بدأ أعضاء من الحزب الجمهوري في مجلس الشيوخ الأمريكي ممارسة ضغوط متزايدة على الرئيس دونالد ترامب، لإعادة النظر في قراره المفاجئ بتعليق المساعدات العسكرية والاستخباراتية المقدمة لأوكرانيا.
وحذر المُشرِّعون الجمهوريون من أن استمرار هذا التعليق قد يؤدي إلى تداعيات خطيرة على قدرة كييف في مواجهة روسيا في الحرب المستمرة منذ نحو ثلاث سنوات، وفقًا لما نقلته صحيفة "ذا هيل" الأمريكية.
تأثير مدمر
واعترف المشرعون الجمهوريون بأن ترامب لديه الحق في تعليق شحنات الأسلحة مؤقتاً لأوكرانيا، بهدف تقييم مسار الحرب والضغط على حلفاء الناتو لزيادة مساهماتهم، إضافة إلى خلق نافذة للتفاوض على اتفاق سلام بين نظيريه الروسي فلاديمير بوتين والأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
لكن السيناتور ثوم تيليس، الجمهوري من ولاية نورث كارولينا وأحد المدافعين البارزين عن دعم أوكرانيا، حذر من أن وقف تدفق الأسلحة والذخيرة لأوكرانيا لفترة طويلة يمكن أن يكون له "تأثير مدمر" على قدرات كييف العسكرية، مما قد يقوض نفوذها في المحادثات مع روسيا.
وأضاف تيليس، الذي زار أوكرانيا قبل أسبوعين فقط: "إنه أمر مقلق للشعب الأوكراني، أنا أكثر قلقًا بشأن شعور الناس في ساحة المعركة" تجاه هذا التعليق، مشيرًا إلى أن "هذا يمكن أن يساعد بوتين" وأنه "يأمل ويصلي أن يكون قصير الأمد".
ضرورة لاستمرار المقاومة
يبدي المشرعون الجمهوريون قلقًا خاصًا إزاء قرار وقف تبادل المعلومات الاستخباراتية مع أوكرانيا، متسائلين عما يمكن أن تجنيه الولايات المتحدة من حرمان كييف من معلومات استخباراتية حيوية في ساحة المعركة.
وقال السيناتور ليندسي جراهام، الجمهوري من ساوث كارولينا، الذي عمل بجد في الكواليس للمساعدة في إعداد صفقة المعادن المزمعة بين البلدين: "أنا قلق للغاية بشأن ذلك على المدى الطويل"، مضيفًا: "المعلومات الاستخباراتية تمنح أوكرانيا ميزة.. آمل أن يتم توضيح كل هذا قريبًا جدًا".
من جهته، قال السيناتور جون كورنين، العضو البارز في لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ، إن "المعلومات الاستخباراتية التي قدمناها للأوكرانيين كانت ضرورية ليتمكنوا من البقاء في المعركة"، معربًا عن أمله "رفع التعليق في مرحلة ما".
وذكرت رئيسة لجنة المخصصات في مجلس الشيوخ، السيناتورة سوزان كولينز، أنها تعارض وقف المساعدات العسكرية، قائلة: "لا أعتقد أنه يجب علينا تعليق جهودنا.. الأوكرانيون هم مَن تُسفَك دماؤهم"، واصفة الوقت الحالي بأنه "وقت حاسم لأوكرانيا".
صفقة طويلة الأمد
وأشار زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ، السيناتور جون ثون، إلى أن تعليق المساعدات العسكرية لأوكرانيا سيكون مؤقتًا، مؤكداً: "إنه تعليق، وليس توقفًا، أعتقد أنه جزء من التفاوض، وآمل أن نتمكن في النهاية من جلب الأطراف إلى الطاولة والتفاوض على صفقة من شأنها أن تحقق حلًا سلميًا لهذا الصراع الذي استمر ثلاث سنوات، وبطريقة تحترم سيادة الشعب الأوكراني".
بدوره، أعرب السيناتور مايك راوندس، عضو لجنة القوات المسلحة، عن أمله في أن يكون تعليق المساعدات العسكرية لأوكرانيا مؤقتًا فقط، قائلاً: "آمل أنه مع كل ما يجري حاليًا، سينتهي الأمر بكونه قضية قصيرة المدى وسننتهي باتفاق طويل الأمد - يوفر موارد عسكرية كجزء من اتفاق أطول".
يأتي القرار بالحد من المساعدات لأوكرانيا بعد مشادة حادة في المكتب البيضاوي الأسبوع الماضي بين الرئيس ترامب ونائبه جي دي فانس والرئيس الأوكراني زيلينسكي، بعدما جاء الأخير إلى الولايات المتحدة للتوقيع على صفقة معادن لكنه غادر البيت الأبيض بعد المشادة العلنية.
وأعلن ترامب في خطابه أمام الكونجرس، الثلاثاء الماضي، أنه تلقى رسالة من زيلينسكي تعهد فيها بأن أوكرانيا "مستعدة" للتوقيع على اتفاقية بشأن المعادن والأمن "في أي وقت".
وفي هذا السياق، قال السيناتور تود يونج، الجمهوري من إنديانا، إنه يأمل أن يتمكن ترامب وزيلينسكي من "إعادة التجمع" و"التقارب وسد الفجوة" بشأن صفقة المعادن بين الولايات المتحدة وأوكرانيا.
تحذيرات من نفاد الإمدادات العسكرية
ويحذر المحللون من أن القوات الأوكرانية قد تبدأ بالتفكك تحت ضغط القوات الروسية بدءًا من أربعة إلى ستة أشهر ما لم يتحرك الحلفاء الأوروبيون بسرعة لتعويض النقص في الأسلحة التي توفرها الولايات المتحدة.
وقدّر فيدير فينيسلافسكي، عضو لجنة الدفاع في البرلمان الأوكراني، أن مخزون بلاده من الأسلحة سيستمر لمدة ستة أشهر فقط دون مساعدات أمريكية جديدة، وفقاً لما نقلته هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي).
تُظهر هذه التطورات التحديات المعقدة التي تواجه العلاقات الأمريكية الأوكرانية في بداية الولاية الرئاسية الجديدة لترامب، إذ يحاول الرئيس الأمريكي الموازنة بين تعهداته الانتخابية المتعلقة بإنهاء الحرب وبين المخاوف من داخل حزبه حول تداعيات تقليص الدعم لكييف، في وقت لا تزال فيه روسيا تشكل تهديدًا كبيرًا للسيادة الأوكرانية، وفقًا لـ"ذا هيل".