الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

القيادة الأوروبية والعلاقات الدولية.. تحديات تنتظر المستشار الألماني الجديد

  • مشاركة :
post-title
فريدريش ميرز المستشار الألماني الجديد

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

يقف فريدريش ميرز، المستشار الألماني الجديد، أمام تحديات جسام تتمثل في إعادة بناء العلاقات الأوروبية المتوترة وإحياء الدور القيادي لبلاده بالقارة العجوز، في حين يأتي هذا في وقت حساس تشهد فيه أوروبا تحولات جيوسياسية، خاصة مع عودة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض وتصاعد التوترات مع روسيا.

وفي هذا الصدد تكشف صحيفة "ذا جارديان" البريطانية، عن ملامح المرحلة المقبلة وقدرة ميرز على إعادة ألمانيا إلى موقعها كقوة محورية في الاتحاد الأوروبي.

أزمة القيادة الأوروبية

شهدت السنوات الأخيرة تراجعًا ملحوظًا في الدور الألماني داخل الاتحاد الأوروبي، إذ عانت برلين، التي طالما اعتُبرت "الدولة التي لا غنى عنها"، من صراعات داخلية حادة في حكومتها الائتلافية.

وأدى هذا الوضع إلى تأخر القرارات وتذبذب المواقف، ما انعكس سلبًا على علاقاتها مع شركائها الأوروبيين.

وتكشف "ذا جارديان" أن العلاقات الألمانية-الفرنسية تأثرت بشكل خاص، خلال فترة المستشار أولاف شولتس، إذ افتقرت علاقته بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إلى الدفء والتناغم المعهود، ما أضعف المحور الفرنسي-الألماني، الذي يُعد بمثابة المحرك الرئيسي للاتحاد الأوروبي.

وشهدت العلاقات مع بولندا توترًا ملحوظًا، بسبب خلافات حول الدفاع الجوي الأوروبي ومظالم تاريخية.

تحديات الأمن والدفاع

ويواجه "ميرز" مجموعة مُعقدة من التحديات الأمنية والدفاعية، إذ وعد بتقديم صواريخ توروس بعيدة المدى لأوكرانيا، في تحول لافت عن سياسة سلفه شولتس، الذي طالما رفض هذه الخطوة، وفقًا للصحيفة.

وتنقل الصحيفة البريطانية عن يانا بوجليرين، مديرة مكتب برلين في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، أن فريق ميرز يدرك حجم التحديات العالمية وضرورة وجود حكومة ألمانية فاعلة في أقرب وقت ممكن.

وتضيف أن هناك إجماعًا بين الأحزاب الرئيسية على أنه "لا يمكن التخلي عن أوكرانيا"، لكنها تتوقع "مفاوضات ائتلافية صعبة" حول تمويل المساعدات.

وسيواجه ميرز ضغوطًا متزايدة لزيادة الإنفاق الدفاعي الألماني إلى 3% من الناتج المحلي الإجمالي، خلال قمة حلف شمال الأطلسي "ناتو" المقبلة، يونيو، وهو ما قد يتطلب إصلاحات جذرية في السياسة المالية الألمانية.

فريدريش ميرز المستشار الألماني الجديد والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون
مستقبل العلاقات الدولية

تشير الصحيفة إلى تحول مهم في موقف ميرز من التعامل مع إدارة ترامب، خاصة بعد لقاء نائب الرئيس الأمريكي جيه دي فانس، مع زعيمة اليمين المتطرف أليس فايدل وانتقاده للديمقراطيات الأوروبية.

وتؤكد يانا بوجليرين، مديرة مكتب برلين في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، أن "ألمانيا حساسة جدًا تجاه الهجمات على الاتحاد الأوروبي"، ما قد يدفع برلين نحو تعزيز التكامل الأوروبي.

وفي السياق نفسه، يتوقع يانيس إيمانويليدس، نائب الرئيس التنفيذي للمركز الأوروبي للسياسات، أن يتمتع ميرز بعلاقات أفضل مع رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك والرئيس الفرنسي ماكرون.

ويرى إيمانويليدس أن أسلوب قيادة ميرز يشير إلى رغبته في لعب دور أقوى، مقارنة بـ"افتقار شولتس للجرأة"، لكنه يحذر من أن "الشيطان يكمن في التفاصيل".

التحديات الاقتصادية والهجرة

يواجه ميرز تحديات اقتصادية وسياسية مُعقدة، إذ يتعين عليه الموازنة بين التزاماته المحافظة ماليًا وضرورات الإنفاق المتزايد، إذ أبدى انفتاحًا على إصلاح "كابح الديون" الألماني، الذي يحد من الاقتراض الحكومي السنوي بنسبة 0.35% من الناتج المحلي الإجمالي، كما أظهر مرونة تجاه فكرة السندات الأوروبية المشتركة للدفاع.

وفي ملف الهجرة، تتوقع "ذا جارديان" أن يتراجع "ميرز" عن بعض مواقفه المتشددة، مثل فرض رقابة دائمة على الحدود الألمانية ورفض جميع طالبي اللجوء، خاصة أن مثل هذه الإجراءات قد تضر بالعلاقات مع دول الجوار.

وسبق أن انتقد رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك، إجراءات مماثلة، واصفًا إياها بأنها "غير مقبولة".

وتختتم الصحيفة، بالإشارة إلى أن نجاح ميرز في إعادة ألمانيا إلى دورها القيادي بأوروبا، سيعتمد على قدرته على الموازنة بين المصالح المتعارضة والتحديات المتعددة، في وقت تشهد فيه القارة الأوروبية تحولات عميقة في علاقاتها مع الولايات المتحدة وروسيا، وتواجه تحديات متزايدة في مجالات الأمن والدفاع والهجرة والاقتصاد.