الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

تحديات "شي" المتتالية.. من كوفيد-19 إلى حرب ترامب الاقتصادية

  • مشاركة :
post-title
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الصيني شي جين بينج

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

تشهد العلاقات بين أكبر اقتصادين في العالم توترًا غير مسبوق مع تصاعد حرب الرسوم الجمركية بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الصيني شي جين بينج، في حين تشير صحيفة "نيويورك تايمز"، إلى رفض الأخير للتراجع في هذه المواجهة التي قد تشكِّل أكبر تحدٍ لقيادته منذ جائحة كوفيد-19.

تصعيد المواجهة التجارية

تشير الصحيفة الأمريكية إلى أن الأزمة بدأت عندما أطلق ترامب خطة لفرض رسوم جمركية مرتفعة على الواردات العالمية، لكنه تراجع بشكل مفاجئ وأعفى جميع الدول باستثناء الصين، الذي رفع عليها الرسوم لتصل إلى 104% في 8 أبريل، لترد بكين على هذا الإجراء في اليوم التالي برفع الرسوم إلى 84%، ولكن واشنطن لم تنتظر كثيرًا إذا ردت في نفس اليوم برفع الرسوم 145%.

وفي رد قوي اليوم الجمعة 11 أبريل، صعّدت بكين موقفها برفع الرسوم على الواردات الأمريكية إلى 125%، متجاهلة المخاوف من تعميق الركود الاقتصادي الذي تعاني منه البلاد.

وفي أول تصريح علني له حول الأزمة، قال "شي"، خلال استضافته لرئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز: "لن يكون هناك رابحون في حرب الرسوم الجمركية، والوقوف ضد العالم سيؤدي فقط إلى العزلة".

وأضاف: "لأكثر من 70 عامًا، اعتمدت الصين دائمًا على الاعتماد على الذات والعمل الجاد.. لم تعتمد أبدًا على هدايا أي شخص وليست خائفة من أي قمع غير معقول".

آليات الصمود

ولفتت "نيويورك تايمز" إلى أن الرئيس الصيني يتمتع بموقع قوي يمكّنه من الصمود في وجه الضغوط الأمريكية لعدة أسباب، إذ يقول جوزيف توريجيان، الأستاذ المشارك في الجامعة الأمريكية بواشنطن: "شي أمضى حياته المهنية بأكملها في تقوية البلاد تحديدًا لهذه اللحظة.. من المرجح أنه يعتقد أن النظام السياسي الصيني متفوق على النظام الأمريكي لأنه يتمتع بتماسك وانضباط أكبر".

كما أن هذه المواجهة تعزز روايته المتكررة حول العداء الغربي تجاه الصين، وهو ما يبرر نهجه الشامل للأمن القومي والاستثمار العسكري الكبير.

وتضيف جيسيكا تيتس، خبيرة السياسة الصينية في كلية ميدلبري: "هذا سيعفي شي فعليًا من تحمل مسؤولية نقص النمو الاقتصادي في الصين.. إنها بطاقة (اخرج من السجن مجانًا) بالنسبة له".

التعبئة الوطنية الصينية

تعمل آلة الدعاية الصينية بكامل طاقتها لحشد الدعم الشعبي لمواجهة طويلة الأمد، إذ نشرت صحيفة الشعب اليومية، لسان حال الحزب الشيوعي، افتتاحية شبهت فيها واشنطن بعصابة من القراصنة، بينما دعا مسؤول صيني إلى "جيش دبلوماسي حديدي" يكون "مواليًا للحزب، شجاعًا في تحمل المسؤولية، جريئًا في القتال".

وفي خطوة رمزية قوية، نشرت ماو نينج، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، مقطع فيديو لخطاب تاريخي ألقاه ماو تسي تونج، مؤسس جمهورية الصين الشعبية وزعيمها التاريخي، خلال الحرب الكورية أعلن فيه: "بغض النظر عن مدة استمرار هذه الحرب، لن نستسلم أبدًا". وأضافت معلقة: "نحن صينيون.. نحن لا نخاف من الاستفزازات.. نحن لا نتراجع".

التحدي الاقتصادي الحقيقي

وأوضحت الصحيفة الامريكية أنه رغم قوة موقفه السياسي، يواجه شي تحديًا اقتصاديًا كبيرًا قد يهدد استقرار البلاد، إذ إن الرسوم الجمركية الأمريكية التي وصلت إلى 145% تهدد صادرات الصين البالغة 400 مليار دولار سنويًا إلى الولايات المتحدة، أكبر سوق لمنتجاتها.

بدأت المؤشرات السلبية تظهر بالفعل، إذ أغلقت مصانع بالقرب من مركز التصنيع في جوانجتشو أبوابها حتى تتضح الصورة.

وإذا انتشرت هذه الإغلاقات، فستفاقم أزمة البطالة في الصين، مما يزيد من صعوبة إنعاش اقتصاد يعاني بالفعل من أزمة عقارية وتراجع في ثقة المستهلكين والمستثمرين.

دروس من أزمة كورونا

تجربة شي مع أزمة كوفيد-19 تقدم دروسًا مهمة لإدارته للأزمة الحالية، إذ إنه في البداية، حظيت استجابته للجائحة بإشادة واسعة، ونجحت في إبقاء معدلات الإصابة منخفضة لأكثر من عامين.

لكن تمسكه بسياسة "صفر كوفيد" الصارمة حتى عام 2022، بينما تعلم العالم التعايش مع الفيروس، أثار غضبًا شعبيًا أدى إلى احتجاجات غير مسبوقة.

يقول توريجيان: "قد لا يكون السكان الصينيون في مزاج تضحية بعد كوفيد.. الاقتصاد يكافح للتعافي.. أشك كثيرًا في أن شي أعمى عن تلك المشكلة"، مضيفًا: "الاضطرابات الاقتصادية تظل خطيرة لأنك لا تعرف أبدًا مدى سوءها وما إذا كانت ستتحول إلى شيء أسوأ".

هل هناك مخرج للأزمة؟

رغم التصعيد المتبادل، تبقى هناك فرصة للتهدئة، إذ أكدت الصين أنها لا تريد حربًا تجارية، لكنها تصر على أن أي صفقة يجب أن تقوم على المعاملة المتكافئة.

ويشير المحللون إلى أن الواقع الاقتصادي قد يدفع شي لقبول مخرج من المواجهة إذا عرضه ترامب.

وفي تطور لافت، اتخذ ترامب نبرة أكثر ليونة أمس الخميس، قائلًا إن شي "كان صديقًا لي لفترة طويلة"، وأضاف: "سنرى ماذا سيحدث مع الصين.. نود أن نتمكن من إبرام صفقة".