الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

استهداف مستشفى المعمداني.. إسرائيل تدمر ما تبقى من مستشفيات غزة

  • مشاركة :
post-title
دمار في أعقاب الغارة الإسرائيلية على مستشفى المعمداني في غزة

القاهرة الإخبارية - عبدالله علي عسكر

في ساعة اخترقها صوت الطائرات وأزيز الصواريخ، استيقظت غزة مجددًا على مشهد لا ينتمي إلا لزمن الكوارث، صبي يحتضر في ممرات الإسعاف، ومرضى يهرولون إلى الشوارع بلا دواء أو مأوى، ومستشفى كان قبلة للألم والشفاء تحوّل إلى ركام من الذكريات والجراح.

لم تستهدف الغارة الإسرائيلية الأخيرة فقط مبنى مستشفى عام، بل ضربت في عمق ما تبقى من إنسانية على أرض تحاصرها الحرب، وتُجهز على ما تبقى من حياة، وحسب شبكة "سي إن إن" الأمريكية فإن هذه الضربة الجديدة طالت قلب النظام الصحي المتداعي في غزة.

آخر معاقل الرعاية الطبية

في الساعات الأولى من صباح اليوم الأحد، نفّذت قوات الاحتلال الإسرائيلية غارة استهدفت مستشفى المعمداني، الواقع في مدينة غزة، مدمرةً جزءًا منه، رغم كونه أحد آخر المستشفيات العاملة بكامل طاقتها في المدينة، وبحسب بيان صدر عن الكنيسة الأنجليكانية في القدس، وهي الجهة المشرفة على المستشفى، فقد سبقت الغارة تحذيرات مقتضبة لم تتجاوز عشرين دقيقة، وهو وقت بالكاد يسمح بإخلاء المرضى.

تقول الكنيسة: "إنّ الأضرار لحقت بأقسام حيوية في المستشفى، أبرزها قسم الطوارئ وقاعة الاستقبال، كما طالت الأضرار كنيسة القديس فيليب المجاورة"، وأكدت "أن صبيًا أصيب إصابة قاتلة في رأسه تُوفي أثناء عملية الإخلاء العاجلة، ولم يتم إحصاء الضحايا والشهداء حتى الآن".

من جهته، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي أن الغارة استهدفت ما وصفه بـ"مركز قيادة وتحكم" تابع لحركة حماس داخل المستشفى، لكنه لم يقدم أي دليل على ذلك الادعاء، وأكد الجيش أنه اتخذ ما وصفه بـ"الإجراءات اللازمة لتقليل الأضرار على المدنيين".

أما حركة حماس، فقد نفت بدورها أي استخدام للمستشفى لأغراض عسكرية، في بيان يناقض الرواية الإسرائيلية.

كارثة إنسانية

من داخل المستشفى نفسه، تحدث محمد أبو ناصر، أحد المرضى الذين كانوا يتلقون العلاج لحظة القصف، فوفق "سي إن إن"، قال: "توقعنا أن نموت جميعًا داخل المستشفى، لا علاج لي الآن، ولا شيء، الخيار الوحيد المتاح لي هو السفر إلى الخارج للعلاج"، ملخّصًا الواقع المُرّ لآلاف المرضى في غزة، الذين يجدون أنفسهم محاصرين بالموت من كل اتجاه.

بدورها، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية أن المستشفى قد أُغلق مؤقتًا، ووجهت المرضى إلى ثلاثة مستشفيات أخرى، في ظل نظام صحي هشّ أصلًا.

ووفقًا لأبرشية القدس، فقد أدت الغارة إلى تدمير مختبر الجينات المكوّن من طابقين، مضيفةً أن هذه هي المرة الخامسة التي يتعرض فيها المستشفى للقصف منذ أكتوبر2023.

انهيار النظام الصحي

يُعد مستشفى الأهلي المعمداني واحدًا من المؤسسات الطبية القليلة التي لا تزال تعمل في غزة، حيث يعالج يوميًا ما يقارب الألف مريض، وفي ظلّ الحصار الإسرائيلي، فقد تمّ تدمير مستشفى الشفاء الأكبر في القطاع العام الماضي، ولم يعد يستقبل المرضى سوى مؤخرًا، وبطاقة استيعابية محدودة جدًا.

أعرب الدكتور سامر عطار، الطبيب الأمريكي العامل ضمن الجسر الطبي الفلسطيني الأمريكي في المستشفى، عن قلقه البالغ من الوضع القائم، واصفًا إياه بـ"الوضع اليائس"، وأضاف: "الناس هنا مرهقون، جائعون، متعبون، مصابون... ليس فقط جسديًا بل نفسيًا أيضًا".

في المقابل، أفادت منظمة الصحة العالمية، عبر منشور على منصة "إكسط، بأن المستشفيات في غزة تعاني من حاجة ماسّة للمساعدات الإنسانية، وأشارت إلى أن السلطات الإسرائيلية منعت إرسال بعثتين طبيتين إلى مستشفيي المعمداني والإندونيسي، ما يزيد من تعقيد المشهد الإنساني هناك.

توسيع الحملة العسكرية

لا تقتصر تداعيات الغارة على المجال الصحي فحسب، بل تتسع لتشمل الأزمة الإنسانية الأكبر في غزة، فقد وسّع جيش الاحتلال الإسرائيلي عملياته البرية، منشئًا منطقة عازلة بين غزة والأراضي الإسرائيلية، ما أدى إلى دفع مئات الآلاف من السكان إلى مناطق ساحلية ضيّقة تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة.

وتقدّر الأمم المتحدة أنّ نحو 400 ألف شخص أُجبروا على مغادرة منازلهم خلال الأسابيع الثلاثة الأخيرة، في وقتٍ باتت فيه المستشفيات تُستخدم كملاجئ مؤقتة للنازحين.

وفي سياق التصعيد ذاته، استهدف جيش الاحتلال مبنى في منطقة دير البلح وسط القطاع، مشيرًا إلى أنه كان "مركز تحكم لحماس"، وأفاد الدكتور خليل الدقران، المتحدث باسم مستشفى شهداء الأقصى، أنّ ثلاث جثث نُقلت إلى المستشفى بعد الغارة، كما أسفرت غارة أخرى على سيارة عن مقتل سبعة أشخاص، بينهم ستة أشقاء.

نداء للرئيس الأمريكي

في خضم هذا التصعيد، أفرجت حركة حماس عن مقطع فيديو يُظهر المحتجز الأمريكي الإسرائيلي إيدان ألكسندر وهو يناشد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من أجل التدخل لإنقاذه، في محاولة واضحة لممارسة ضغط نفسي على الجانب الإسرائيلي، وقال ألكسندر، في المقطع الذي تبلغ مدته ثلاث دقائق: "إنه قضى 551 يومًا في غزة"، مشيرًا إلى أن الفيديو صُوّر أخيرًا، وقد طلبت عائلته من وسائل الإعلام الامتناع عن نشر الفيديو الكامل، مكتفية بنشر لقطة شاشة للشاب البالغ من العمر 21 عامًا.