرزها شعور النخبة الأمريكية بانحدار مكانة بلادهم عالميًا، بالإضافة إلى تضرر بعض جماعات المصالح التي يمثلها ترامب من مسار العولمة، وأخيرًا سعي ترامب لاستغلال الحرب التجارية لخلق مساحات نفوذ شخصية تعود بالنفع المالي والسياسي عليه وعلى أسرته.

الصين "تدافع" ولا تهاجم

وفي حديثه لـ "القاهرة الإخبارية"، أكد نائب مدير قسم الشؤون الدولية في معهد تشونجيانج أن الصين لم تكن في يوم من الأيام البادئة بإشعال النزاع أو تصعيد الموقف، بل تعاملت برد فعل دفاعي، مع تقديم مقترحات متعددة للحوار القائم على الاحترام المتبادل وتحقيق المصالح المشتركة، وهو ما تنادي به أغلب دول العالم.

كما شدد على أن كافة إجراءات الرد الصينية جاءت متوافقة تمامًا مع القانون الدولي والتشريعات الوطنية، مشيرًا إلى أن غالبية الدول والمنظمات الدولية باتت تدرك أن بكين تدافع عن العدالة الدولية في وجه ما وصفه بـ"الهيمنة الأمريكية".

"أكذوبة القرن"

من جهته، قال ليو تشي تشين، كبير الباحثين في معهد تشونجيانج، في تصريحاته لموقع "القاهرة الإخبارية"، إن الرد الصيني لم يكن مجرد إجراء ضروري، بل أصبح بمثابة إلهام للدول الأخرى التي عانت طويلًا من السياسات الأمريكية دون أن تملك القدرة على المواجهة.

ووصف "ليو" الرسوم الأمريكية بأنها "أكبر عملية تضليل في القرن"، مؤكدًا أن الأزمة في جوهرها ليست بسبب خلل في ميزان التجارة، بل بسبب هيمنة الدولار عالميًا، حيث تستفيد واشنطن من عملتها في الاستيراد والتصدير، ما يجعل فرض الرسوم أشبه بـ"الابتزاز والبلطجة الاقتصادية"، على حد تعبيره.

وأضاف كبير الباحثين في المعهد، أن هذا المسار سينعكس سلبًا على الاقتصاد الأمريكي ذاته من خلال انكماش التجارة وارتفاع معدلات التضخم وتصاعد الغضب الشعبي.

الهدف الحقيقي.. كبح الصين

وشدد "ليو"، على أن الولايات المتحدة تهدف من خلال هذه السياسات إلى إبطاء نمو الصين اقتصاديًا، عبر فرض أعباء لا تحتمل. ووصف هذا التوجه بالـ"غباء الاستراتيجي" الذي قد يؤدي إلى نتائج عكسية على مستوى العلاقات والمكانة الدولية لواشنطن.

مستقبل العلاقات الثنائية

وفي الجانب المتعلق بالعلاقات الثنائية، أقر شو تيان تشي، نائب مدير قسم الشؤون الدولية في معهد تشونجيانج للدراسات المالية بجامعة الشعب الصينية، بأن الرسوم الأمريكية ألحقت ضررًا حقيقيًا بالثقة السياسية والتواصل الشعبي بين البلدين، لكنها لم تُغير رغبة الصين الصادقة في الحفاظ على علاقات جيدة مع الولايات المتحدة، واستشهد بتصريح للرئيس الصيني شي جين بينج قال فيه: "لدينا ألف سبب تدفعنا لتحسين العلاقات الصينية الأمريكية، ولا يوجد سبب واحد لتخريبها".

فيما، أكد الباحث تشو رونج، الزميل في المعهد ذاته لـ "القاهرة الإخبارية"، أن الصين ترفض استخدام الرسوم الجمركية كأداة للهيمنة الاقتصادية، وتدين بشدة ما وصفه بـ"نهج ترامب في ممارسة البلطجة الاقتصادية"، محذرًا من أن هذه السياسات ستؤدي إلى فقدان الثقة في الاقتصاد الأمريكي وازدياد معدلات التضخم، بل وقد تفضي في النهاية إلى عزلة أمريكية غير مسبوقة على المستوى الدولي.

واختتم تشو تصريحاته بالتأكيد أن الصين لا ترغب في خوض حرب تجارية، لكنها لن تتردد في الرد إذا فُرضت عليها، مشددًا على أن بكين مستعدة للدفاع عن مصالحها بكل الوسائل الممكنة، لكن دائمًا "تحت سقف القانون والشرعية الدولية".