الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

بارديلا يصعد ولوبان تُقصى.. تحولات مصيرية في مستقبل اليمين الفرنسي

  • مشاركة :
post-title
جوردان بارديلا ومارين لوبان

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

يشهد الشارع السياسي الفرنسي تحولًا مع صعود جديد لليمين المتطرف وإقصاء قضائي لزعيمته التاريخية، في تطورات قد تعيد تشكيل السياسة الفرنسية والأوروبية لسنوات قادمة.

صعود جوردان بارديلا

كشفت صحيفة "بوليتيكو" أن جوردان بارديلا، صاحب الـ28 عامًا، رئيس حزب التجمع الوطني، استطاع خلال عقد من العمل السياسي أن يصبح ظاهرة سياسية لافتة، محافظًا على بريقه رغم خوضه غمار السياسة المضطربة.

كمرشح حزبه الرئيسي لانتخابات البرلمان الأوروبي، يتفوق بارديلا على منافسيه في استطلاعات الرأي بفارق كبير، حيث يخطط نحو ثلث الناخبين الفرنسيين للتصويت لصالح التجمع الوطني.

وأصبح بارديلا، بمظهره الأنيق وهدوئه اللافت، نجمًا على منصة تيك توك، مستخدمًا جاذبيته الشبابية وابتسامته المدروسة بعناية لاستقطاب أصوات الشباب.

وعندما أعدت صحيفة "جي دي دي" الأسبوعية الفرنسية قائمة بأكثر 50 شخصية شعبية في فرنسا، كان بارديلا السياسي الوحيد الذي ظهر فيها.

خلفية بارديلا

وُلد بارديلا في عائلة عاملة من أصول إيطالية هاجرت إلى فرنسا في الستينيات، ونشأ في مساكن شعبية بضاحية سان دوني الفقيرة شمال باريس، المعروفة بمشكلات الجريمة والمخدرات.

انضم إلى التجمع الوطني في سن المراهقة، وترك الجامعة للانخراط في العمل السياسي.

ويتبنى بارديلا الخطاب التقليدي للتجمع الوطني، منتقدًا الجرائم المرتبطة بالمخدرات في الضواحي الفرنسية، مستغلًا خلفيته الصعبة كتناقض حاد مع نخبة باريس السياسية.

منتقدو بارديلا يشككون في روايته، مشيرين إلى أن والده كان ميسورًا نسبيًا، ووفر له تعليمًا في مدرسة خاصة وعطلات خارج البلاد.

المشهد السياسي الأوروبي

تمثل شعبية بارديلا وصعود اليمين المتطرف عبر القارة الأوروبية تغييرًا جذريًا في المشهد السياسي، مع انهيار الحواجز التقليدية التي كانت تبعد الأحزاب القومية المشككة في الاتحاد الأوروبي عن السلطة.

نقلت "بوليتيكو" عن شخصية بارزة من مجموعة ماكرون في البرلمان الأوروبي قوله: "هناك خطر حقيقي من أن أوروبا ستدخل مرحلة جمود، مع طموحات محدودة".

وأشارت الصحيفة إلى أن ستة من حكومات الاتحاد الأوروبي السبع والعشرين، بما فيها إيطاليا، تضم أحزابًا كانت تُعتبر يمينًا متطرفًا، وتستعد هولندا للانضمام إلى صفوفهم.

ورغم أن الأداء القوي في انتخابات البرلمان الأوروبي لن يضمن وصول التجمع الوطني إلى قصر الإليزيه، فإنها تُعد مؤشرًا هامًا قبل الانتخابات الرئاسية عام 2027، التي كان من المتوقع أن تخوضها مارين لوبان بفرصة كبيرة للفوز.

ضربة قضائية

في تطور هز الساحة السياسية الفرنسية، أفادت صحيفة "لو موند" الفرنسية أن المحكمة الفرنسية أدانت مارين لوبان باختلاس ملايين من أموال البرلمان الأوروبي لدفع رواتب موظفي حزبها بالمخالفة للقواعد.

وشمل الحكم 24 عضوًا آخر من حزب التجمع الوطني، مع فرض حظر لمدة خمس سنوات على لوبان من تولي المناصب العامة، دخل حيز التنفيذ فورًا، مما يجعلها غير مؤهلة للانتخابات الرئاسية عام 2027 التي كانت تتصدر استطلاعاتها.

وتعلقت القضية باستخدام التجمع الوطني أموال البرلمان الأوروبي بين 2004 و2016 لتمويل عمال الحزب الذين لم يكن لهم دور في البرلمان الأوروبي.

وبحسب صحيفة "ذا جارديان" البريطانية، كانت الأدلة "دامغة للغاية"، حيث تضمنت أشخاصًا يتقاضون رواتب من البرلمان الأوروبي دون أن يطأوا بروكسل ولو مرة واحدة، من بينهم سائق عائلة لوبان.

بارديلا البديل المحتمل

بعد صدور الحكم، تحدث جوردان بارديلا كما لو أن ترشح لوبان انتهى، قائلًا: "اليوم لم تتم إدانة مارين لوبان وحدها بشكل غير عادل، بل تم قتل الديمقراطية الفرنسية".

يقول جون هينلي، مراسل "ذا جارديان" في باريس، إن لوبان تواجه خيارًا صعبًا: "هل تقبل الحكم وتحشد الدعم لبارديلا كبديل لها، أم تحاربه وتدفع برواية 'القضاة النشطاء' محاولةً إسقاط النظام السياسي الفرنسي؟"

وأضاف هينلي أن بارديلا، البالغ من العمر 28 عامًا، يُعد بديلًا محتملًا ولكنه قليل الخبرة: "تم إعداده ليكون رئيسًا للوزراء، لكن داخل الحزب يرى معظم الأعضاء أنه صغير جدًا على الرئاسة. إنه شعبي بين الناخبين، لكن في التسلسل الهرمي للحزب يُنظر إليه على أنه متكبر بعض الشيء".

التداعيات السياسية

يشير هينلي إلى أن "قاعدة الحزب متحمسة بالفعل لفكرة أن النظام ضدهم، جزئيًا بسبب تاريخ الجبهة الجمهورية"، في إشارة إلى تعاون الأحزاب التقليدية من اليمين واليسار الوسطي لإبقاء المتطرفين خارج السلطة.

ويضيف: "من الصعب المبالغة في مدى سعي لوبان لتقديم نفسها كمعتدلة خلال العقد الماضي، وتخليها عن ذلك لصالح مهاجمة القضاة سيكون اختبارًا كبيرًا لموقف ناخبيها المحتملين".

ورغم أن الحكم لا يجبر لوبان على التنازل عن منصبها الحالي كنائبة في البرلمان الفرنسي، فإن بإمكانها استخدام موقعها لإسقاط حكومة الفرنسية بقيادة فرانسوا بايرو عبر تقديم اقتراح بحجب الثقة، مما قد يزيد من اضطراب المشهد السياسي الفرنسي.