تواجه الحكومة الأسترالية ضغوطات كبيرة، للاعتراف بإصابة المحاربين القدامى الذين خدموا في العراق وأفغانستان، بالسرطان والأمراض التنفسية، نتيجة تعرضهم لحرق النفايات في القواعد العسكرية الأمريكية.
كان الجندي الأسترالي المتقاعد بريت جرين، بحسب شبكة إي بي سي نيوز أستراليا، أحد المحاربين القدامى خدموا في أفغانستان وكان يعمل ضابطًا لوجستيًا في قاعدة قندهار الجوية بين عامي 2006 و2007.
المواد الكيميائية
أصيب جرين بالسرطان، وأفاد بتعرضه خلال الخدمة لمستويات مستمرة من الضباب الدخاني وحرق النفايات بالقاعدة، وتم تسريحه طبيا من الجيش في عام 2016، ونفى تماما أن يكون لديه تاريخ عائلي للإصابة بسرطان المخ.
وفي قواعد الولايات المتحدة الأمريكية في مختلف أنحاء العراق وأفغانستان، قام الجيش الأمريكي بتشغيل أكثر من 200 حفرة لحرق النفايات، للتخلص من القمامة بما في ذلك المواد الكيميائية والبلاستيك والمطاط والذخائر والنفايات البشرية والطبية.
آلاف العسكريين
وصرح وزير شؤون المحاربين القدامى الأمريكي السابق ديفيد شولكين بأن آلاف العسكريين تعرضوا للتسمم، حيث أشارت التقديرات، وفقًا للشبكة الأسترالية، إلى أن العدد قد يصل إلى أربعة ملايين من المحاربين القدامى على مدى الثلاثين عاما الماضية.
في البداية، لم يكن الجنود الأمريكيون المرضى مؤهلين للحصول على رعاية طبية مجانية وتعويضات بعد نشرهم في القوات، لأنهم لم يتمكنوا من إثبات أن أمراضهم ناجمة عن التعرض لمواد سامة من حفر حرق النفايات.
قانون PACT
أدى ذلك إلى حملة من أجل التغيير، وفي عام 2022 تم إقرار قانون PACT، والذي يوسع نطاق الرعاية والفوائد لهؤلاء المحاربين القدامى، ومنذ ذلك الحين تمت الموافقة على 1.5 مليون مطالبة بالتعويض والرعاية الطبية.
وبحسب القانون، يفترض أن التعرض للسموم من مكبات النفايات المفتوحة يسبب مجموعة من الأمراض تتراوح من الربو إلى السرطان، بما في ذلك الأورام الدبقية قليلة التغصن، وهو نوع من الأورام في المخ يعاني منه.
الرعاية الصحية
وكانت غالبية الحالات التي تمت الموافقة عليها هي حالات تنفسية، وهناك عدد من الحالات الأخرى مثل سرطان الدماغ والأورام الخبيثة في الدم مثل الأورام اللمفاوية وسرطان البنكرياس، تم الموافقة عليها عن طريق ما يسمى الافتراض.
ويعني الافتراض، أنه إذا تعرض المحارب إلى حفرة حرق وظهرت لديه حالات مرضية، فسوف يحصل تلقائيًا على الفوائد في الرعاية الصحية التي تستحقها دون الحاجة إلى الانتظار لتأخير البيانات العلمية لإثبات ذلك.
دراسة استقصائية
ولكن في أستراليا، يختلف هيكل نظام حقوق المحاربين القدامى عن النظام الأمريكي، حيث تقوم وزارة شؤون المحاربين القدامى، بدفع تكاليف العلاج، ولكن يتطلب منهم الأمر المتابعة وتقديم مطالبة منفصلة للحصول على تعويض.
وتم نشر أكثر من 39 ألف فرد من الجيش الأسترالي في أفغانستان وأكثر من 20 ألف فرد في العراق، وأظهرت دراسة استقصائية، أن 79% من أصل 4160 جنديًا أستراليًا شاركوا في أفغانستان و59% من 5915 مشاركا في العراق، خدموا بين عامي 2001 و2010 أفادوا بتعرضهم لدخان الحرائق أو حرق النفايات أو حرائق النفط.
ولا يعتبر التعرض للمواد السامة عاملاً مسببًا لسرطان الدماغ، ويعد الشرط المطلوب لقبول ذلك في أستراليا، هو تلقي المحارب الأسترالي، كمية كبيرة من الإشعاع المؤين، أو التعرض لفيروس نقص المناعة البشرية خلال الخدمة.
لجنة مستقلة
ولكن، وفقًا للشبكة، يوجد في أستراليا، لجنة مستقلة من الخبراء الطبيين تعرف باسم هيئة إعادة التأهيل الطبي، هي المنوط بها تقرير العوامل التي يجب أن توجد لاعتبار المرض مرتبطًا بالخدمة العسكرية، ولا تعترف بالتأثيرات الصحية الضارة المحتملة لحفر الحرق.
وحول ذلك أبدى وزير شؤون المحاربين الاستراليين القدامى مات كيو، تفهمه لغضب الجنود القدامى من الاختلاف في النهج مع الولايات المتحدة الذي وصفه بغير العادل، مشيرًا في الوقت نفسه إلى أن النظام الأسترالي يعتمد بقوة على الأدبيات العلمية الطبية السليمة.
إثبات الارتباط
ويرى أن الكونجرس الأمريكي يريد القيام بأشياء لا تستند إلى أدلة علمية طبية، ولذلك طالب بالحذر من محاولة التعامل مع الأمور من منظور النظام الأمريكي ثم محاولة تطبيقه في القانون الأسترالي.
ومع مرور أكثر من عقد من الزمان منذ تشخيص إصابة المحارب الأسترالي جرين بسرطان الدماغ، لم يتمكن من إثبات ارتباط إصابته بالسرطان بالخدمة العسكرية وتعرضه لحفر حرق النفايات، وسيستمر بالعلاج الكيمياوي طوال حياته، وأكد أنه سيواصل اهتمامه بالأمر لدعم المحاربين القدامى الآخرين.