"أنا متمردة في الفن، ولا أحب اللون الرمادي في حياتي، كما أنني هوائية جدًا وليس لي ترمومتر، لأن الفنان غير متزن مع مشاعره وعواطفه، لذلك كان أمامي فرصة أن أكون فنانة جيدة"، هكذا تتحدث الفنانة الراحلة مديحة كامل صاحبة الموهبة الفذة عن نفسها وفنها، حيث استطاعت الوصول لقلوب جمهورها سريعًا، ليسطع نجمها في مصر والوطن العربي، دون أن تعتمد على ملامحها الجميلة في مشوارها بل أثبتت موهبتها في كل دور قدمته سواء في السينما، أو التليفزيون والمسرح.
مديحة كامل التي ولدت في الإسكندرية عام 1948، وتحل اليوم ذكرى رحيلها الـ ٢٦، عشقت الفن منذ الصغر، ورغم عدم تفوقها في الدراسة إلا أنها أصبحت حريصة على مذاكرة دروسها بعناية حتى تتمكن من المشاركة في الأنشطة الفنية، وتحكي عن بداياتها وتقول في لقاء تلفزيوني: "ولدت في ظروف معيشية جيدة، وتربيت في بيئة ليست فنية، ولكنهم متذوقون للفن، وعشقت الفن منذ الصغر من خلال المدرسة حيث كنت أضطر للتفوق في الدراسة حتى لا يحرمونني من النشاطات الفنية".
بداية رحلة الفن
بدأت رحلة مديحة كامل مع الفن، حينما انتقلت من الإسكندرية إلى القاهرة مع عائلتها في سن صغير، لتشارك في عدد من الأعمال الفنية وهي في مرحلة الثانوية، وقدمت عددًا من الأدوار الصغيرة في بدايتها منها "في الصيف لازم نحب، المراهقان، خدني معاك، وحب وكاراتيه"، حتى جاءتها فرصة البطولة مع الفنان الكبير فريد شوقي من خلال فيلم "30 يوم السجن".
خلال خمس سنوات قدمت مديحة أعمالًا كثيرة جعلتها من الفنانات الساطعات في السينما والمسرح والتليفزيون، وتحكي عن تلك الفترة في لقاء تلفزيوني: "قدمت عددًا كبيرًا جدًا من الأعمال، جعلتني أقف مع نفسي وأتخوف من الوصول إلى مرحلة الإسفاف، لذلك قررت أن أتوقف وأنظر مرة أخرى لمشواري الفني لأنني لا أستطيع أن أكمل حياتي بنفس الزخم".
موهبة فذة
هذا الزخم الكبير الذي ذكرته الفنانة الراحلة هل كان نابعًا من موهبة فذة حقيقية أم اعتمادًا على الجمال؟ هذا ما أجابت عنه مديحة كامل قائلة: "مقومات النجاح موهبة فذة أو جمال خارق يجذب الناس، وأنا شخصيًا أثقلت موهبتي ولم أعتمد على شكلي، وأؤمن بنفسي ولست مغرورة في الوقت نفسه، وأرى أنه يجب أن أكون ذكية من أجل الحفاظ على مستواي الفني وبقائي في القمة".
"جربت الحب واكتشفت في كل مرة أنني أعشق أكثر لذلك لن أستطيع أن أستغني عنه"، هكذا قالت مديحة كامل التي تزوجت ثلاث مرات وأنجبت وهي في سن صغيرة ابنتها الوحيدة ميرهان، ولكن في الحقيقة أنها قررت الاستغناء عن زخم الفن وتقديم عملين فقط في العام من أجل أن تكون بجانب ابنتها الوحيدة، وعلقت على ذلك في لقاء لها: "أحب أن أمارس إحساسي بالدنيا من خلال كوني أم، وأحب أن أجلس مع ابنتي وقتًا كبيرًا، وأذاكر لها وأشترك معها في نشاطاتها وأخرج معها أيضًا.
ابتعاد ثم رحيل
وعلى الرغم من أن مديحة كامل تزوجت وأنجبت ودخلت مجال الفن، وعمرها لا يتعدى الثلاثة وعشرين عامًا، وعرفت قيمة الاعتماد على نفسها، إلا أنها ومع إحساس الأمومة الذي تغلب عليها تغيرت مع ابنتها وكانت تخاف عليها كثيرًا، حينما تخرج وحيدة في الليل وتذهب لأصدقائها وكانت دائمًا تحرص على الاطمئنان عليها.
لم تكن تعارض مديحة كامل أن تدخل ابنتها عالم الفن، ولكن تقول: "كان يجب أن أشعر أن لديها هذا الجَلد في تحمل صعوبات المهنة، ومدة التصوير الكبيرة، فقد جاءت علينا أيام نصور فيها عدد ساعات يتخطى ١٦ ساعة، وفي الموسم الرمضاني نبذل مجهودًا جبارًا لكي تخرج أعمالنا في مواعيدها.
ورغم العشق الكبير للفن والذي حكت عنه مديحة كامل في كل لقاءاتها في بدايتها إلا أنها قررت أن تبعد عن الأضواء عام 1992 واعتزلت الفن وبقيت هكذا، حتى رحلت عن عالمنا في صباح مثل هذا اليوم 13 يناير 1997 عن عمر ناهز 48 عامًا.