الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

نظرية "الرجل المجنون" و"صرف الانتباه".. تفسيرات متعمقة لمقترح ترامب بشأن غزة

  • مشاركة :
post-title
لقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وبنيامين نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

أثار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضجة سياسية وإعلامية واسعة في الشرق الأوسط والعالم، بعد إعلانه -خلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو- عن مقترح غير مسبوق يقضي باستيلاء الولايات المتحدة على قطاع غزة وإدارته على المدى الطويل.

ووصف محللون خطة ترامب لتحويل القطاع الفلسطيني إلى ما وصفه بـ"ريفيرا الشرق الأوسط"، بأنها الخطوة الأكثر إثارة للجدل منذ توليه منصبه للمرة الثانية.

مناورة سياسية أم استراتيجية جديدة؟

في تحليل موسع نشرته صحيفة "واشنطن بوست"، قدم خبراء ومحللون سياسيون أربعة تفسيرات محتملة لهذا المقترح المفاجئ، في محاولة لفهم الدوافع الحقيقية وراء هذا التصريح المثير للجدل، إذ يرون أن توقيت طرح هذا المقترح ربما يحمل مناورة استراتيجية ذكية لصرف الانتباه عن تحديات داخلية مُلحَّة تواجه إدارته.

ونقلت الصحيفة عن ستيفن بانون، المستشار السابق للبيت الأبيض، تأكيده نجاح استراتيجية "إغراق المنطقة" بالتصريحات المثيرة للجدل، قائلًا: "إنها تعمل بشكل فعّال، من المذهل بالنسبة لي ما يفعلونه، ولا يتم تغطيته لأنه أكثر من اللازم، إنهم يغمرون النظام".

وفي هذا السياق، أشار السيناتور الديمقراطي كريس مورفي، من ولاية كونيتيكت، إلى أن وسائل الإعلام ستركز على هذا التصريح لأيام، ما يصرف الانتباه عن القضايا الجوهرية الأخرى.

وكتب "مورفي" على منصة "إكس": "لديّ خبر لكم، لن نستولي على غزة، لكن وسائل الإعلام والطبقة المثقفة ستركز عليه لبضعة أيام، وسينجح ترامب في صرف انتباه الجميع عن القصة الحقيقية، استيلاء أصحاب المليارات على الحكومة لسرقة الناس العاديين".

وعلى جانب آخر، يرى فريق من المحللين أن المقترح قد يكون مناورة تفاوضية تهدف إلى الضغط على الأطراف الإقليمية.

وأيضًا، أشارت "واشنطن بوست" إلى أن هذا التهديد بالتدخل الأمريكي المباشر قد يكون وسيلة لدفع الأطراف المعنية نحو حل أكثر استدامة.

ويدعم هذا التفسير ردَّ فعل نتنياهو المتحفظ خلال المؤتمر الصحفي، إذ امتنع عن تأييد الخطة صراحة، مكتفيًا بالإشادة بـ"استعداد ترامب لكسر التفكير التقليدي".

وقال نتنياهو: "لديه فكرة مختلفة، وأعتقد أنها تستحق الاهتمام.. نحن نتحدث عنها.. إنه يستكشفها مع شعبه وفريقه".

عودة آلاف الفلسطينيين إلى شمال غزة
نظرية "الرجل المجنون"

يستحضر المحللون في واشنطن بوست نظرية "الرجل المجنون" التي استخدمها الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون في تعاملاته مع الاتحاد السوفييتي، والتي تقوم على فكرة جعل الدول الأخرى تعتقد أنك غير متوقع وقادر على فعل أي شيء، لإبقائها تحت السيطرة.

وفي مقابلة مع "وول ستريت جورنال"، في أكتوبر الماضي، عبّر ترامب عن هذا النهج بوضوح عندما سُئل عن استخدام القوة العسكرية لحماية تايوان من الصين، وقال عن الرئيس الصيني شي جين بينج: "لن أحتاج إلى ذلك، لأنه يحترمني ويعرف أنني مجنون".

ونقل تحليل "واشنطن بوست" عن مستشار مقرب من ترامب قوله إنه "يوسع حدود المجازفة"، مضيفًا أنه "في هذه المرة، لا يخشى العناوين الرئيسية أو المعلقين: سيطرح ما يشاء متى شاء".

وتربط الصحيفة هذا النهج بتصاعد النزعة الإمبريالية في خطاب ترامب، مستشهدة بتصريحاته السابقة حول الاستيلاء على جرينلاند وقناة بنما، وحتى تحويل كندا إلى الولاية الأمريكية الـ51.

ولفتت "واشنطن بوست" إلى تصريحات سابقة لجاريد كوشنر، صهر ترامب، في مارس الماضي، قال فيها "إن العقارات المطلة على البحر في غزة قد تكون قيّمة للغاية"، مقترحًا "نقل السكان إلى الخارج ثم تنظيفها".

وأضافت الصحيفة أن لا أحد يتحدث عن إمكانات "العقارات المطلة على البحر" مثل ترامب، الذي ردد تعليقات كوشنر بقوله إن "غزة يمكن أن تكون ريفيرا الشرق الأوسط".

تداعيات إقليمية وتحذيرات دولية

وحذر خبراء ومحللون من أن مجرد طرح فكرة التهجير الجماعي للفلسطينيين من غزة، قد يؤدي إلى تأجيج التوترات في المنطقة التي شهدت مؤخرًا اتفاق سلام ووقف إطلاق نار.

وبالفعل أصدرت دول عربية عديدة بيانات تندد بهذا المقترح، معتبرة إياه تهديدًا للاستقرار الإقليمي وانتهاكًا للقانون الدولي.

واختتمت الصحيفة تحليلها بالإشارة إلى أن تنفيذ مثل هذا المقترح سيتطلب على الأرجح تعبئة هائلة للقوات الأمريكية، على الرغم من هجمات ترامب المستمرة على مفهوم بناء الأمم الأجنبية طوال سنوات.

ومع غياب "الضوابط المؤسسية" التي كانت موجودة في ولايته الأولى، حيث غاب عقول السياسة الخارجية المؤسسية الذين كانوا سينصحونه ضد مثل هذه الخطوات، يصبح من الصعب التنبؤ بمدى جدية هذا المقترح.

ولفت المحللون إلى أن أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين، الذين كانوا يقاومون نزعات ترامب في السياسة الخارجية خلال فترة 2017-2021، أظهروا استعدادًا أقل بكثير لمعارضته في ولايته الثانية.

وخلصت "واشنطن بوست" إلى أن تجاهل مثل هذه التصريحات قد يكون خطيرًا، خاصة مع سجل ترامب في تنفيذ بعض أفكاره الأكثر جرأة التي تم تجاهلها في السابق باعتبارها غير جدية.