الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

"السفارة العملاقة".. صراع بريطاني صيني يشعل شوارع لندن

  • مشاركة :
post-title
السفارة الصينية

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

يترقب الشارع البريطاني قرارًا حكوميًا مصيريًا بشأن إنشاء أكبر سفارة صينية في أوروبا وسط لندن، في وقت تتصاعد فيه الاحتجاجات الشعبية والمخاوف الأمنية من هذا المشروع الذي يعكس تنامي النفوذ الصيني في المملكة المتحدة.

ووفقًا لصحيفة "ذا جارديان" البريطانية، يستعد أكثر من ألف متظاهر للتجمع أمام موقع "رويال منت كورت" التاريخي، في محاولة للضغط على صناع القرار قبل البت النهائي في مصير هذا المشروع المثير للجدل.

معارضة مجتمعية

وهناك طموح صيني غير مسبوق لإنشاء مجمع دبلوماسي ضخم على مساحة 20 ألف متر مربع قرب برج لندن التاريخي، في موقع استراتيجي اشترته بكين عام 2018.

وأثار هذا المشروع موجة من الاعتراضات المجتمعية والسياسية، إذ يرى السكان المحليون أن المشروع يتم دفعه لأسباب سياسية دون اعتبار لمخاوفهم وشواغلهم.

وقال مارك نيجيت، أمين صندوق جمعية سكان "رويال منت كورت"، إن السكان غير راضين عن الطريقة التي تعاملت بها الحكومة مع هذه القضية، مشيرًا إلى أن الضرر الذي سيلحق بالمنطقة السكنية سيكون هائلًا.

وتتجلى المعارضة في تحالف واسع يضم مجموعات متنوعة من النشطاء والمعارضين، بما في ذلك ممثلون عن الأويجور والتبتيين ونشطاء هونج كونج والمعارضين الصينيين.

ونظمت هذه المجموعات حملة منسقة للاحتجاج، مع وصول حافلات تقل متظاهرين من مدن بريطانية مختلفة مثل مانشستر وليفربول، وحتى من أسكتلندا، في تعبير واضح عن حجم المعارضة الشعبية للمشروع.

تحول سياسي وتناقضات أمنية

وكشفت "ذا جارديان" عن تحول دراماتيكي في مسار القضية، إذ أعادت الصين تقديم طلبها بعد وصول حزب العمال إلى السلطة، في خطوة أثارت تساؤلات حول الدوافع السياسية وراء المشروع.

وتدخلت الحكومة البريطانية في القضية بعد أن أثارها الرئيس الصيني شي جين بينج مباشرة مع زعيم حزب العمال كير ستارمر (رئيس الوزراء البريطاني)، ما يعكس أهمية المشروع على المستوى الدبلوماسي.

وفي تطور لافت للنظر، برزت تناقضات في الموقف الأمني، إذ سجلت شرطة العاصمة اعتراضها على المشروع في البداية، محذرة من عدم كفاية المساحة لاستيعاب المتظاهرين بشكل آمن، إلا أن الشرطة عادت وسحبت اعتراضها استنادًا إلى وثيقة قدمتها السفارة الصينية تقدر إمكانية استيعاب نحو ألفي متظاهر في مقدمة الموقع و4500 شخص في الشوارع المحيطة، في تحول أثار المزيد من التساؤلات حول الضغوط السياسية المحتملة.

مستقبل العلاقات البريطانية-الصينية

تأتي هذه التطورات في سياق أوسع من التوتر المتصاعد في العلاقات البريطانية-الصينية، وعبر النائب العمالي بلير ماكدوجال عن هذا التوتر بقوله إن هناك حاجة لوضع خطوط حمراء في العلاقات مع بكين، مشيرًا إلى قضية جيمي لاي، المواطن البريطاني المسجون في الصين، وانتهاك الاتفاقيات السابقة بين البلدين.

ويتوقف مصير المشروع الآن على تحقيق محلي سيبدأ في مفتشية التخطيط ويستمر لمدة تصل إلى ستة أيام، قبل أن يصل القرار النهائي إلى مكتب أنجيلا راينر، نائبة رئيس الوزراء ووزيرة الإسكان.

وسيكون لهذا القرار تداعيات كبيرة ليس فقط على مستقبل المشروع، بل أيضًا على مستقبل العلاقات البريطانية-الصينية وعلى النفوذ الصيني المتنامي في أوروبا.

ويعكس هذا الجدل المحتدم حول "السفارة العملاقة" تحديًا أكبر يواجه بريطانيا في موازنة مصالحها الاقتصادية والدبلوماسية مع الصين، مع الحفاظ على قيمها الديمقراطية والتزاماتها تجاه حقوق الإنسان، في وقت تتزايد فيه المخاوف من تنامي النفوذ الصيني في الغرب.