الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

موثقا جمال القاهرة.. "النص" يعود بالجمهور إلى 100 عام مضت

  • مشاركة :
post-title
أحمد أمين وعبدالرحمن محمد في مسلسل "النص"

القاهرة الإخبارية - محمود ترك

مع السرد الدرامي وتتبع مصير النشال الذي يُدعى "النص" وفرقته في المسلسل، الذي يحمل الاسم ذاته، يقدم العمل الدرامي الرمضاني توثيقًا لشكل مصر وتحديدًا القاهرة في فترة العشرينيات من القرن الماضي، وهو الزمن الذي تدور فيه أحداث المسلسل الذي يتولى بطولته أحمد أمين، إذ يختتم صُنّاع العمل نهاية كل حلقة باستعراض حقيقة تاريخية أو معلومة، ترتبط بزمن الأحداث أو بالموضوع الذي تعرضت له الحلقة، في إطار السياق الدرامي.

العمل المأخوذ عن كتاب "مذكرات نشال" للباحث التاريخي أيمن عثمان يوثق بشكل مبتكر ملامح الحياة في مصر بهذه الفترة الزمنية، ليجمع بين السرد الدرامي والوقائع التاريخية، ويُلقي الضوء على فئة النشالين المنتشرة في القاهرة خلال فترة العشرينيات، وطرق معيشتها ومصطلحاتها، والكثير من التفاصيل الحياتية لها، منها تكوين نقابة سرية، إذ ورد في نهاية الحلقة الأولى معلومة هي: تعد نقابة النشالين من أوائل الجمعيات السرية في مصر، إذ كانت مجهولة المقر والنقيب والأعضاء، خوفًا من وصول البوليس، ووصل عدد أعضائها 5 آلاف عضو، من بينهم ألف سيدة.

وتدور بعض أحداث العمل داخل أحد الكازينوهات المنتشرة في شارع عماد الدين بذلك الوقت، لذا حرص صُنّاع العمل على ذكر معلومة مفاداها: كان شارع عماد الدين، مركز أغلب الحركات الفنية، ويقال إن الشارع كان يضم 15 مسرحًا ودار عرض سينمائية، التي شهدت أول عروض السينما في تاريخ الشرق الأوسط بأكمله".

معلومة توثق لأهمية شارع عماد الدين في نهاية إحدى حلقات مسلسل "النص"

وهذه المعلومة التي تجعل مُشاهد المسلسل يتخيل شكل هذا الشارع قبل نحو 100 عام، وكيف كان مركزًا للحركات الفنية المصرية، تبعها حقيقة أخرى تبرز حجم جمال العاصمة وقتئذ، وهي: "حصلت العاصمة المصرية القاهرة 1925 على وسام أجمل وأنظف مدينة في حوض البحر المتوسط وأوروبا، وكانت ملاذًا ووجهة سكان أوروبا".

وتوثيق الحقائق التاريخية لشكل الحياة في هذه الفترة، صاغه بعناية المخرج حسام علي، مُستعرضًا أيضًا تفاصيل من طبيعة الأزياء وقتها، إذ ذكر في نهاية إحدى الحلقات غطاء الرأس كان يعكس الطبقة الاجتماعية والمكانة، فالعمة رمز للمشايخ والعلماء، واللاسة لكبار الموظفين، بينما الطربوش علامة الوجاهة لدرجة أن بعض الرجال كانوا يثبتونه بالدبابيس خشية سقوطه.

حمزة العيلي وأسماء أبو اليزيد وأحمد أمين في مسلسل "النص"

وتوثيق صُنّاع المسلسل لملامح الحياة في هذه الفترة، لم يكن مجرد عناوين أو اقتباسات سريعة، بل تضمن معلومات أيضًا تجعل المُشاهد وكأنه يعيش نفس الأجواء بكل تفاصيلها، منها شكل وسائل المواصلات وطبيعتها، إذ تم ذكر معلومة تقول إن الحنطور كان وسيلة المواصلات الأساسية، وبعض الباشوات كانوا يختارون سائقًا مُعينًا ليصبح سائقهم الخاص دون امتلاك الحنطور فعليًا.

والمسلسل لم يؤرخ فقط لفترة العشرينيات بل عاد بالزمن إلى الوراء عام 1896، عندما رأى المصريون للمرة الأولى الترام، إذ ورد في نهاية إحدى الحلقات معلومة تشير إلى حدوث هرج ومرج بين المصريين وقتئذ لاعتقادهم أنه عفريت.

واستعرض المسلسل لمحات من حياة الطبقة المصرية الفقيرة، وصراعها اليومي للحصول على وقت يومها، والظروف الاقتصادية والسياسية السائدة، ليُقدم توثيقًا مهمًا ومعلومات عن شكل الحياة في مصر بالعشرينيات من القرن الماضي.