الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

شهادات إسرائيلية مروعة من الحرب.. إبادة غزة هدفها التهجير وليس حماس

  • مشاركة :
post-title
إسرائيل اتبعت سياسة ممنهجة لحرق المنازل وتدمير المباني

القاهرة الإخبارية - عبدالله علي عسكر

في تطور آخر، تحدث جنود إسرائيليون عن سياسة ممنهجة لحرق المنازل وتدمير المباني، ليس فقط لأغراض عسكرية، بل كجزء من عقيدة جديدة تهدف إلى جعل غزة غير صالحة للعيش وتهجير سكانها.

مع استمرار الحرب في غزة لأكثر من 15 شهرًا، بدأت تتكشف المزيد من التفاصيل حول التكتيكات العسكرية المستخدمة والدمار الناجم عن العمليات العسكرية الإسرائيلية.

ناداف فايمان، الرئيس التنفيذي لمنظمة "كسر الصمت" الإسرائيلية، يتحدث عن شهادات عشرات الجنود الإسرائيليين، الذين شاركوا في العمليات، موضحًا مدى التأثير المدمر الذي أحدثته الحرب على القطاع، وفق تقرير نشره موقع "أسخن مكان في الجحيم" العبري.

شهادات الجنود

في التاسع من أكتوبر 2023، وسط حالة الذهول والرعب التي سيطرت على إسرائيل، كان أحد جنود سلاح الجو الإسرائيلي أول من أدرك أن قواعد الاشتباك قد تغيرت جذريًا.

ووفقًا لشهادته، تم منح القوات الضوء الأخضر لاستخدام الذخيرة والصواريخ دون قيود واضحة، وذكر الجندي أن الأمر العسكري كان بسيطًا: "لديكم طائرات بلا حدود، وصواريخ بلا حدود، أطلقوا النار على الجميع"، هذه التصريحات، التي أكدتها دراسات أجرتها منظمة "إيروورز"، تعكس تحولًا جذريًا في الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية بغزة.

وواصل فايمان أداء الخدمة الاحتياطية في الجيش الإسرائيلي، وعام 2012 شارك في عملية عمود الدفاع، وكان والده قائد كتيبة في المظليين وجده قائد كتيبة في حرب ما تعرف بالاستقلال وخدم شقيقاه الأكبر سنًا في وحدات النخبة وما زالا يخدمان في الاحتياط.

فايمان في أثناء خدمته العسكرية في دورية ناحال
منطق الاستهداف

وفقًا لما نقله موقع "أسخن مكان في الجحيم"، تعتمد القوات الإسرائيلية في عملياتها على مفهوم فضفاض لتعريف "الأهداف العسكرية"، وهو تعريف لا يتوافق مع المعايير الدولية.

إذ تُعامل المباني والأشخاص على أنهم "أهداف مشروعة" استنادًا إلى قرائن ظرفية، مثل وقوف أفراد يُعتقد أنهم من حماس أمام مبنى معين، ما يجعل المبنى بأكمله هدفًا للقصف، هذا النهج يثير تساؤلات جدية حول مدى التزام إسرائيل بالقانون الدولي الإنساني.

استراتيجية "إجراء البعوض"

بدأ ناداف فايمان رحلته في "كسر الصمت" بعد سنوات من الخدمة العسكرية في الجيش الإسرائيلي، إذ قرر الإدلاء بشهادته حول العمليات التي شارك فيها، وخلال الحرب الحالية، تمكنت المنظمة من جمع شهادات عشرات الجنود، بمن فيهم أفراد احتياط وعناصر في الخدمة النظامية، ووفقًا لفايمان، فإن ما يميز هذه الحرب هو الحجم غير المسبوق للعمليات العسكرية وشدة الدمار الذي لحق بالمدنيين والبنية التحتية في غزة.

من بين الشهادات الأكثر إثارة للجدل، تحدث جنود عن استخدام المدنيين الفلسطينيين كدروع بشرية، وهي ممارسة تُعرف باسم "إجراء البعوض"، وبحسب التقارير، يجبر الجنود المدنيين الفلسطينيين على السير أمامهم عند دخولهم المباني والأنفاق، ما يجعلهم في الخط الأمامي لأي كمائن محتملة.

وفي بعض الحالات، تم إجبار المدنيين على ارتداء الزي العسكري الإسرائيلي لجذب نيران العدو، هذه الممارسات، التي تم تأكيدها عبر عدة شهادات، تُثير إدانة واسعة من قبل منظمات حقوق الإنسان.

إحراق المنازل والمباني

وذكر أحد الشهود أن قادته أمروه بإشعال النار في المنازل، بينما أكد آخرون أن بعض الضباط أصروا على تدمير كل مبنى يتم إخلاؤه لضمان عدم عودة السكان إليه، وهذا النهج يعكس تحولًا في العقيدة العسكرية، إذ لم تعد العمليات تهدف فقط إلى استهداف المسلحين، بل إلى فرض واقع جديد على السكان.

وتعكس الشهادات أيضًا التأثير النفسي العميق للحرب على الجنود الإسرائيليين أنفسهم، وتحدث العديد منهم عن لحظات صادمة واجهوها في أثناء العمليات، بما في ذلك مشاهد قتل المدنيين والتدمير العشوائي.

وقال أحد الجنود: "أنا يهودي، ودرست التاريخ، ولا أستطيع تقبل أنني أُجبر على إحراق مكتبة أو منزل"، هذه التصريحات تشير إلى أزمة هوية داخل جيش الاحتلال الإسرائيلي، إذ بدأ بعض الجنود في التشكيك في أخلاقية ما يقومون به.

تأثير الحرب على الإسرائيليين

لم تقتصر تداعيات الحرب على غزة، بل امتدت إلى المجتمع الإسرائيلي نفسه، فبحسب فايمان، هناك فجوة بين الواقع على الأرض والصورة التي تنقلها وسائل الإعلام الإسرائيلية، إذ يتم تصوير الجيش على أنه "الأكثر أخلاقية في العالم"، بينما يتم تجاهل الشهادات التي تتحدث عن التجاوزات والانتهاكات، كما أن الأصوات المعارضة للحرب تواجه تهميشًا مستمرًا، إذ ترفض وسائل الإعلام الرئيسية نشر أي روايات تتعارض مع السرد الرسمي.

ومع استمرار الحرب، تواجه منظمة "كسر الصمت" ضغوطًا متزايدة، إذ يتعرض أعضاء المنظمة لحملات تشويه واتهامات بالخيانة، بينما تحاول الحكومة الإسرائيلية تقييد أنشطتهم.

ومع ذلك، يصر فايمان وزملاؤه على أن مهمتهم لا تتعلق بتشويه صورة الجيش الإسرائيلي، بل بتقديم رواية صادقة لما يحدث على الأرض، فيقول فايمان: "هدفنا ليس تحسين صورة الجيش، بل أن نجعل المجتمع الإسرائيلي يدرك الحقيقة ويفكر فيما نفعله في غزة".

واقع مرير للحرب

تكشف شهادات الجنود التي جمعتها "كسر الصمت" عن واقع مرير للحرب في غزة، إذ يتم انتهاك القوانين الدولية بشكل منهجي، وبينما تواصل الحكومة الإسرائيلية تجاهل هذه التقارير، يزداد الضغط الدولي لكشف الحقيقة.

الجيش الإسرائيلي تغير، وأصبح لديه المزيد من الضباط والقادة من الصهيونية الدينية والمكون الاستيطاني، الذي نما في عقليته أن الحياة الإنسانية للفلسطينيين أصبحت معدومة تقريبًا، ونتيجة لهذه العقلية، يقول فايمان "إنه فوجئ أيضًا بشدة "نزع الصفة الإنسانية عن الفلسطينيين، التي قفزت درجة واحدة بسبب السابع من أكتوبر".

وقال أحد الجنود الإسرائيليين: "عندما انتشرت مقاطع الفيديو على وسائل التواصل الاجتماعي حول ارتداء الجنود للملابس الداخلية النسائية الفلسطينية فهي كانت طريقة للانتقام من حماس بسبب مقاطع الفيديو، التي ظهرت في السابع من أكتوبر، فها نحن هنا داخل بيوتكم، ندمركم، نحرق بيوتكم، بعد أن أحرقتم الكيبوتسات".

ويشير إلى أن من وجهة نظر هؤلاء الجنود، أن هناك 2 مليون من سكان غزة، وهم جميعًا إرهابيون متطرفون، وهذا كل شيء، فهم لا يمكن أن يكونوا أشخاصًا لديهم حياة أو رغبات، وأماني، وتخيلات".