أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إرسال مفاوضين إلى موسكو لحثِّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على قبول هدنة لمدة 30 يومًا في أوكرانيا، وذلك بعد موافقة كييف على المقترح، في وقت تستمر فيه المواجهات العسكرية على الأرض منذ ثلاث سنوات، وبينما تكثف واشنطن جهودها الدبلوماسية، تبدو موسكو متمسكة بشروطها وحريصة على كسب الوقت قبل تحديد موقفها النهائي.
ترامب يدفع نحو الهدنة
وقالت صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية، إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي تولى منصبه في يناير الماضي، أعلن إرسال مفاوضين "فورًا" إلى موسكو.
وفي الوقت نفسه، حثَّ وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، روسيا على "النظر في إنهاء جميع الأعمال العدائية"، مؤكدًا أن واشنطن تنتظر رد موسكو بفارغ الصبر.
الكرملين يماطل
لكنَّ ردَّ الكرملين جاء مبهما، وصرح دميتري بيسكوف، المتحدث باسم الرئاسة الروسية، بأن بلاده تنتظر إبلاغها رسميًا بشأن مقترح وقف إطلاق النار، مشيرًا إلى احتمالية إجراء "اتصال هاتفي على أعلى مستوى" بين ترامب وبوتين قريبًا.
ولم يؤكد "بيسكوف" قدوم المفاوض الأمريكي ستيف ويتكوف إلى موسكو، رغم ما تناقلته وسائل الإعلام الأمريكية.
الخطوط الحمراء الروسية
تؤكد التصريحات الصادرة عن المسؤولين الروس وجود شروط صارمة لأي اتفاق محتمل، إذ قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في ديسمبر الماضي: "نحن لا نحتاج إلى هدنة، ما نحتاجه هو سلام طويل الأمد يقدم ضمانات للاتحاد الروسي ومواطنيه".
وأوضح وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف أن "مصالح الولايات المتحدة وروسيا لا يمكن أن تتطابق تمامًا، حتى ولا بنسبة 50%"، مشددًا على رفض موسكو وجود قوات حفظ سلام أو أي قوات تابعة لحلف شمال الأطلسي "ناتو" على الأراضي الأوكرانية "تحت أي راية، وبأي صفة".
ويرى المحلل السياسي دميتري دريز أن المقترح الحالي يشبه اتفاقيات مينسك التي وُقعت بين عامي 2014 و2015 ولم تؤد إلى نتائج ملموسة، قائلاً إنه "النموذج القديم الذي يُقترح: تجميد النزاع وإجراء مفاوضات لا نهاية لها حول كيفية استمرار روسيا وأوكرانيا في التعايش. نحن نعرف جيدًا كيف انتهى كل ذلك".
التوازن العسكري
تسود في موسكو مخاوف من أن تستخدم أوكرانيا أي هدنة لإعادة تنظيم قواتها، خاصة مع تقدم القوات الروسية في منطقة كورسك.
وأشار سيرجي ماركوف، المحلل السياسي المُقرَّب من الكرملين، إلى أن وقف إطلاق النار لن يوفر "راحة للجيش الأوكراني"، فيما تؤكد مقاطع فيديو انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي أن القوات الروسية باتت تسيطر على معظم مدينة سودجا في جنوب منطقة كورسك.
معارضة المتشددين الروس
يشكل المتشددون، وخاصة "المراسلون العسكريون"، جبهة رفض قوية لأي هدنة محتملة، إذ نقلت "لوفيجارو" عن أليكسي جيفوف قوله: "واشنطن تستأنف دعمها العسكري للجيش الأوكراني، هذا يعني أن الأمريكيين يشاركون مرة أخرى في حرب ضد روسيا... ليس واضحًا سبب حاجة روسيا لهذه الاستراحة. آمل ألا نقبلها".
ويلخص السيناتور كونستانتين كوساتشيف موقف معارضي الهدنة قائلًا: "الشروط هي شروط أمريكية، وليست أوكرانية.. الأوكرانيون يقبلون ما يُملى عليهم... زيلينسكي في موقف دفاعي، بينما روسيا في موقف هجومي، لذلك سيكون الأمر مختلفًا.. وسيتم إبرام أي اتفاق وفق شروطنا".
رغم التفاؤل الذي أبداه وزير الخارجية الأمريكي، تظل التحديات أمام نجاح الوساطة الأمريكية كبيرة.
وحول الموقف الأمريكي في حال رفضت موسكو المقترح، قال روبيو: "إذا قالوا لا، فمن الواضح أننا سنضطر إلى دراسة كل شيء وتحديد موقفنا في العالم ونواياهم الحقيقية".