رفع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الرسوم الجمركية المفروضة على واردات الصلب والألومنيوم، من 10% إلى 25%، في إجراء أثار الانتقادات والتحذيرات داخل الولايات المتحدة وخارجها.
وبرر بيتر نافارو، المستشار التجاري لترامب، هذه الإجراءات بأنها ستساعد منتجي الصلب والألومنيوم الأمريكيين، وستدعم الأمن الاقتصادي والقومي الأمريكي.
وقال "نافارو" للصحفيين، أمس الاثنين: "إن الرسوم الجمركية 25% على الصلب والألومنيوم ستضع حدًا للإغراق الأجنبي وتعزز الإنتاج المحلي وتؤمن صناعاتنا من الصلب والألومنيوم؛ باعتبارها العمود الفقري والصناعات الأساسية للأمن الاقتصادي والوطني الأمريكي".
وأضاف: "الأمر لا يتعلق بالتجارة فحسب، بل يتعلق بضمان عدم اضطرار أمريكا أبدًا إلى الاعتماد على الدول الأجنبية في الصناعات الحيوية مثل الصلب والألومنيوم".
وعلى الرغم من هذه المبررات، أحد خبراء الاقتصاد حذّر من أن رفع الرسوم الجمركية على الصلب تعني ارتفاع الأسعار بالنسبة للأمريكيين وفقدان وظائفهم، وفق ما أوردت صحيفة "ذا تليجراف" البريطانية.
ونقلت الصحيفة عن بين ستيل، مدير الاقتصاد الدولي في مجلس العلاقات الخارجية: "السؤال الأكثر جوهرية هو ما إذا كانت الولايات المتحدة تستفيد بالفعل من مثل هذه الرسوم الجمركية الجديدة.. التكاليف التي ستتحملها الولايات المتحدة ستشمل ارتفاع الأسعار للمستهلكين الأمريكيين، والتعريفات الجمركية الانتقامية في الخارج، وفقدان الوظائف الأمريكية، وكذلك القدرة التنافسية في الشركات المتضررة من ارتفاع تكاليف المدخلات".
ونقلت "ذا تليجراف" تحذير خبراء وأكاديميين، من أن الرسوم الجمركية على الصلب المستورد ستضغط على الهوامش، وسوف تتسبب في تأخيرات في صناعة البناء بالولايات المتحدة.
وتوقعت الصحيفة البريطانية أن تؤثر خطط ترامب لفرض تعريفات جمركية جديدة على الصلب على دول مثل كندا والمكسيك والاتحاد الأوروبي بشكل أكبر، مع تجنب الصين لضربة كبيرة.
وبحسب بيانات من الحكومة الأمريكية ومعهد الحديد والصلب الأمريكي، فإن أكبر مصادر واردات الصلب الأمريكية هي كندا والبرازيل والمكسيك، تليها كوريا الجنوبية وفيتنام.
وقال خبراء اقتصاديون، إن الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب لن تحدث فرقًا كبيرًا بالنسبة للصين؛ لأن الولايات المتحدة لديها بالفعل رسوم جمركية عقابية على الصلب الصيني.
وقالت جينيفر ماكيون وحمد حسين من كابيتال إيكونوميكس: "سيكون التأثير على اقتصاد الصين ضئيلًا، فالولايات المتحدة لديها بالفعل رسوم جمركية مرتفعة على الصلب الصيني (47.5%) والألومنيوم (32.5%)، مما يعني أن التجارة محدودة بالفعل، وأن التأثير التدريجي للرسوم الجمركية الأعلى يجب أن يكون ضئيلًا".
ونقلت الصحيفة عن تشارو تشانانا، رئيسة استراتيجيات الاستثمار في ساكسو بسنغافورة: "سيكون التأثير أكثر وضوحًا على دول مثل كندا والمكسيك والاتحاد الأوروبي واليابان وكوريا الجنوبية وتايوان والبرازيل. ومع ذلك، قد لا يكون القلق المباشر هو التضخم، حيث قد تكون هناك آثار مضادة مثل تباطؤ الطلب، القلق الأكبر هو عدم اليقين والتحول نحو عالم أكثر حماية".
وأثارت الرسوم الجمركية على الصلب انتقادات فورية من كندا، أكبر مصدر لواردات الصلب، إذ قالت كانديس لينج، رئيسة غرفة التجارة الكندية، إن ترامب كان قوة مزعزعة للاستقرار في الاقتصاد العالمي، وأضافت: "إن أخبار اليوم توضح أن حالة عدم اليقين الدائمة ستبقى".
وقال مدير معهد الدراسات المالية في المملكة المتحدة، إن الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب، قد تؤدي إلى إنهاء صادرات المملكة المتحدة من الصلب إلى الولايات المتحدة.
ووصفت رابطة التجارة لصناعة الصلب في المملكة المتحدة، خطط ترامب لفرض رسوم جمركية بنسبة 25% على واردات الصلب والألومنيوم بأنها "ضربة مدمرة".
وتمثل الولايات المتحدة حوالي 10% من صادرات الصلب البريطانية، حيث شحنت ما يقرب من 400 مليون جنيه إسترليني هناك في عام 2023.
ووفقًا للحكومة البريطانية، تمثل مبيعات الألومنيوم إلى الولايات المتحدة حوالي 6% من إجمالي صادرات هذا القطاع.
وحذّر رؤساء قطاع التصنيع في المملكة المتحدة، من أن الرسوم الجمركية، قد تؤدي إلى فقدان الوظائف، إذ توظف صناعة الصلب في المملكة المتحدة 33 ألف شخص بشكل مباشر، بالإضافة إلى 42 ألف شخص آخرين من خلال سلاسل التوريد.
وتفاوضت المملكة المتحدة على نظام الحصص مع الولايات المتحدة، بعد أن فرض ترامب رسومًا جمركية خلال ولايته الأولى في عام 2018، مما سمح لبريطانيا بتصدير 500 ألف طن من الصلب إلى الولايات المتحدة مُعفاة من الرسوم الجمركية.