الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

يد تدعم وأخرى تدفع لروسيا.. أوروبا تعاني ازدواجية "السياسة والاقتصاد" مع أوكرانيا

  • مشاركة :
post-title
صورة تعبيرية

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

كشفت صحيفة "ذا جارديان" البريطانية، عن مفارقة اقتصادية وسياسية في العلاقات الأوروبية-الروسية، إذ تجاوز إنفاق الاتحاد الأوروبي على واردات الطاقة الروسية قيمة المساعدات المالية المقدمة لأوكرانيا خلال العام المنصرم.

وفي الوقت الذي تتواصل فيه المعارك على الأراضي الأوكرانية، تستمر التدفقات المالية الأوروبية نحو موسكو عبر قنوات الطاقة، ما يثير تساؤلات جدية حول فعالية العقوبات الغربية وتناقضات السياسة الأوروبية.

صفقات تفوق المساعدات

في تحليل دقيق للأرقام والإحصاءات، كشف تقرير صادر عن مركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف (Crea) عن حقائق مثيرة للقلق، إذ أنفق الاتحاد الأوروبي ما يقارب 21.9 مليار يورو على شراء النفط والغاز الروسي خلال العام الثالث من الحرب.

وبحسب ما نقلت صحيفة "ذا جارديان" البريطانية، فإن هذا المبلغ يتجاوز بنسبة 16% حجم المساعدات المالية المخصصة لأوكرانيا التي بلغت 18.7 مليار يورو في عام 2024.

وتزداد المفارقة حدة عند النظر إلى الأرقام السنوية، حيث تبين أن الاتحاد الأوروبي أنفق في العام 2024 على واردات الوقود الروسي ما يزيد بنسبة 39% على المخصصات المالية لدعم كييف، وذلك دون احتساب المساعدات العسكرية والإنسانية.

ويشير فايبهاف راجوناندان، المحلل في مركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف وأحد معدي التقرير، إلى أن شراء الوقود الأحفوري الروسي يعد بمثابة تقديم مساعدات مالية مباشرة للكرملين، ما يمكنه من مواصلة الحرب.

ويؤكد "راجوناندان" ضرورة وقف هذه الممارسة فورًا لضمان مستقبل أوكرانيا وأمن الطاقة الأوروبي على حد سواء.

التحايل على العقوبات

تكشف البيانات التجارية التي جمعها الباحثون عن نجاح روسيا في تحقيق إيرادات ضخمة من صادرات الوقود الأحفوري على المستوى العالمي، إذ بلغت 242 مليار يورو في العام الثالث من الحرب.

وتقترب الإيرادات الإجمالية منذ بداية الحرب من عتبة التريليون يورو، ما يعكس قدرة موسكو المتنامية على التكيف مع العقوبات الدولية وإيجاد منافذ بديلة لتصريف منتجاتها النفطية.

وفي هذا السياق، تعتمد روسيا بشكل متزايد على ما بات يُعرف بـ"الأسطول الشبح"؛ وهو مجموعة من ناقلات النفط القديمة وغير المؤمن عليها بشكل كافٍ، لنقل صادراتها من الوقود.

وتشير التقديرات إلى أن هذا الأسطول الغامض مسؤول عن نقل ما يقارب ثلث إيرادات صادرات الوقود الأحفوري الروسي، ما يمثل تحديًا كبيرًا أمام جهود المجتمع الدولي لتقييد القدرات المالية الروسية.

تحول جذري

شهد سوق الطاقة الأوروبية تحولات جذرية منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا، خاصة في مجال الغاز الطبيعي المسال. ويوضح يان-إريك فانريش، محلل الغاز في شركة ريستاد إنرجي، أن استهلاك الغاز المسال في الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة شهد نموًا غير مسبوق، حيث قفزت الواردات من 81.3 مليون طن في عام 2019 إلى 119 مليون طن في عام 2022.

وأدى هذا التحول إلى تعزيز المكانة الروسية في سوق الغاز المسال، حيث أصبحت ثاني أكبر مصدر لهذا النوع من الوقود إلى أوروبا.

مستقبل المساعدات والعقوبات

يقدم كريستوف تريبيش، الاقتصادي في معهد كيل للاقتصاد العالمي، تحليلًا مقارنًا يُظهر تواضع حجم المساعدات المقدمة لأوكرانيا مقارنة بالنزاعات السابقة، إذ إن متوسط إنفاق المانحين الأوروبيين لا يتجاوز 0.1% من الناتج المحلي الإجمالي سنويًا.

وفي محاولة لتشديد الخناق على موسكو، يقترح الباحثون في مركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف حزمة من الإجراءات التي من شأنها خفض إيرادات روسيا من الوقود الأحفوري بنسبة 20%.

وتشمل هذه المقترحات إغلاق "ثغرة التكرير" التي تسمح لأوروبا بشراء النفط الروسي المعالج في دول أخرى، وتقييد تدفقات الغاز عبر خط أنابيب تركستريم، إضافة إلى تشديد الرقابة على تجارة الغاز الطبيعي المسال.