تشهد المفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران تطورًا جديدًا، حيث تتركز المباحثات حاليًا حول مصير مخزون اليورانيوم عالي التخصيب الإيراني، إذ تقف قضية نقل هذا المخزون إلى دولة ثالثة كعقبة رئيسية أمام التوصل إلى اتفاق جديد بين الطرفين، في ظل مخاوف متبادلة ومواقف متباينة قد تحدد مستقبل العلاقات بين البلدين والاستقرار في الشرق الأوسط.
مصير مخزون اليورانيوم المخصب
تشير صحيفة "ذا جارديان" البريطانية إلى أنه من المتوقع أن ترفض إيران المقترح الأمريكي بنقل مخزونها من اليورانيوم عالي التخصيب إلى دولة ثالثة - مثل روسيا - كجزء من جهود واشنطن لتقليص البرنامج النووي المدني الإيراني ومنع استخدامه لتطوير سلاح نووي.
وتعتبر هذه القضية، وفقًا للصحيفة، إحدى العقبات الرئيسية التي تعترض طريق التوصل إلى اتفاق مستقبلي، وقد تمت مناقشتها في المحادثات الأولية التي جرت بشكل غير مباشر في العاصمة العُمانية مسقط، بين وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي ومبعوث ترامب الخاص ستيف ويتكوف.
تجادل إيران بأن المخزون، الذي تراكم على مدى السنوات الأربع الماضية، يجب أن يبقى داخل أراضيها تحت إشراف صارم من الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة.
وتوضح طهران أن هذا الإجراء يعد شكلًا من أشكال التأمين في حال انسحبت إدارة أمريكية مستقبلية من الاتفاق، كما فعل دونالد ترامب في عام 2018 عندما رفض الاتفاق الذي توسط فيه باراك أوباما عام 2015.
مسار المفاوضات والوساطة الدولية
على الرغم من أن غالبية المفاوضات في مسقط تمت بشكل غير مباشر بين الوفدين الإيراني والأمريكي، مع قيام عُمان بدور الوسيط، إلا أن اجتماعات مباشرة بين ويتكوف وعراقجي قد حدثت أيضًا.
وقد وافقت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني على استضافة الجولة المقبلة من المحادثات يوم السبت في روما، في خطوة تُنظر إليها على أنها بادرة سياسية من ترامب تجاه إيطاليا.
يشير محمد عمرصي، من معهد أبحاث السياسة الخارجية الأمريكي، إلى أن "ميلوني هي اختيار مثير للاهتمام لأنها تبدو الزعيمة الأوروبية التي لديها أفضل خط اتصال شخصي مع ترامب، أكثر من فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة".
وترجح "ذا جارديان" أن هذه الخطوة تخدم في تهميش القوى الأوروبية الرئيسية (فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة - ما يُعرف بـ"E3") في المفاوضات مع إيران، والتي كانت تمثل المصالح الأوروبية في المحادثات النووية الأولية عام 2015.
ومن المقرر أن يكون نائب الرئيس الأمريكي جيه دي فانس أيضًا في روما خلال عطلة عيد الفصح.
الضغوط الاقتصادية والتهديدات العسكرية
تشير "ذا جارديان" إلى أن إيران تتفاوض تحت تهديد ليس فقط بفرض المزيد من العقوبات ولكن أيضًا باحتمال شن هجوم عسكري أمريكي على مواقعها النووية، كما أنه مع تدهور الاقتصاد الإيراني، تتوق طهران إلى جذب استثمارات مباشرة من خلال رفع العقوبات الأمريكية.
قد بدأت بالفعل مناقشات حول خيارات التأمين المحتملة للشركات التي تتطلع إلى الاستثمار في إيران، في حالة حدوث مزيد من التدهور في العلاقات الأمريكية.
بعد انسحاب عام 2018 وفرض عقوبات على الشركات الأجنبية التي تتعامل مع إيران، لم يتمكن الاتحاد الأوروبي من وضع طريقة قابلة للتطبيق لحماية الشركات التي ترغب في الاستثمار في إيران، كما أشارت تقارير دبلوماسية مطلعة على المحادثات.
مخاوف إيرانية من تكرار سيناريو 2018
تقول طهران، وفقًا لمصادر دبلوماسية مطلعة، إنه إذا غادر مخزون اليورانيوم المخصب إيران وانسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق، فستضطر إلى البدء من الصفر في تخصيب اليورانيوم إلى نقاء أعلى، مما يعاقب إيران فعليًا على خرق ارتكبته واشنطن.
وتبدو هذه المخاوف مبررة في ضوء التجربة السابقة مع انسحاب ترامب من الاتفاق النووي عام 2018، مما يجعل موقف إيران متشددًا بشأن الاحتفاظ بمخزونها داخل أراضيها.