الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

البديل كارثي.. أمريكا وإيران تبدآن محادثات لا تحتمل الفشل

  • مشاركة :
post-title
إيرانيون خلال احتجاج مناهض لإسرائيل في وسط طهران

القاهرة الإخبارية - محمود غراب

بدأت محادثات لا تحتمل الفشل بين إيران والولايات المتحدة، اليوم السبت في العاصمة العمانية مسقط، لأن البديل سيكون المواجهة العسكرية بين الطرفين، كما هدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، عندما كشف عن التفاوض مع طهران حول برنامجها النووي، خلال لقائه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في البيت الأبيض، الاثنين الماضي.

ويمثل الاجتماع بسلطنة عُمان، أول مفاوضات مباشرة بين مسؤولين إيرانيين وأمريكيين منذ عقد، على الرغم من إصرار إيران على أنها ستكون غير مباشرة عبر وسيط بين وفدي البلدين. والأربعاء الماضي، أشار ترامب إلى أنه إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق، فإن العمل العسكري المشترك مع إسرائيل ضد إيران هو الخيار التالي، وقال: "إذا تطلب الأمر تدخلًا عسكريًا، فسنستخدمه.. من الواضح أن إسرائيل ستشارك بقوة في ذلك.. ستكون هي القائدة في هذا الأمر".

وصرح ترامب للصحفيين على متن طائرة الرئاسة في طريقه إلى فلوريدا، مساء الجمعة، قبل ساعات من بدء المفاوضات مع إيران، بأنه لا يريد أن تمتلك طهران قدرات نووية، وذكر: "أريدهم ألا يمتلكوا سلاحًا نوويًا، وأريد أن تكون إيران دولة رائعة وعظيمة وسعيدة، لكن لا يمكنهم امتلاك سلاح نووي"، وأضاف: "سنتفاوض معهم يوم السبت.. لدينا اجتماع مهم معهم".

لكن إيران رفضت مرارًا التفاوض تحت الإكراه، وحددت "خطوطها الحمراء" للمفاوضات أمس الجمعة، بما في ذلك لغة "التهديد" و"المطالب المبالغ فيها" فيما يتعلق بالبرنامج النووي الإيراني وصناعة الدفاع الإيرانية، وفقًا لوكالة أنباء "تسنيم" شبه الحكومية، في إشارة على الأرجح إلى برنامج طهران للصواريخ الباليستية، الذي يعتبره حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط تهديدا لأمنهم.

وتعهد الرئيس الأمريكي بتأمين اتفاق "أقوى" من الاتفاق النووي 2015 الذي توسطت فيه إدارة أوباما، والذي كان يهدف إلى كبح البرنامج النووي الإيراني، وانسحب ترامب من الاتفاق 2018، واصفًا إياه بأنه اتفاق "كارثي أعطى المال لنظام يرعى الإرهاب".

ويريد ترامب إبرام اتفاق يمنع إيران من صنع سلاح نووي، لكنه لم يحدد كيف سيختلف عن الاتفاق السابق، المعروف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة، الذي أبرم هذا الاتفاق في عهد إدارة أوباما، وكان يهدف إلى الحد من البرنامج النووي الإيراني مقابل رفع العقوبات الغربية.

وألمح مسؤولون أمريكيون إلى أنهم قد يدفعون إيران إلى تفكيك برنامجها النووي بالكامل، بما في ذلك برنامج الطاقة المدنية، وهو حق لطهران بموجب معاهدة نووية أبرمتها الأمم المتحدة.

ومع ذلك، رفض المسؤولون الإيرانيون هذا الاقتراح، ووصفوه بأنه غير قابل للتنفيذ، متهمين الولايات المتحدة باستخدامه ذريعة لإضعاف طهران وإسقاطها في نهاية المطاف.

وحسب شبكة "سي إن إن" الإخبارية الأمريكية، يقول خبراء إن طهران تعتبر برنامجها النووي أكبر مصدر نفوذ لها، وأن التخلي عنه سيعرض البلاد لمخاطر جسيمة، لكن الإدارة الأمريكية تقول أيضًا إنها لا تنظر فقط إلى اتفاق نووي محتمل، بل إنها تريد أيضًا إشراك إيران في مجموعة واسعة من القضايا، وفقًا لمسؤول كبير في الإدارة الأمريكية.

وأضاف المسؤول أن اجتماع السبت سيختبر مدى استعداد إيران لإجراء مناقشات رفيعة المستوى، قد تؤدي إلى مفاوضات حول برنامجها النووي، وبرنامج الصواريخ الباليستية، ودعمها للوكلاء في المنطقة.

وتابع المسؤول: "ستكون إيران حريصة على العودة إلى شيء مثل خطة العمل الشاملة المشتركة، لذا فإن السؤال هو: هل هم مستعدون لطرح أي خيار آخر على الطاولة؟".

وذكرت شبكة " أيه بي سي" الإخبارية الأمريكية، إنه رغم فتح خط اتصال مع إيران، فإن إدارة ترامب تلعب لعبة قاسية، مشيرة إلى أن الرئيس الأمريكي نفسه أوضح -مرارًا وتكرارًا- أن الخيار البديل لإيران للتوصل إلى اتفاق هو التعرض لهجوم عسكري، مما مهد الطريق لمواجهة دبلوماسية عالية المخاطر.

ونقلت الشبكة عن دورين هورشيج، وهي زميلة في مشروع القضايا النووية في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، وبيلي شيف، منسق البرنامج ومساعد البحث في البرنامج، أن استراتيجية إدارة ترامب تجاه إيران تطورت من نهج الولاية الأولى، الذي ركز على الضغط الاقتصادي الأقصى، إلى استراتيجية الولاية الثانية التي تجمع بين الدبلوماسية والتهديدات العسكرية والعقوبات، وأضافا أن الخطة تعتمد الآن على "التواصل الدبلوماسي والموقف العسكري والضغط الاقتصادي المستدام".

وأكد تريتا بارسي، نائب الرئيس التنفيذي لمعهد كوينسي للحكم المسؤول، في مقال رأي بمجلة "تايم" الأمريكية على أهمية الحوار بين البلدين، وقال: "إن ما يهم هو أنهم يتحدثون"، وأضاف: "رغم خطابه العدواني ومواقفه العسكرية، لا يستطيع ترامب تحمل حرب كبرى أخرى في الشرق الأوسط. لطالما كان مرشحًا يعد بإعادة القوات الأمريكية إلى الوطن، وليس توريطها في حرب جديدة".

وأشار بارسي إلى أن إيران تواجه آفاقًا اقتصادية متدهورة، وقال إن"طهران، التي تعاني بالفعل من عقوبات أمريكية واسعة النطاق، يجب عليها أيضًا أن تتعامل مع آلية الارتداد السريع في خطة العمل الشاملة المشتركة، وهي نوع من المكابح الطارئة المضمنة في الاتفاق والتي تسمح بإعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة تلقائيًا إذا انتهكت إيران شروط الاتفاق".

لكن رغم رغبة إدارة ترامب في المشاركة والضغوط الاقتصادية على النظام الإيراني، فإن المفاوضين قد يواجهون صعوبة في التوصل إلى اتفاق يمكن أن يحفز جميع الأطراف، وفق ما نقلت "أيه بي سي" عن السفير الأمريكي السابق لدى إسرائيل دانييل ب. شابيرو، وهو زميل بارز في مبادرة سكوكروفت للأمن في الشرق الأوسط التابعة للمجلس الأطلسي.

وقال شابيرو، نائب مساعد وزير الدفاع السابق لشؤون الشرق الأوسط والمستشار الكبير لمكتب شؤون الشرق الأدنى بوزارة الخارجية الأمريكية: "إذا أصبحت المحادثات جادة، فسوف يواجه الجانبان فجوات كبيرة".

وأشار شابيرو إلى أن ترامب، مثل إدارة بايدن التي سبقته، يسعى إلى اتفاق أقوى من خطة العمل الشاملة المشتركة، وقال: "تشمل أهدافه تفكيك البرنامج النووي الإيراني بالكامل.. واستنادا إلى سلوك إيران في جولات المفاوضات السابقة، لا يوجد ما يدعو للاعتقاد بأن طهران ستوافق على هذه الشروط".

وحتى لو وافقت إيران، فإن "شابيرو" يرى أن طهران من المرجح أن تتوقع تخفيفًا هائلًا للعقوبات، وهو أمر من غير المرجح أن يوافق عليه الكونجرس. وقال شابيرو: "يعلم ترامب وفريقه بالتأكيد أنه خلال فترة قصيرة نسبيًا، من المرجح أن يواجهوا لحظة اتخاذ القرار بشأن ما إذا كانوا سيواصلون توجيه ضربة عسكرية أم لا.. ولعل التوقيت والحاجة والفرصة أكثر إلحاحا مما هي عليه الآن".

ونقلت شبكة "إن بي سى نيوز" الأمريكية، عن ريتشارد ديرلوف، الرئيس السابق لوكالة الاستخبارات البريطانية، أنه يعتقد أن إدارة ترامب ستطلب ثمنًا باهظًا للغاية، وهو أن تتخلى إيران عن برنامجها النووي بالكامل، سواء للطاقة أو الأسلحة. وقال: "أعتقد أن هناك حدًا أدنى بالنسبة لترامب وإسرائيل وهو أن إيران يجب ألا تمتلك القدرة النووية".

وقال سيد حسين موسويان، المتخصص في أمن الشرق الأوسط والسياسة النووية في جامعة برينستون، والمتحدث السابق باسم إيران في المفاوضات النووية مع الغرب، إنه لا يعتقد أنه إذا فشلت المحادثات هذا الأسبوع في إنتاج مثل هذه النتيجة فإن "البديل الفوري سيكون الحرب".

وأضاف موسويان، أن الجانبين سيستخدمان المحادثات غير المباشرة كفرصة "لتقييم بعضهما البعض ونوايا الجانب الآخر".

وتشير "إن بي سى نيوز" إلى أن الوقت عامل حاسم، وقالت إنه مع إضعاف وكلاء إيران بشدة وتضرر دفاعاتها الجوية في ضربات متبادلة مع إسرائيل العام الماضي، تعتقد إسرائيل وصقور الجمهوريين في واشنطن أن الوقت قد حان للعمل العسكري ضد المواقع النووية الإيرانية.

وقال مسؤول أمريكي سابق، إن المفاوضات قد تكون نقطة انطلاق للجانبين "لمعرفة ما إذا كان من الممكن إجراء المزيد من المفاوضات".

وقال مسؤول أمريكي سابق تفاوض مع إيران بشأن القضايا النووية: "يوم السبت، في أحسن الأحوال، هو بمثابة تمرين لترتيب الطاولة، لتحديد ما إذا كان من الممكن التوصل إلى اتفاق".

وأضاف: "أعتقد أن إيران ستتظاهر بإظهار المرونة، فالشيطان يكمن في التفاصيل في المفاوضات النووية، ومن غير المرجح أن تُناقش التفاصيل في هذه المرحلة الافتتاحية".