أعلن الديمقراطيون في مجلس الشيوخ الأمريكي رفضهم القاطع لمشروع قانون التمويل الحكومي المقدم من الجمهوريين، ما يضع البلاد على حافة إغلاق حكومي محتمل خلال أيام، في حين يأتي هذا التصعيد السياسي بعد أشهر قليلة من تولي الرئيس دونالد ترامب السلطة في يناير الماضي.
تهديد بالإغلاق
كشفت صحيفة "واشنطن بوست" أن زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ، تشاك شومر، أكد أن عدد الديمقراطيين الداعمين للمشروع غير كافٍ لتجاوز عتبة الـ60 صوتًا المطلوبة للتغلب على إجراء المماطلة.
وقال شومر: "اختار الجمهوريون مسارًا حزبيًا، وصاغوا قرار التمويل المؤقت دون أي مشاركة من الديمقراطيين في الكونجرس.. وبسبب ذلك، لا يملك الجمهوريون الأصوات الكافية في مجلس الشيوخ".
يواجه الجمهوريون تحديًا كبيرًا، إذ يحتاجون إلى دعم سبعة ديمقراطيين على الأقل لتمرير المشروع، خاصة بعد أن أعلن السيناتور الجمهوري راند بول من كنتاكي معارضته له، كما أعلن سيناتور ديمقراطي واحد فقط هو جون فيترمان من بنسلفانيا عن دعمه للمشروع.
بديل الديمقراطيين
تتمحور اعتراضات الديمقراطيين حول تضمين مشروع القانون تخفيضات بقيمة 13 مليار دولار من البرامج غير الدفاعية، مثل برامج الصحة النفسية وعلاج إدمان المخدرات وبرامج التدريب المهني، كما ينتقدون افتقار المشروع للعديد من توجيهات التمويل التي يضعها المشرِّعون عادة في قانون مخصصات رسمي.
وأفادت "واشنطن بوست" بأن الديمقراطيين يقترحون بديلًا يتمثل في قانون تمويل مؤقت يستمر حتى 11 أبريل، ليسمح للحزبين باستكمال العمل على مشروعات الإنفاق المتأخرة.
ودعت السيناتورة باتي موراي، ثالث أقوى شخصية ديمقراطية في مجلس الشيوخ، زملاءها إلى رفض المشروع الجمهوري، قائلة: "دافعوا عن سلطتكم كأعضاء في مجلس الشيوخ.. صوتوا ضد هذا المشروع الحزبي الذي يحول الحكومة إلى حصالة للمليارديرات".
سلطات ترامب وتأثير ماسك
يثير احتمال الإغلاق الحكومي مخاوف بين الديمقراطيين من منح ترامب سلطات إضافية لتحديد الموظفين الحكوميين "الأساسيين" و"غير الأساسيين".
وعبر السيناتور جون هيكنلوبر عن هذا القلق قائلًا: "إذا حدث الإغلاق، فهو من يقرر ما هو أساسي.. وبطريقة غريبة، هذا يمنحه (ترامب) المزيد من السلطة".
كما أشارت الصحيفة إلى مخاوف متزايدة بشأن دور إيلون ماسك وهيئة الكفاءة الحكومية التابعة له، إذ تسعى مجموعات ليبرالية للتفاوض بشأن لغة في مشروع قانون الإنفاق من شأنها منع هذه الخدمة صراحةً من حجز أي أموال فرضها الكونجرس، في محاولة لإبطاء عمليات التسريح والتخفيضات أحادية الجانب من قبل إدارة ترامب.
انقسامات داخلية وتحركات شعبية
كشفت الصحيفة عن انقسامات حادة داخل صفوف الديمقراطيين، إذ عقدوا اجتماعًا ساخنًا لمناقشة إستراتيجيتهم، ووصف السيناتور أنجوس كينج الموقف بأنه "اختيار بين بديلين سيئين".
وفي خطوة تصعيدية، حثّت النائبة الديمقراطية ألكساندريا أوكاسيو كورتيز، متابعيها على الاتصال بأعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين، وتشجيعهم على الوقوف ضد مشروع القانون، كما وجهت عدة مجموعات ليبرالية أعضاءها في الأيام الأخيرة للضغط على الديمقراطيين لرفض المشروع.
الحسابات المستقبلية
وربما تشكِّل هذه المواجهة مخاطرة سياسية للديمقراطيين، خاصة أن أحد انتقاداتهم الرئيسية لترامب والجمهوريين هو إلحاق الضرر بالخدمات الحكومية، وهذا ما سيفعله الإغلاق.
ومع ذلك، يعتقد بعض الليبراليين أن الأمريكيين سيلقون باللوم على ترامب في حالة حدوث إغلاق حكومي، لأن الجمهوريين يسيطرون حاليًا على مجلسي النواب والشيوخ والبيت الأبيض.
وعبر السيناتور كريس مورفي عن أهمية الموقف قائلًا: "أنا شخص يؤمن بأن التكتيكات التي نستخدمها داخل هذا المبنى مهمة، ولها تأثير متموج.. وعندما نقاتل بقوة هنا، يقاتل الناس بقوة أكبر في جميع أنحاء البلاد".