على الرغم من أن أحدث التقرير الواردة من المنتدى الاقتصادي العالمي "دافوس" تؤكد أن الاقتصاد العالمي في 2023 سيكون قاتمًا، إلا انه لا يزال هناك مجال للتفاؤل، إذ حدد ثلاثة من كبار الاقتصاديين طرقًا للشركات لمواجهة الاضطرابات الاقتصادية خلال العام الجاري.
وتوقع ما يقرب من ثلثي الاقتصاديين شملهم استطلاع من قبل "دافوس" حدوث ركود في عام 2023، إذ اعتبر واحد من كل خمسة مشاركين أن الركود العالمي مرجح للغاية في العام الجاري، أي أكثر من ضعف ما ورد في الاستطلاع السابق، سبتمبر 2022. وعزيت أسباب الركود، في التقرير الصادر عن المنتدى، إن الشركات تواجه "تحديًا ثلاثيًا" في بداية العام الجاري، وهي: استمرار ارتفاع أسعار المدخلات الرئيسية، إلى جانب تشديد السياسة النقدية وضعف الطلب.
وفنّدت جايل ماركوفيتز، محررة الأعمال بالمنتدى الاقتصادي العالمي، لـ"القاهرة الإخبارية"، ثلاثة آراء لكبار الاقتصاديين في "دافوس"، للتعامل مع الركود والإضرابات الاقتصادية ومواجهة الاقتصاد "القاتم" في 2023.
التطلع إلى ما بعد 2023
الرأي الأول نقلته عن إريك ر. بيترسون، شريك ومدير عام مجلس سياسة الأعمال العالمية، في كيرني بولاية ميزوري الأمريكية، الذي يرى أنه في ظل تركيز قادة الأعمال على آفاق النمو "أو عدمه" والتضخم وأسواق العمل والتوقعات الاقتصادية العالمية غير المؤكدة واليقظة للتغييرات قصيرة الأجل، يجب أن التطلع إلى ما بعد عام 2023 "بقدر ما هو مضطرب كما هو مرجح"، ويضعون أنفسهم في الوقت الذي تتجه فيه الحكومات والبنوك المركزية إلى تحفيز اقتصاداتها.
ويؤكد بيترسون أن الانتعاش سيبدأ في عام 2024، وأن معدل التعافي سيكون متفاوتًا للغاية عبر المناطق الجغرافية ومراحل التنمية، وأن صانعي السياسات الاقتصادية سيكونون مقيدين بشكل تدريجي عندما يتعلق الأمر باستخدام الأدوات المالية والنقدية التقليدية، وأن هناك حالات طارئة إضافية سلبية، مشيرًا إلى أن عدم الاستقرار الجيوسياسي الحالي وغيره يمكن أن يبطئ الأمور.
استدعاء قادة حقيقيين للعمل بشكل لم يسبق له مثيل في الماضي
الرأي الثاني هو لفرناندو هونوراتو باربوسا، خبير اقتصادي ويعمل في شركة بانكو براديسكو، البرازيلية للخدمات المالية، ثالث أكبر مؤسسة مصرفية في البرازيل، ويرى باربوسا الشركات تواجه بيئة اقتصادية مختلفة تمامًا الآن، مشيرًا إلى أنه لم نشهد مثل هذا المزيج منذ عقود: معدلات تضخم عالية، وعدم يقين جيوسياسي، وانعدام أمن الطاقة، والحاجة إلى إعادة التفكير في سلاسل التوريد العالمية، ووسط ذلك، هناك حاجة للابتكار وحماية البيئة لتصبح أكثر شمولًا وإعادة تأهيل للقوى العاملة، مؤكدًا أنه لا يوجد مدير تنفيذي لديه خارطة طريق لمواجهة هذه التحديات بطريقة سلسة ويمكن التنبؤ بها، لذلك سيتعين عليهم تحمل مخاطر أكبر، وكالعادة مواجهة عبء قراراتهم.
وأوضح أنه يجب استدعاء قادة حقيقيين للعمل بشكل لم يسبق له مثيل في الماضي، فالاهتمام بالمراكز النقدية في بيئة تتدهور فيها الظروف المالية هو مجرد نقطة البداية، وأشار إلى أنه سيكون تعزيز المرونة والتكامل والقوة المالية مع التركيز على الناس والطبيعة أمرًا إلزاميًا.
الاستعداد للتعافي وتحمل الركود
أما الرأي الثالث والأخير، فهو لإيرا كاليش، الخبير الاقتصادي العالمي، الذي يعمل في شركة "ديلويت"، وهي شبكة خدمات مهنية دولية مقرها في لندن، وتعتبر واحدة من أكبر أربع شركات للمحاسبة في العالم، ويرى كاليش أن الاقتصاد العالمي سيتباطأ بشكل كبير في عام 2023 مع ركود معتدل إلى عميق في أوروبا، وركود أو انكماش متواضع في الولايات المتحدة الأمريكية، وتباطؤ تاريخي في النمو في الصين، وأن التضخم سينحسر في أمريكا الشمالية بسرعة، وسينخفض التضخم في أوروبا، لكن بوتيرة أبطأ، كما أنه من المرجح أن تظل أسواق العمل ضيقة حتى مع تباطؤ الاقتصادات، وسيكون مدفوعًا بالتركيبة السكانية واستمرار انتشار فيروس كورونا المستجد "كوفيد -19" وانخفاض مشاركة القوى العاملة وانخفاض الهجرة بشكل كبير، وستظل الاتجاهات الجيوسياسية غير مؤكدة، وبالتالي ستضطر الشركات إلى التركيز أكثر على مرونة سلسلة التوريد والتكرار.
وأوضح أنه لكي نستعد للركود يجب الاستعداد للتعافي، وأكد أن الركود قد يستمر تسعة أشهر، لكن الانتعاش قد يستمر تسع سنوات، وأكد أن العديد من الشركات تمتلك ميزانيات قوية ويمكنها تحمل الركود، وعندما يأتي التعافي في نهاية المطاف، فإنهم سيحتاجون إلى عمالة وتكنولوجيا كافية ليكونوا قادرين على المنافسة في بيئة ما بعد الجائحة الجديدة.