في لحظة فارقة للسينما المصرية، يعود اسم مصر إلى المنافسة الرسمية في مهرجان كان السينمائي بعد غياب دام عشر سنوات، من خلال الفيلم الروائي الطويل "عائشة لا تستطيع الطيران" للمخرج مراد مصطفى، الذي اُختِير للمشاركة في مسابقة "نظرة ما" في دورته الـ77 المقررة في الفترة من 13 إلى 24 مايو المقبل.
ورغم أن هذه المشاركة تعد الثانية للمخرج بالمهرجان، بعد عرض فيلمه القصير "عيسى" ضمن أسبوع النقاد العام الماضي، لكنها تحمل هذه المرة طابعًا أكثر خصوصية، إذ تمثل عودة مصرية مرتقبة بعد آخر مشاركة رسمية بفيلم "اشتباك" للمخرج محمد دياب عام 2016.
خمس سنوات
في حديثه لموقع "القاهرة الإخبارية"، كشف مراد مصطفى عن أن الفيلم استغرق خمس سنوات من العمل، بين مراحل التطوير والإنتاج، إذ بدأ المشروع من "سيني جونة" بمهرجان الجونة السينمائي، ثم شارك في مهرجان البحر الأحمر، وتلقى دعمًا من عدة جهات إقليمية ودولية، قبل أن يشهد مرحلة تطوير رئيسية في مهرجان كان قبل عامين.
وأضاف "مصطفى" أن الفيلم إنتاج مشترك بين سبع دول، هي مصر وفرنسا وألمانيا وتونس والسعودية وقطر والسودان، وتم تصويره في صيف العام الماضي، وأعرب عن سعادته بوصول الفيلم إلى قسم رسمي بمهرجان كان، مؤكدًا أن هذا القسم لم يمثَّل فيه أي فيلم مصري منذ "اشتباك"، وهو ما يعد إنجازًا كبيرًا.
الواقع والخيال
يشير "مصطفى" إلى أن "عائشة لا تستطيع الطيران" يتناول قصة فتاة من جنوب السودان تُدعى عائشة، تعيش في حي عين شمس الشعبي -وأنه كان يعيش في المنطقة من قبل- الذي يجمع بين سكان مصريين ومهاجرين أفارقة، وتعمل عائشة في مجال الرعاية الصحية المنزلية، وتتنقل من بيت إلى آخر، لتجد نفسها في مواجهة مع أحد شباب العصابات الذي يعرض عليها الحماية مقابل خدمة مشبوهة، فتبدأ أحلامها في الاختلاط بالواقع.
وأوضح المخرج أن الفيلم لا يستند إلى قصة حقيقية، بل هو مزيج من الواقعية السحرية والدراما والفانتازيا، ويحتوي على أبعاد رومانسية وتشويقية وحركة "أكشن"، مضيفًا: "لا أؤمن بالأفلام التي تطرح رسالة مباشرة أو قضية محددة، بل أفضّل الأعمال التي تلامس مشاعر الناس".
ميزانية كبيرة
ورغم الاعتقاد السائد بأن الأفلام المستقلة قليلة التكلفة، أشار "مصطفى" إلى أن هذا المفهوم شائع فقط في مصر، موضحًا أن فيلمه وصلت ميزانيته إلى نحو 35 مليون جنيه، مدعومًا من عدة جهات دولية. وأضاف أن الفيلم قد لا يكون جماهيريًا في مصر، لكنه مُعد لينافس في السوق العالمية، وأن طبيعة الأفلام التي تنافس في مهرجانات دولية لديها الفرصة أن تعرض في أكثر من 150 دولة، لا سيما بعد مشاركتها في مهرجان كان أو برلين، وهو ما يعزز من فرص تعويض تكلفته عبر دور العرض الدولية.
خطة طرحه جماهيريًا
يؤكد "مصطفى" أن الفيلم، الذي عُرض منه 15 دقيقة في عدد من المهرجانات الدولية، سيشهد عرضه الكامل لأول مرة في مهرجان كان، مع ترجمة باللغتين الإنجليزية والفرنسية، مشيرًا إلى وجود خطة لعرضه جماهيريًا في دور العرض عالميًا، ليفتح بابًا جديدًا أمام السينما المصرية المستقلة ذات الإنتاج النوعي والمستوى الفني العالمي.