قبل أقل من عام على إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نيته الاستيلاء على غزة وإخلاء القطاع من السكان لتحويله إلى "ريفييرا الشرق الأوسط"، بادر جاريد كوشنر، صهر ترامب ومستشاره خلال ولايته الأولى، بفكرة مماثلة تضمنت تهجير سكان غزة إلى مناطق محددة في مختلف أنحاء النقب، أو في المقابل نقلهم إلى دول الجوار.
وقتها، شارك كوشنر رؤيته للشرق الأوسط، قائلاً إنه في رأيه يجب على إسرائيل أن توطن سكان غزة في صحراء النقب بينما "تنتهي من تنظيف" القطاع. وعندما سئل في ندوة بجامعة هارفارد عما إذا كان ينبغي السماح للفلسطينيين بالعودة إلى ديارهم في غزة، أجاب: "ربما، ولكن غزة لم تعد موجودة حقاً الآن. لم يتبق منها الكثير، هذا أمر مؤكد"، بحسب موقع "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلي.
هكذا، من الممكن التكهن بمصدر كلمات ترامب في المؤتمر الصحفي الذي عقده البيت الأبيض، الثلاثاء، إلى جانب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "قطاع غزة كان مصدر دمار وسيئ للغاية بالنسبة للناس، وحياة السكان هناك بائسة"، مع الإشارة إلى أنهم "بحاجة إلى الذهاب إلى أماكن أخرى".
وتلفت شبكة "سي إن إن" إلى أنه بينما لا يخدم كوشنر في البيت الأبيض تحت إدارة ترامب -كما فعل خلال إدارة صهره الأولى- ولكن يُنظر إليه مع ذلك باعتباره صاحب رأي موثوق في القضايا الرئيسية، بما في ذلك في الشرق الأوسط.
مزاعم التطهير
خلال الندوة التي استضافتها جامعة هارفارد، أوضح كوشنر أنه لم يناقش اقتراحه بتهجير الفلسطينيين إلى النقب مع الحكومة الإسرائيلية؛ وبالطبع ليس مع أطراف أخرى، بمن فيهم الفلسطينيين أنفسهم.
وقال: "أعلم أن هذا لن يكون الشيء الشعبي الذي ينبغي القيام به، لكنني أعتقد أنه سيكون الخطوة الصحيحة. تطهير منطقة في النقب، وإنشاء منطقة آمنة هناك، وإخراج المدنيين، ثم الدخول وإنهاء المهمة"، بحسب الموقع العبري.
ويلفت تقرير "يديعوت أحرنوت" إلى أن فكرة تهجير سكان غزة إلى النقب كانت تتوافق إلى حد ما في ذلك الوقت مع خطة السلام (صفقة القرن) التي طرحها ترامب في ولايته الأولى، والتي كان كوشنر أحد مهندسيها.
وأضاف كوشنر حينها أن "الممتلكات الواقعة على الواجهة البحرية في غزة يمكن أن تكون ذات قيمة كبيرة، إذا ركز سكانها على سبل العيش وليس كل الأموال التي تذهب إلى شبكة الأنفاق والذخيرة بدلًا من التعليم والابتكار".
ويشير الموقع العبري إلى أن ملكية الأراضي في غزة "تعتبر قضية معقدة تتشابك مع مزيج من القوانين والأنظمة والأعراف"، والتي يعود بعضها إلى العهد العثماني والانتداب البريطاني، وبعضها يعود إلى القانون الأردني "وبالإضافة إلى ذلك، هناك عادات في قطاع غزة تقسم الأرض بين العشائر المختلفة، وهو ما يزيد الأمر تعقيدًا".
ليست الأولى
بعيدًا عن خطة كوشنر بشأن القطاع، فهذه ليست المرة الأولى التي يشير فيها ترامب إلى غزة باعتبارها "قطعة أرض ذات إمكانات". ففي أكتوبر الماضي، قال في مقابلة إن "غزة يمكن أن تكون أفضل من موناكو، إذا تم بناؤها بالطريقة الصحيحة"، على حد زعمه.
وفي حديثه في يوم تنصيبه الشهر الماضي، قدم ترامب تلميحات حول الاتجاه الذي قد تتجه إليه خطته بشأن غزة؛ كما أشارت "سي إن إن".
وقال ترامب بعد وقت قصير من أداء اليمين: "إنها (قطاع غزة) منطقة رائعة، تطل على البحر، والطقس فيها رائع. كل شيء على ما يرام. ويمكن القيام ببعض الأشياء الجميلة هناك". وأضاف حينها أنه "ربما" يكون على استعداد للمساعدة في إعادة الإعمار.
وتلفت الشبكة الإخبارية الأمريكية إلى أنه "من الواضح أن هذا الانفتاح على المساعدة تطور خلال الأسبوعين التاليين إلى الخطة التي كشف عنها يوم الثلاثاء للاستيلاء على القطاع ــربما بمساعدة القوات الأمريكيةــ وإعادة بنائه إلى "مكان دولي لا يصدق".