تسعى شركات الروبوتات الأمريكية إلى دفع الحكومة لاعتماد استراتيجية وطنية لتعزيز الصناعة، في وقت تضع فيه الصين تطوير الروبوتات الذكية ضمن أولوياتها الوطنية.
وفي السياق ذاته، اجتمع ممثلون عن شركات كبرى، مثل "تسلا"، و"بوسطن ديناميكس"، و"أجيليتي روبوتيكس"، أمس الأربعاء، مع مشرعين في الكونجرس الأمريكي لعرض منتجاتهم ومطالبة الولايات المتحدة بتبني سياسات من شأنها دعم الشركات الأمريكية في السباق العالمي لتطوير الجيل القادم من الروبوتات.
دعم الصناعة المحلية
أكدت جمعية الأتمتة المتقدمة أن اعتماد استراتيجية وطنية من شأنه أن يساعد الشركات الأمريكية على توسيع الإنتاج وزيادة تبني الروبوتات باعتبارها "التجسيد المادي للذكاء الاصطناعي"، موضحة أن الصين ودولًا أخرى لديها بالفعل خطط واضحة لدعم المجال.
وحذّرت الجمعية من أنه دون قيادة أمريكية واضحة في هذا القطاع، لن تخسر واشنطن سباق الروبوتات فحسب، بل ستخسر أيضًا سباق الذكاء الاصطناعي.
ولتجنب ذلك، اقترحت الجمعية عدة إجراءات، من بينها إضافة حوافز ضريبية لدعم تبني الروبوتات، فضلًا عن تقديم برامج تدريب ممولة اتحاديًا لإعداد القوى العاملة، إضافة إلى تمويل الأبحاث الأكاديمية والابتكارات التجارية في مجال الروبوتات.
مَن يسيطر على سوق الروبوتات؟
يرى النائب الديمقراطي راجا كريشنامورثي، أن الولايات المتحدة ما زالت متقدمة في هذا المجال، لكنه حذّر من أن الصين تستثمر موارد ضخمة وبسرعة كبيرة، مشيرًا إلى أنه "يجب علينا الحفاظ على ثقافة الابتكار وريادة الأعمال في الولايات المتحدة".
أما جوناثان تشين، مدير الهندسة في مشروع الروبوتات البشرية لدى تسلا، فشدد على أن القدرة على تصنيع الروبوتات على نطاق واسع ستكون العامل الحاسم في هذا السباق، متسائلًا: "نحن نصنع الروبوتات، لكن السؤال هو: مَن سيستطيع إنتاجها بكميات كبيرة؟".
وتُعد الصين حاليًا أكبر سوق عالمية للروبوتات الصناعية، إذ كان لديها نحو 1.8 مليون روبوت يعمل في المصانع والمنشآت الصناعية عام 2023، وفقًا للاتحاد الدولي للروبوتات "IFR" ومقره ألمانيا.
ورغم أن شركات التصنيع اليابانية والأوروبية لا تزال تهيمن على السوق العالمية للروبوتات الصناعية الثقيلة، إلا أن الشركات الصينية تمكنت من السيطرة على نحو 50% من السوق المحلية، وفقًا لبيانات IFR.
ويُنظر إلى الروبوتات البشرية، التي تجمع بين الذكاء الاصطناعي والشكل البشري، على أنها تقنية مستقبلية مثيرة للاهتمام، لكنها أيضًا محل تشكيك من بعض خبراء الصناعة.
ويقول المحلل بيل راي من مجموعة جارتنر: "نحن لا نحب الروبوتات البشرية كثيرًا لأنها غير عملية. إنها تبدو مذهلة، لكنها ليست مفيدة في الواقع".
ويرى "راي" أن الروبوتات متعددة الوظائف، مثل المركبات ذات العجلات التي يمكنها نقل الحزم الثقيلة في المطارات، ستكون أكثر فائدة من الروبوتات التي تحاكي البشر. كما شكك في جدوى الدعم الحكومي في تحديد الفائز بالسباق، قائلًا: "في ظل المناخ السياسي الحالي، من غير المتوقع أن نرى روبوتات صينية تعمل في المصانع الأمريكية أو العكس".
ريادة صينية
في المقابل، تعمل الصين على دمج الروبوتات مع تقنيات الذكاء الاصطناعي الناشئة، إذ خصصت صندوقًا استثماريًا مدعومًا من الدولة بقيمة 138 مليار دولار لتمويل تطوير الروبوتات، والذكاء الاصطناعي، والتقنيات المتقدمة الأخرى.
وفي خطوة تهدف إلى تعزيز الفخر الوطني، استعرضت الصين روبوتات راقصة، خلال احتفالات رأس السنة الصينية، إذ قامت روبوتات بشرية طورتها شركة Unitree - المنافسة الصينية لـ Boston Dynamics - بأداء حركات راقصة متقنة، ما أظهر تقدم البلاد في هذا المجال.
وخلال تقريره السنوي، أكد رئيس الوزراء الصيني لي تشيانج، أن بلاده ستعطي الأولوية لدمج التقنيات الرقمية مع قوتها الصناعية والتجارية، بما في ذلك تطوير الروبوتات الذكية والمركبات الكهربائية المتصلة.
وفي كل من الولايات المتحدة والصين، تزايد الاهتمام العام بالروبوتات البشرية، لكن لا يزال هناك تحديات تقنية واقتصادية أمام انتشارها على نطاق واسع.
ويؤكد جيف كارديناس، الذي تحظى شركته Apptronik بدعم من عمالقة التكنولوجيا مثل Nvidia وGoogle، أن وضع استراتيجية وطنية في الولايات المتحدة يمكن أن يساعد في تشجيع تبني الروبوتات وتعزيز تعليم المهندسين والعلماء في هذا المجال.
واختتم كارديناس حديثه: "الروبوتات البشرية ستلعب دورًا كبيرًا، ليس فقط من الناحية العملية، لكن أيضًا في إلهام الجمهور وإثارة خياله".