الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

50 عاما على الحرب الأهلية.. لبنان يسعى للتعافي من "الذكرى الأليمة"

  • مشاركة :
post-title
الحرب الأهلية في لبنان - أرشيفية

القاهرة الإخبارية - ياسمين يوسف

يصادف اليوم الأحد، ذكرى مرور 50 عامًا على الحرب الأهلية الطاحنة في لبنان، التي اندلعت 13 أبريل 1975 واستمرت 15 عامًا، أسفرت عن مقتل وإصابة الآلاف ونزوح وهجرة أكثر من مليون شخص، فضلًا عن الخسائر المادية التي قدرت بمليارات الدولارات.

إحياء الذكرى الـ50

استذكر رئيس الحكومة اللبنانية، نواف سلام، اليوم الأحد، الحرب اللبنانية في الذكرى الـ50 لاندلاعها، قائلًا: "إننا نقف اليوم لا لنفتح جراحًا، بل لنسترجع دروسا يجب ألا تُنسى"، مضيفًا: "لا دولة حقيقية إلا في احتكار القوات المسلحة الشرعية للسلاح".

واعتبر "سلام" الذي وضع إكليلًا من الزهر على نصب الشهداء في وسط بيروت، أنّ "كل الانتصارات كانت زائفة، وكل الأطراف خرجت خاسرة مهما تباينت الآراء حول أسباب الحرب، فهي تتقاطع عند مسألة غياب الدولة أو عجزها"، وفقًا لوسائل إعلام لبنانية.

وأثنى "سلام" الذي شارك في دقيقة صمت، على أهمية وحدة اللبنانيين، قائلًا: "هذه ساحة شهداء كل لبنان التي طالما جمعت بين اللبنانيين"، مؤكدًا أن ملف المفقودين اللبنانيين في السجون السورية سيكون من ضمن المباحثات خلال زيارته غدًا الاثنين، سوريا.

وافتتح مع وزير الثقافة اللبناني غسان سلامة، معرض صور عن الحرب الأهلية تحت عنوان "خمسون في خمسين"، بمقرّ المكتبة الوطنية "الصنائع"، في حضور عدد من الوزراء والنواب والهيئات الدبلوماسية والسياسية والاجتماعية.

حماية لبنان

ومن جهته؛ وجّه رئيس لبنان جوزيف عون، في كلمة متلفزة من قصر بعبدا مساء أمس السبت، رسالة إلى اللبنانيين في الذكرى الخمسين للحرب الأهلية، قائلًا "إن الدولة والجيش والقوى الأمنية الرسمية وحدها تحمي لبنان".

وأضاف "عون": "طالما أننا مُجمعون على أن أي سلاح خارج إطار الدولة أو قرارها من شأنه أن يُعرّض مصلحة لبنان للخطر لأكثر من سبب، فقد آن الآوان لنقول جميعًا لا يحمي لبنان إلا دولته، وجيشه، وقواه الأمنية الرسمية".

وتابع: "من واجبنا أن نكون قد تعلّمنا من الخمسين سنة الماضية أن العنف والحقد لا يحلّان أي معضلة في لبنان، وأن حوارنا وحده كفيل بتحقيق كل الحلول لمشكلاتنا الداخلية والنظامية، وأنه كلّما استقوى أحد بالخارج ضد شريكه في الوطن، يكون قد خسر كما خسر شريكه أيضًا، وخسر الوطن".

وأكد "عون" أنه "لا بد أن نذكر آلاف الشهداء الذين سقطوا من كل لبنان وفي كل أنحائه، منذ 13 أبريل 1975، وآلاف الجرحى الذين لا تزال جراحهم شاهدة، وآلاف العائلات التي لم تندمل جراحها بعد، والمفقودين الذين، هم وذويهم، سيبقون ضحايا الحرب الدائمين".

شرارة الحرب الأهلية

اندلعت الشرارة الحقيقية للحرب، 13 أبريل 1975، عندما أطلق مجهولون في حادث غامض، النار، ما أودى بحياة عنصرين من حزب "الكتائب" في عين الرمانة بضواحي العاصمة بيروت، كان أحدهما يعمل مرافقًا لرئيس الحزب بيار جميل.

ومع انتشار هذا الخبر الذي عُرف بـ"حادثة البوسطة"، اندلعت الاشتباكات بين فصائل مسلحة فلسطينية والكتائب في أنحاء المدينة، أدت هذه الحادثة إلى هجرة جماعية للمسلمين والمسيحيين.

وانقسمت بيروت إلى منطقتين عُرفتا بـ"المنطقة الشرقية" وأغلب سكانها مسيحيون لكنها محاطة بمخيمات الفلسطينيين، و"المنطقة الغربية" التي كانت مختلطة لكن أكثرية أهلها مسلمون، وسُمي الخط الفاصل بين المنطقتين "الخط الأخضر".

في 23 مايو 1989، عُقد مؤتمر قمة عربي غير عادي في مدينة الدار البيضاء بالمغرب، وكان من أبرز نتائجه تشكيل لجنة ثلاثية (المغرب والسعودية والجزائر) دعت إلى عقد مؤتمر بمدينة الطائف السعودية، لإعداد ومناقشة وثيقة الوفاق الوطني اللبناني، بحضور 62 نائبًا لبنانيًا يُمثلون الأحزاب الرئيسية المُتقاتلة وهي حركة أمل، والحزب التقدّمي الاشتراكي، والقوات اللبنانية، وحزب الكتائب.

وعقد المؤتمر، 30 سبتمبر 1989، بحضور 62 نائبًا لبنانيًا يُمثلون الأحزاب الرئيسية المُتقاتلة، ووقّع المجتمعون على وثيقة اتفاق الطائف - وثيقة الوفاق الوطني اللبناني التي وضعت بين الأطراف المتنازعة - التي أنهت الحرب الأهلية اللبنانية عام 1990.

خسائر هائلة

أسفرت الحرب عن مقتل نحو 150 ألفًا و300 ألف جريح، و17 ألف مفقود. كما تسببت في هجرة أكثر من مليون نسمة من أصل 3 ملايين ونزوح نحو 600 ألف شخص من 189 بلدة وقرية مسيحية وإسلامية، أي ما يعادل 21.8% من مجموع السكان، بحسب وسائل إعلام لبنانية. 

وقدرت خسائر الحرب المباشرة التي أصابت رأس المال الإنشائي والتجهيزي في القطاعين العام والخاص بنحو 25 مليار دولار أمريكي.

ولا يزال لبنان يعاني تداعيات هذه الحرب التي طويت عند توقيع اتفاق الطائف وإقرار دستور جديد.

وتواجه البلاد جملة من التحديات السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية، لا سيما في ظل التحولات الكبرى التي تشهدها المنطقة من تداعيات التصعيد بين حزب الله اللبناني وجيش الاحتلال الإسرائيلي في الجنوب وسقوط نظام بشار الأسد في سوريا.