أبرزت الصحف العالمية على صفحاتها، موقف العاهل الأردني الملك عبد الله بن الحسين، الرافض لفكرة تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى دول أخرى، التي طرحها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وألح عليها خلال لقائهما بالبيت الأبيض.
وأعلن ترامب رغبته في إعادة تشكيل قطاع غزة الذي يضم أكثر من مليوني فلسطيني، وذلك عبر تهجيرهم من أراضيهم، تمهيدًا لإعادة تطوير القطاع، وتحويله إلى ريفييرا الشرق الأوسط، مع التأكيد على عدم عودتهم مرة أخرى.
موقف ثابت
وعنونت "الجارديان" تقريرها: "الملك عبد الله يرفض دعوة ترامب للأردن لاستقبال النازحين الفلسطينيين"، وأضافت أن مصر ترفض الفكرة، وتخطط لتقديم رؤية لإعادة الإعمار في غزة حتى يبقى الفلسطينيون على أرضهم.
وقال الملك عبد الله في وقت لاحق إنه أكد على "موقف الأردن الثابت" ضد تهجير الفلسطينيين في غزة، وكذلك في الضفة الغربية المحتلة التي تقع على الحدود مع بلاده.
أما موقع "بي بي سي" فقد كتب: "العاهل الأردني يرفض مقترحات ترامب بتهجير الفلسطينيين من غزة"، خلال أول لقاء بين الرجلين منذ أعلن ترامب عن اقتراحه الاستيلاء على غزة ونقل سكانها البالغ عددهم مليوني فلسطيني إلى دول أخرى في المنطقة، بما في ذلك الأردن.
المصلحة العليا
وقالت صحيفة لوموند الفرنسية –في نسختها الإنجليزية- إن الصحفيين سألوا ملك الأردن عدة مرات حول خطة ترامب، لكن الملك الأردني أجاب باللغة الإنجليزية، أنه في انتظار الخطة المصرية نظرًا لما تتمتع به القاهرة من مكانة دولية كبيرة.
وأضافت لوموند أن مصر، التي اتصل بها البيت الأبيض أيضًا، كان من المقرر أن تطرح مقترحات ردًا على فكرة ترامب، نيابة عن جامعة الدول العربية، وسوف تناقش هذه المقترحات، التي تتفق مع حل الدولتين، قريبًا في المملكة العربية السعودية.
وصرح ملك الأردن الذي زار البيت الأبيض بصحبة نجله ولي العهد الأمير حسين، بأنه يهتم بـ "المصلحة العليا" لبلاده، كما أعاد التأكيد على رفض الخطة والتزام المملكة "ضد تهجير الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية" في تغريدة على موقع إكس.
بناء غزة
وذكرت شبكة سي بي إس الأمريكية أن ترامب دفع بخطة غزة خلال لقائه مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، وكرر خلال لقائهما الاقتراحات بأن الولايات المتحدة قد تتولى السيطرة على غزة، وعندما سئل عن السلطة التي يمكنه بموجبها السيطرة على المنطقة، قال: "تحت السلطة الأمريكية"، دون الخوض في التفاصيل.
خطة وقحة
وقالت شبكة "سي إن إن" الأمريكية إن إصرار ترامب على "امتلاك" غزة رغم الرفض العربي القاطع يزيد من حالة عدم اليقين التي تحيط باتفاق وقف إطلاق النار الهش بين إسرائيل وحماس، واصفة خطته بالوقحة.
وذكرت الشبكة الأمريكية، أن ترامب جدد موقفه خلال لقائه بالملك عبد الله، مكررًا تهديداته السابقة بأن "الجحيم سيندلع" إذا لم تطلق حماس سراح جميع المحتجزين من غزة بحلول الموعد الذي حدده.
ونقلت الشبكة عن مسؤولين أمريكيين مخاوفهم من أن الضغوط التي يمارسها ترامب على مصر والأردن لقبول ملايين اللاجئين الفلسطينيين قد تؤدي إلى زعزعة استقرار المنطقة بأكملها، خاصة في ظل الرفض الرسمي القاطع من الجانبين لأي محاولات لفرض واقع جديد في غزة يخدم المصالح الإسرائيلية على حساب الحقوق الفلسطينية.
وأكد العاهل الأردني أن موقفه هو موقف عربي موحد، وأن إعادة بناء غزة دون تهجير الفلسطينيين ومعالجة الوضع الإنساني المزري، ولفت إلى أن تحقيق السلام العادل على أساس حل الدولتين هو السبيل لضمان الاستقرار الإقليمي، وهذا يتطلب قيادة الولايات المتحدة".
وقال الملك عبدالله "الرئيس ترامب رجل سلام.. لقد لعب دورًا فعالًا في تأمين وقف إطلاق النار في غزة.. ونحن نتطلع إلى الولايات المتحدة وجميع أصحاب المصلحة في ضمان استمراره".
الأفكار الأكثر تطرفًا
وتعليقًا على اللقاء، اعتبرت شبكة إي بي سي أستراليا، خطة دونالد ترامب لتحويل غزة إلى "ريفييرا الشرق الأوسط" بأنها واحدة من الأفكار الأكثر تطرفًا التي طرحها البيت الأبيض منذ سنوات عديدة.
ورأت الشبكة أن الفكرة ذاتها التي قدمها ترامب في الأيام الأخيرة باعتبارها سياسته الجديدة تجاه غزة، تشبه إلى حد كبير الحجة التي طرحها كوشنر، ولم يكن من الحكمة الإعلان عن الخطة إلى جانب نتنياهو.
وقالت الشبكة "لقد كانت الطائرات الإسرائيلية، التي كانت في كثير من الأحيان تسقط القنابل الأمريكية، هي التي جعلت العقارات التي يتحدث ترامب الآن عن الاستيلاء عليها وتطويرها غير صالحة للسكن".
ويعكس موقف مصر والأردن وجهة النظر السائدة في مختلف أنحاء العالم العربي، وهي أن هذه الخطة تعد محاولة للتطهير العرقي، ولكن مع تحريف، مضيفة "ستكون الولايات المتحدة هذه المرة المستفيد المالي، حيث من المفترض أن يقوم العديد من المطورين العقاريين الأمريكيين ببناء منازل فاخرة في غزة للبيع".
فكرة سخيفة وابتزاز
ومن بين أبرز ردود الفعل الدولية الرافضة للمقترح، تصريحات للمستشار الألماني أولاف شولتس التي وصف مقترح ترامب بـ "الفضيحة" بحسب دويتشه فيله، معتبرًا "إعادة توطين السكان أمر غير مقبول ويخالف القانون الدولي".
وأضاف شولتس أن تسمية "ريفييرا الشرق الأوسط" فظيعة في ضوء الدمار الهائل في قطاع غزة.
وكان أحدث المعارضين لخطة ترامب حول طرد الفلسطينيين من قطاع غزة، هي جمهورية الصين حيث أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية قوه جيا كون في مؤتمر صحفي دوري إن "غزة ملك للفلسطينيين وهي جزء لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية"، وقال "نحن ضد التهجير القسري لأهالي غزة".
كوريا الشمالية بدورها، أطلقت بيانًا ناريًا يعارض خطة ترامب لضم قطاع غزة، واصفة الفكرة بالسخيفة متهمة واشنطن بالابتزاز، حيث أن آمال الفلسطينيين الضئيلة في الأمن والسلام تتحطم بسبب الاقتراح.
وأكدت كوريا في تعليق نشرته وكالة الأنباء المركزية الكورية، "أن العالم يغلي الآن مثل قدر العصيدة بسبب إعلان الولايات المتحدة الصاعق"، "على الولايات المتحدة أن تستيقظ من أوهامها البالية وأن تتوقف فورا عن انتهاك كرامة وسيادة الدول والشعوب الأخرى".