- نحتاج 2.5 تريليون دولار بقطاع التشييد والبناء في إفريقيا خلال السنوات الخمس المقبلة
- بنك التنمية الإفريقي يمول مشروعات بنحو 170 مليار دولار سنويًا
- إفريقيا تحتاج 10 ملايين وحدة سكنية منخفضة التكاليف كل عام
- سد جوليوس نيريري كشف قدرة الشركات المصرية
مشروعات عملاقة تقودها الشركات المصرية في قارة إفريقيا، أبرزها سدّ جيوليوس نيريري التنزاني، بجانب مشروعات أخرى في 22 دولة بالقارة السمراء، تبلغ قيمتها نحو 3 مليارات دولار، وتنفذها 22 شركة، وحاور موقع "القاهرة الإخبارية"، المهندس حسن عبد العزيز، رئيس الاتحاد الإفريقي لمقاولي التشييد والبناء، الذي كشف عن دور الشركات المصرية في القارة، إضافة إلى خطة الاتحاد في الفترة المقبلة، وأهم التحديات التي تواجهها الشركات المصرية في إفريقيا.
وإلى نص الحوار:
** بداية.. ما تقييمك لصناعة التشييد والبناء في إفريقيا؟
في البداية، أود الإشارة إلى أن القارة الإفريقية لا تزال بكرًا، إذ كانت تحت الاستعمار لسنوات طويلة، اهتّم خلالها بالحصول على الثروات، دون إنشاء بنية تحتية جيدة، سواء طرق أو مرافق، ولم يهتم إلا بتشييد سكك حديدية تخدم مصالحه، وبالتالي تجد اليوم في القارة أعلى معدلات في العالم في قطاع البناء والتشييد، وهناك مشروعات في كل الدول، تتركز في مجال البنية التحتية، ونحتاج خلال الخمس سنوات المقبلة نحو 2.5 تريليون دولار، حتى يتم تحسين البنية التحتية والإسكان، وأذكر هنا أن بنك التنمية الإفريقي يمول مشروعات مياه وصرف وكهرباء وطرق، بنحو 170 مليار دولار كل عام.
** إذن.. كم تقدر حجم الأعمال المطلوبة سنويًا في القارة السمراء؟
تعداد القارة الإفريقية اليوم، يبلغ نحو مليار و350 مليون نسمة، وسيصبحون في 2050، نحو 2.5 مليار بزيادة تقترب من الضعف تقريبًا، وبالتالي نحتاج كل عام لتنفيذ ما لا يقل عن عشرة ملايين وحدة سكنية "منخفضة التكاليف" لأصحاب الدخل المنخفض، بعيدًا عن الإسكان الفاخر.
** كم يبلغ عدد الشركات المصرية العاملة في إفريقيا؟
لدينا 22 شركة مصرية تعمل في إفريقيا، لكننا نهدف لأن يصل هذا العدد إلى 50 شركة على الأقل خلال الفترة المقبلة، ليتضاعف الرقم إلى 150 شركة، سواء الشركات التي تعمل في مجالات متعددة، أو المتخصصة في مجال معين، وبالفعل تقدمت 50 شركة للعمل في إفريقيا، ولكن نظرًا لحجم الأعمال الكبير في كل شبر في مصر، أجلت بعض الشركات أعمالها في القارة.
** ما ملامح نظرة الاتحاد المستقبلية لعمل الشركات المصرية بالقارة السمراء؟
يجب العمل على تشجيع الشركات المصرية على العمل بالخارج، ففي مصر لدينا نحو 35 ألف شركة مقاولات، ونحو 20 مليون عامل، منهم عمالة منتظمة تقدر بـ4 ملايين، ونحو 12 مليون عمالة غير منتظمة، وبالتالي يجب أن نهيئ الأجواء لهذه الشركات من أجل العمل في الخارج، خاصة وأن تلك الشركات لديها من الخبرات ما يؤهلها للعمل في الخارج، علاوة على تعدد مميزات العمل في الخارج، ومنها توفير فرص عمل إلى جانب توفير عملة صعبة، بالإضافة إلى ذلك، تعد شركات المقاولات من وسائل القوة الناعمة التي تسهم في تطوير وتحسين العلاقات بين الدول.
** كيف ترى سد جوليوس نيريري الذي نفذته الشركات المصرية في تنزانيا؟
يعد من أبرز المشروعات التي نفذتها الشركات المصرية في إفريقيا، وقد أنجزنا بناء السد في 3 سنوات فقط، وهي مدة قياسية، وبالفعل بدأ السد في العمل، وسيبدأ في توليد الكهرباء قريبًا، وأصفه بأنه "باكورة إنتاج"، جعلت العالم يرى إمكانات الشركات المصرية، وكيف تم إنجاز هذا العمل في 3 سنوات، كما أن لدينا مشروعات سدود في دول إفريقية أخرى.
** ما أهم الدول الإفريقية التي تتركز فيها أعمال الشركات المصرية؟
تعد مصر من أولى الدول التي بدأت شركاتها العمل في القارة السمراء، ووصلت عدد الدول التي عملت بها شركة المقاولون العرب إلى 22 دولة، وحاليًا لدينا مشروعات في 15 دولة، وأكثر من مشروعين في 12 دولة وإذا استثنينا سد تنزانيا، تأتي الكونغو الديمقراطية في المقدمة، ثم كينيا وموزمبيق وجنوب السودان، إلى جانب زيمبابوي وكوت ديفوار، وغيرها.
** كم يبلغ حجم أعمال الشركات المصرية في إفريقيا؟
يصل حجمالمشروعات التي تنفذها الشركات المصرية في إفريقيا إلى 3 مليارات دولار، منها سد تنزانيا 2.5 مليار، والباقي نحو 500 مليون دولار بباقي الدول الإفريقية.
** وما أبرز المشروعات العملاقة التي تعمل بها الشركات المصرية في إفريقيا؟
هناك مجموعة مشروعات ضخمة، منها إنشاء مدن جديدة ومحطات طاقة شمسية، وتحلية مياه، ونتيجة تغير المناخ ومعاناة بعض الدول من السيول والفيضانات والجفاف، ونظرًا لوعي الدول بدا جليًا أهمية الحفاظ على كل قطرة مياه، فأصبح هناك مشروعات سدود وحواجز وخزانات مياه، ومشروعات أخرى لتحلية مياه البحر والمياه الجوفية، وأيضًا هناك مشروعات للاستفادة من الطاقة الشمسية ومحطات لإنتاج الكهرباء من طاقة الرياح.
وكم تقدر قيمة مشروعات الشركات المصرية في الكونغو الديمقراطية؟
لدينا عدد كبير من المشروعات في الكونغو الديمقراطية تحت التنفيذ، والرئيس فيليكس تشيسكيدي كان في مصر، منذ حوالي عام ونصف العام، ووقعنا بعض الاتفاقات لإقامة مشروعات متعددة، وتقدر الاستثمارات في الكونغو وحدها بنحو 300 مليون دولار حتى الآن.
** ماذا عن كوت ديفوار؟
زرنا كوت ديفوار، بناءً على دعوة وزير الإسكان الإيفواري، بعد جولة اصطحبته فيها لرؤية المشروعات القومية في مصر، وأثناء الزيارة عرض وزراء الحكومة العديد من المشروعات، فمثلًا طلب من نظيره المصري عاصم الجزار مشروعات سكنية، إلى جانب طلبه من وزير السياحة والآثار المصري أحمد عيسى، إنشاء 4 بحيرات، ولكن تلك المشروعات تحتاج إلى مستثمرين وشركات من مصر، إلى جانب أن لديهم بطولة الأمم الإفريقية عام 2025.
كما طلب الجانب الإيفواري إنشاء 4 فنادق لإقامة اللاعبين، وإنشاء مستشفى عام كبير به جميع التخصصات في كل ولاية من الولايات الـ11، وأيضًا عرض علينا وزير الكهرباء مشروع طاقة شمسية يشبه محطة بنبان، وهناك عقود وقعناها بالفعل، وهناك عقود أخرى تحت الدراسة، وحتى الآن الاستثمارات المضمونة تقدر بنحو 60 مليون دولار.
** في زيمبابوي يجري الحديث عن إنشاء قرية ذكية.. ما تفاصيل المشروع؟
كنت على رأس وفد في زيمبابوي من حوالي شهر وفوجئت بإيدي كريس رئيس جمعية رجال الأعمال بدول جنوب إفريقيا، يقول إنه في غاية السعادة بوجود وفد من قطاع البناء والتشييد المصري، وقال إن مصر دولة يحتذى بيها في إنشاء هذه المشروعات، وقال لممثلي دول مختلفة في الاتحاد إن عليهم اكتساب الخبرة من الشركات المصرية ويتعاونوا معها.
ولا تقتصر المشروعات في زيمبابوي على المدينة الذكية، فمؤخرًا زار وزير الإسكان في زيمبابوي مصر، ورأي مشروعات تطوير العشوائيات وأيضا زار العاصمة الإدارية الجديدة، وطلب منّا زيارتهم، وبالفعل قمنا بالزيارة وتحدث عن إنشاء مشروع إسكان اجتماعي، ونصحناه بأن يتضمن المشروع أيضا مشروع إسكان متوسط وفاخر، حتى يضمن تمويل البنوك، واستجاب بالفعل.
وبالنسبة للمدينة الذكية، طلبنا دراسات معينة حتى تبدأ مكاتبنا الاستشارية بعمل التصميمات، وهم يتحدثون عن إنشاء مدينة على مساحة نحو 2500 فدان، وأتوقع أن تكون استثمارات ضخمة، تقدر بالمليارات.
** بالحديث عن المدن الذكية.. ماذا عن مستقبل البناء في العالم؟
أسلوب البناء في طريقه للتغير بشكل كبير جدًا، هناك مستحدثات في مواد البناء، إذ يتم عزل المنزل بشكل جيد، من مواد وخامات جيدة، وبالتالي لن نحتاج فيما بعد لأي أجهزة لتكييف الهواء ولا وسائل تدفئة، وهو ما يسمى البناء الأخضر، والبناء الذكي، إذ يتم إدارة المنزل بالكامل بالوسائل التكنولوجية من الخارج، وهي مشروعات بدأنا بها بالفعل لتوفير الطاقة.
** تحدثت عن إشادة بالشركات المصرية.. ما الذي يميزها عن شركات الدول الأخرى؟
تتميز الشركات المصرية بميزة غير موجودة لدى باقي الشركات، فمثلا الشركات الصينية عندما تأخذ مشروعًا، تذهب بمعداتها ومواد البناء والمهندسين والعمالة وحتى الكرافانات والأطعمة، وبالتالي شركات المقاولات في الدولة التي يعملون بها ومصانع تتعرض للإفلاس، أما نحن نتصرف بذكاء عملًا بمبدأ "المكسب للجميع"، لو كانت هناك موارد متوفرة نستخدمها، إلى جانب الاعتماد على عمالة من الدولة التي نعمل بها، وبالتالي نوفر لهم فرص عمل، إلى جانب تدريب تلك العمالة، أيضًا أتاحت المشروعات العملاقة على كل شبر في مصر، فرصة تدريب عظيمة لكل الشركات المصرية، والعمالة الموجودة بها، وأصبحت شركات صاحبة خبرة كبيرة، تمتلك عمالة ماهرة مدربة.
** ماذا نحتاج حتى تقود الشركات المصرية التنمية في إفريقيا؟
هناك بعض المشكلات، التي يجب حلها، مثل مسألة وجود البنوك المصرية في إفريقيا، وهذا أهم عائق تواجهه شركاتنا، ونتمنى قيام بنك مصري بتمويل المشروعات وإصدار خطابات الضمان، وكذلك مشاركة شركات التأمين المصرية، ولحل هذه المشكلة مؤقتًا تعاقدنا مع البنك التجاري "وفا"، وهو بنك مغربي له 4500 فرع في دول غرب ووسط إفريقيا، ولكننا ننتظر من البنوك المصرية أن تفتتح المزيد من الفروع بكل دول القارة، أيضًا تحتاج الأعمال إلى تسهيلات أخرى منها الدعم السياسي والتخفيضات الضريبية، وتمنى زيادة عدد المكاتب التجارية، وأن يكون هناك صندوق مخاطر، لتعويض الشركات إذا حدث أي شيء طارئ في الدول الإفريقية كانقلاب أو حرب أهلية أدت إلى توقف الأعمال، بالتالي يعوض الشركات عما تتعرض له حتى لا تتعرض للإفلاس، نحتاج إلى مزيد من التواجد لشركة "مصر للطيران" في إفريقيا، إلى جانب تواجد أسطول شحن بحري وأسطول شحن جوي حتى الانتهاء من الطرق التي تربط القارة السمراء ببعضها وتفعيل النقل البري.
ولكن يجب أن أشير إلى الدعم المتواصل من قبل سفراء مصر بالدول الإفريقية، ودورهم الكبير في متابعة المشروعات، وحضور الاجتماعات معنا، وإمدادنا بالمعلومات بعد سفرنا إلى مصر، شباب متحمس ويرغب في العمل والإنجاز.
** هل هناك شبكة طرق يتم تنفيذها لربط بين دول القارة السمراء؟
في بداية عام 2022 تم توقيع اتفاقية التجارة الحرة بين الدول الإفريقية، لكنها لم تدخل حيز التنفيذ بعد، نحتاج أن يكون هناك سهولة في نقل التجارة بين البلدان الإفريقية وبعضها، وبالفعل هناك شبكة طرق جارٍ تنفيذها، منها طريق القاهرة كيب تاون، يصل بين مصر والسودان وإثيوبيا وقد يصل إلى جنوب إفريقيا، وهو شريان طولي من شمال القارة وحتى جنوبها، أيضا هناك شريان آخر، وطريق يتم إنشاؤه بين جيبوتي وحتى داكار عاصمة السنغال، وأيضًا في مصر هناك طريق استراتيجي جاري العمل به من شرق العوينات جنوب مصر إلى جنوب ليبيا ثم تشاد، وهي مجهودات تبذل لربط القاهرة، حتى تسهل التجارة البينية.
** طالبت لجنة الإسكان بمجلس النواب بكيان خاص لدعم شركات المقاولات المصرية في إفريقيا.. ما تصورك لهذا الكيان وآليات عمله؟
نؤيد ما طالب به مجلس النواب المصري، وقد طالبنا بذلك من قبل، وعبرنا عن احتياجنا إلى مجلس تصديري للمقاولات ومواد البناء، بعيدًا عن المجلس التصديري الحالي الخاص بكل المنتجات، نحتاج أن يكون هناك مجلس متخصص في ثلاثة بنود "المقاولات ومواد البناء والمكاتب الاستشارية"، يقوم بحل مشاكلهم، فنظرًا لأهمية القطاع، أقل مشروع يمكن أن تصل قيمته إلى 100 مليون دولار.
وأشير إلى أن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي تحدث مؤخرًا عن السعي للوصول بالصادرات إلى 100 مليار دولار سنويًا، وأنا أقول إنه إذا تم حل مشكلات قطاع التشييد والبناء سوف نستطيع التصدير بـ 150 مليار دولار سنويًا.