في خضم الأزمات المتلاحقة التي تعصف بالمنطقة، تظل القضية الفلسطينية محور الاهتمام العربي والدولي، إذ تفرض تطورات الأحداث في غزة نفسها على أجندة القمم والمنتديات الدولية.
وفي السياق ذاته، انعقدت القمة العربية الطارئة، بالعاصمة المصرية القاهرة، لمناقشة المستجدات السياسية والإنسانية في قطاع غزة، إذ تركزت المباحثات حول إيجاد حلول مستدامة تضمن إعادة إعمار القطاع دون المساس بحقوق الفلسطينيين في أرضهم.
وشهدت القمة حضورًا عربيًا ودوليًا واسعًا، ما يعكس أهمية القضية الفلسطينية في الضمير العالمي، وطرحت مصر خطة متكاملة تهدف إلى إعادة إعمار غزة مع ضمان بقاء الفلسطينيين على أرضهم، في ظل إجماع عربي ودولي على ضرورة الحل العادل والشامل للقضية الفلسطينية.
خطة مصرية لإعمار غزة
أعلن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، خلال القمة العربية الطارئة، خطة مصرية لإعادة إعمار غزة، مؤكدًا التزام القاهرة بمواصلة دعم القضية الفلسطينية، وتضمنت الخطة استضافة مصر لمؤتمر دولي لإعادة الإعمار، إضافة إلى تشكيل لجنة فلسطينية مستقلة لإدارة القطاع، إلى جانب تدريب الكوادر الأمنية الفلسطينية لضمان حفظ الأمن والاستقرار.
ودعا السيسي الدول العربية إلى تبني هذه الخطة، مُشددًا على أن السلام الحقيقي لن يتحقق إلا بإقامة دولة فلسطينية مستقلة.
موقف الأردن
أكد العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، خلال كلمته في القمة، أن حل الدولتين هو السبيل الوحيد لتحقيق السلام العادل والشامل، الذي يضمن قيام دولة فلسطينية مستقلة على التراب الفلسطيني وعاصمتها القدس الشرقية.
وشدد على ضرورة وقف التصعيد الإسرائيلي في الضفة الغربية، لا سيما خلال شهر رمضان المبارك، مُحذرًا من تفجر الأوضاع بسبب السياسات المتطرفة، ولفت إلى أن الأردن سيواصل دعم الفلسطينيين، وتوفير المساعدات الإنسانية لغزة، مع الحفاظ على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس.
فلسطين
من جانبه، أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس، استعداد السلطة الفلسطينية لإجراء انتخابات عامة ورئاسية في الضفة الغربية وقطاع غزة، مُشددًا على رفض أي مخططات تهدف إلى تهجير الفلسطينيين.
ودعا الولايات المتحدة لدعم جهود إعادة إعمار غزة، مُحذرًا من ممارسات الاحتلال الإسرائيلي الساعية لفرض واقع استيطاني في الضفة الغربية.
الموقف العربي والدولي
وشهدت القمة إجماعًا عربيًا ودوليًا على ضرورة إعادة إعمار غزة ودعم الحقوق الفلسطينية، إذ أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، أن إعادة إعمار غزة أمر ممكن في ظل بقاء الفلسطينيين على أرضهم، موضحًا أن نجاح هذه الجهود يتطلب وقف إطلاق النار وانسحاب إسرائيل الكامل من القطاع.
وفي السياق ذاته، أعرب ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، عن دعم بلاده للخطة المصرية، مؤكدًا رفض بلاده لأي محاولات تهدف إلى تهجير الفلسطينيين أو إبادتهم، ودعا إلى دعم الجهود الجماعية لحماية الأمن القومي العربي وتعزيز القدرة على مواجهة التحديات.
تحذيرات
وحذّر الرئيس العراقي عبداللطيف رشيد، من العواقب الكارثية للمشروعات التي تستهدف تهجير الفلسطينيين، داعيًا المجتمع الدولي للتدخل ضد هذه المخططات.
وأبدى الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، رفضه لأي مقترحات تهدد أمن الدول العربية، مؤكدًا دعمه للمبادرات العربية لإعمار غزة وإرساء السلام.
ومن جانبه، أكد رئيس جيبوتي، إسماعيل عمر جيلي، أن بلاده لن تقبل بتهجير الفلسطينيين أو وقوع أي ظلم عليهم، مضيفًا أن فلسطين ستظل في قلوب الشعوب العربية والإسلامية، وأكد أن العدوان يجب أن يتوقف، ويجب أن يعود الحق إلى أصحابه.
أما رئيس جمهورية القمر المتحدة، غزالي عثماني، فشدد على أن السلام هو الخيار الوحيد لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، مؤكدًا تضامن بلاده الكامل مع الشعب الفلسطيني، مشيرًا إلى دعم الشرعية الدولية وضرورة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار وإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.
وفي سياق متصل، أشار رئيس مجلس السيادة السوداني عبدالفتاح البرهان، إلى أهمية تنسيق المواقف العربية لدعم الفلسطينيين، مؤكدًا رفض السودان لأي مخططات تهدف إلى تهجير الفلسطينيين، ودعمه الثابت لإقامة دولتهم المستقلة.
وأكد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي، أهمية توحيد الجهود العربية لدعم القضية الفلسطينية، مشددًا على أن القضية الفلسطينية ستظل محور اهتمام العرب، ورفض أي مخططات تهدف إلى التهجير أو التوسع الاستيطاني.
مواقف دولية
على المستوى الدولي، أكد الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، حسين إبراهيم طه، أهمية التضامن الإسلامي لدعم فلسطين، مشددًا على ضرورة إنهاء الاعتداءات الإسرائيلية وضمان حقوق الفلسطينيين، كما أدان المحاولات الرامية لإنهاء عمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، مؤكدًا ضرورة دعم انضمام فلسطين كعضو كامل في الأمم المتحدة.
وأكد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، أن العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة وصلت إلى مستوى غير مسبوق من الدمار، مشددًا على أن إعادة الإعمار لا يمكن أن تكون مستدامة إلا في إطار دولة فلسطينية مستقلة. كما دعا المجتمع الدولي إلى وقف العدوان وضمان وصول المساعدات الإنسانية دون أي عوائق.
وبدوره، أشار رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، إلى التزام الاتحاد الأوروبي بدعم حل الدولتين، معربًا عن رفضه لأي تغييرات ديموغرافية في غزة، كما ثمّن الجهود المصرية والقطرية لوقف إطلاق النار، مؤكدًا دعم الاتحاد الأوروبي للإصلاحات داخل السلطة الفلسطينية.