شهد اليوم الخامس لفعاليات النسخة الـ 26 من مهرجان الإسماعيلية الدولي للأفلام التسجيلية والقصيرة، برئاسة المخرجة هالة جلال، تكريم الفائزين في "ورشة ذاكرة المكان" والتي انقسمت لتدريبين، الأول بمحافظة القاهرة حول صناعة الأفلام، بينما التدريب الثاني لأبناء محافظات القناة، الذي استهدف تنمية مهارات الكتابة الإبداعية وصناعة الأفلام القصيرة لدى الشباب.
وخلال الحفل الختامي للورشة، تم إعلان الفائزين في مسابقة الكتابة، التي خُصصت لإقليم القناة، حيث فاز محمد عوض غريب عن قصته "متى يغادر القطار؟"، محمد زين عن قصته "الكرنفال"، أحمد عايد عن قصته "موت هزيل"، معتز دهشان عن قصته "الفنار"، أميرة الحلو عن قصتها "الفنجان الأخير"، أحمد يوسف عن قصته "قهوة المثلث" وهدير عبد الهادي عن قصتها "خريطة أوجيني".
أما في مسابقة أفلام ورشة ذاكرة المكان، والتي أُقيمت في القاهرة، فقد شهدت تنافسًا قويًا بين عدد من الأعمال المتميزة، حيث كان المركز الأول من نصيب فيلم "رميم"، والثاني لفيلم "مازالت هناك"، بينما ذهب الثالث لفيلم "حكاوي راديو".
وشهد الحفل تكريم الفائزين من قبل إدارة المهرجان، حيث أشادت رئيسة المهرجان هالة جلال، بالمستوى الإبداعي المتميز الذي قدمه المشاركون، مشيرة إلى أن مثل هذه المبادرات تساهم في إثراء المشهد الثقافي والفني المصري.
الأفلام الذاتية التسجيلية والوثائقية"
من ناحية أخرى، أقيمت ندوة بعنوان "الأفلام الذاتية التسجيلية والوثائقية"، بمشاركة نخبة من الخبراء والمتخصصين في السينما، وأدارها الكاتب والناقد زين خيري، الذي أكد أن السينما حتى عند تناولها موضوعات اجتماعية وعامة، تبقى فنًا ذاتيًا يعكس وجهة نظر صانعها، وأن الفن لا يمكن أن يكون موضوعيًا أو محايدًا، إذ يحمل بصمة صاحبه، فكيف إذا كانت الأفلام ذاتية، تتناول حياة المخرج نفسه لنقل رؤيته أو توثيق شريحة زمنية معينة؟
وتحدثت المخرجة والمنتجة مريان خوري، عن تجربتها في الأفلام الذاتية، مُشيرة إلى أن أول فيلم ذاتي لها كان "زمن لارا" والذي عُرض لأول مرة في مهرجان الإسماعيلية، ونال إعجاب المخرج يسري نصر الله، إذ تناول حياة سيدة إيطالية مصرية كانت تدرّس الباليه في سنّ التسعين، ووجدت مريان أنها تشبهها في جوانب عديدة، وقدمت بعد ذلك أفلامًا أخرى، مثل عاشقات السينما وظلال، الذي وثّقت فيه تجربتها داخل مستشفى للأمراض العقلية.
وعن فيلمها "احكي لي"، قالت خوري: "الفيلم يتناول قصص ثلاث نساء من عائلتي، من جدتي إلى ابنتي، عندما عُرض في مهرجان القاهرة، كان الجمهور يظن أنه يكشف فضائح يوسف شاهين، مما أثار فضولهم، لكنهم اكتشفوا لاحقًا أنه فيلم شخصي يتناول العائلة، حيث ظهر يوسف شاهين في الفيلم، وكان وجوده جاذبًا، لكن الجمهور أدرك في النهاية أنه كان بمثابة مرآة للمشاهدين".
جاي الزمان
أما المخرجة والمؤلفة دينا محمد حمزة، ابنة الشاعر الراحل محمد حمزة، فكشفت أن فيلمها "جاي الزمان" كان طوق نجاة لها من العزلة والانتحار بعد وفاة والدها، إذ عانت من حالة غضب تجاه الموت، خصوصًا بعد رحيل والدتها قبله، فقررت توثيق الأماكن التي كان يرتادها والدها، مثل الإذاعة والمستشفى، مؤكدة أن الأفلام الذاتية تمثل علاجًا نفسيًا لنا، خاصة تلك التي تتناول الأب والأم، لأنها تتيح مشاركة الجمهور في تجربة الفقد.
أضافت: "كان هدفي أيضًا تسليط الضوء على الشعراء، الذين يعدّون رموزًا خفية لم يُنصفهم التاريخ الفني، كما أُنصف الممثلون".
رمسيس راح فين
من جانبه، تحدث المخرج عمرو بيومي عن تجربته في فيلم "رمسيس راح فين"، الذي يتناول مسيرة نقل تمثال الملك رمسيس الثاني من ميدان رمسيس إلى المتحف المصري الكبير.
فيما استعرضت المخرجة نادية كامل تجربتها مع فيلم "سلطة بلدي"، الذي يتناول قضية التعصب الديني والقومي في مصر خلال القرن الحادي والعشرين، وتأثير "صدام الحضارات" على المجتمع، موضحة أن الفيلم يعرض قصص زواج مختلط عبر 100 عام داخل عائلتها، مؤكدة أن السينما الذاتية، سواء التسجيلية أو الروائية، تمنح المبدع حرية التعبير عن ذاته دون قيود أو إذن من أحد، لكنها في الوقت نفسه مغامرة تتطلب شجاعة لمواجهة التحديات حتى النهاية.
فلسفة العمارة وعلاقتها بالسينما"
شهدت فعاليات اليوم أيضًا ندوة بعنوان "فلسفة العمارة وعلاقتها بالسينما" حاضر فيها الدكتور محمد فريد المدرس المساعد بجامعة القاهرة وعضو المجلس الأعلى لنقابة المهندسين والمخرج أشرف فايق.
استهل فريد حديثه بتناول العلاقة بين العمارة والسينما من خلال ثلاثة محاور رئيسية، وهي تأثير العمارة والعمران في السينما، موضحًا أن العمارة والعمران لعبا دورًا محوريًا في سرد القصص وتصوير الواقع والتعبير عن التحولات الاجتماعية والثقافية التي شهدتها مصر عبر التاريخ، مشيرًا إلى أن هذا التأثير يظهر من خلال ثلاثة جوانب، وهي تجسيد الهوية المصرية، وتصوير الواقع الاجتماعي، والتعبير عن التحولات الثقافية.
أوضح أن العمارة شاهدة على التاريخ منذ العصر الفرعوني حتى العصر الحديث، وتعكس التحولات السياسية والاجتماعية، كما تجسد المدن المصرية في السينما مثل القاهرة الصاخبة والإسكندرية الساحرة وتعبر عن أنماط الحياة والتغيرات المجتمعية، كما تؤثر في إبراز التغيرات الثقافية التي طرأت على المجتمع، مشيرًا إلى عدد من الأفلام التي جسدت تأثير العمارة في السينما مثل "عمارة يعقوبيان" و"حين ميسرة" إلى جانب أفلام استخدمت العمران كجزء من القصة ذاتها، مثل "الهروب من الكاتراز"، كما استشهد بأفلام أخرى تناولت أهمية العمارة والعمران في السينما منها "المدينة" و"بليد رانر" و"إميلي".
كما تحدث المخرج أشرف فايق عن علاقة العمارة بالسينما، من خلال الديكور السينمائي، موضحًا أن المخرج قد يلجأ إلى بناء ديكورات بديلة بدلًا من التصوير في أماكن حقيقية؛ نظرًا لصعوبة الحصول على التصاريح أو ارتفاع تكلفة التصوير في بعض المواقع، موضحًا أن هناك العديد من الحيل السينمائية التي تساعد المخرج على الاستغناء عن التصوير في المواقع الحقيقية دون التأثير على جودة المشهد، مثل تصوير المشاهد الخارجية لمطار القاهرة مع استخدام المؤثرات الصوتية لمحاكاة أجواء لحظات الوصول أو الإقلاع أو بناء ديكورات بسيطة لمستشفى بدلًا من التصوير في مستشفى حقيقي مع الحفاظ على الأجواء المطلوبة؛ لضمان تفاعل الجمهور مع المشهد.