"أنا راجل بسيط جداً مثل الأطفال ولا أحب تقعير الأمور أو تعقيدها فهي لا تسوى جناح بعوضة"، كلمات جاءت على لسان الفنان ممدوح عبد العليم الذي تمر اليوم ذكرى وفاته، تعبر عن نهجه في الحياة التي حاول التعامل معها ببساطة، مثلما تعامل مع أعماله التي قدمها بسلاسة وطبيعية مجسدًا أسلوب السهل الممتنع، الذي استطاع من خلاله أن يَنفذ إلى قلوب الجمهور.
مسيرة "عبد العليم" مع الفن بدأت منذ الصغر بمشاركته في برامج الأطفال في عمر مبكر، وعندما كبر في السن دفعه حب الفن إلى تغيير مسار حياته ، فبعد أن كان من المفترض أن يصبح دبلوماسيًا بحكم تخرجه من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، اتجه لاحتراف التمثيل في رحلة امتدت 40 عامًا.
رغم انشغال ممدوح عبد العليم بالسينما والدراما التليفزيونية، لكنه قدّم تجربة مسرحية مميزة وهي "بداية ونهاية" مع عدد من عمالقة الشاشة، والتي قال عنها في لقاء تليفزيوني: "هذه المسرحية من أهم المسرحيات وقُدمت في حقبة الثمانينيات، وشارك في بطولتها 27 نجمًا منهم فريد شوقي وحسين فهمي ويسرا وكريمة مختار، وأسماء مميزة لها وزنها وثقلها وكنت محظوظاً بالعمل معهم".
امتلك ممدوح عبد العليم حسًا وطنيًا ليس فقط في مواقفه الشخصية، ولكن حتى في أعماله ، كما حدث في مسرحية "بداية ونهاية" التي قاد فيها زملائه إلى التبرع بكامل أجرهم ليذهب إيرادها لسداد ديون مصر، وعن ذلك قال: "لا يمكن أن أنسى هذه المسرحية التي ذهب ريعها بالكامل لسداد ديون مصر عام 1986 وعرضناها لأكثر من شهر مجانًا متبرعين بكامل أجورنا لمصر، وأعتقد أن هذا الشعور مهم جدًا وأن نجد عملًا فنيًا يجوب المحافظات ويذهب العائد منه لمصر".
انطلاقة السينما
انطلاقه "عبد العليم" في السينما كانت من خلال فيلم "العذراء والشعر الأبيض"، الذي حصل عنه على جائزة، ويقول عنه: "أنا مَدين بالفضل للمخرج حسين كمال الذي قدمني للجمهور في السينما بفيلم العذراء والشعر الأبيض"، ثم توالت الأعمال المميزة بعد ذلك ليُغير من جلده بما يتناسب مع العمل، فقدّم الكوميديا في "بطل من ورق" مع الفنانة آثار الحكيم وأحمد بدير، كما قدّم الأدوار الجادة في "البرىء" مع أحمد زكي، وفيلم "الخادمة" مع مديحة يسري، الذي أكد أنه كان يشعر بحنان الأم أثناء الوقوف أمامها على الشاشة، ليصل رصيد أعماله في السينما 25 فيلمًا.
يبدو أن حب ممدوح عبد العليم للعندليب الأسمر كان دافعًا قويًا له للغناء في بعض أعماله الفنية، حيث يقول عن ذلك: "منذ صغري وأنا مُغرم بالفنان عبد الحليم حافظ وهو يغني مع شادية، لدرجة أنني كبرت وكنت أعتقد أنه زوجها، ولذلك بدأت حياتي في الطفولة بالغناء والرقص في البرامج التي شاركت فيها ثم قدمت ذلك في فيلم (سمع هس) مع الفنانة ليلى علوي وأيضًا أغنية "حمص وحلاوة" بالفيلم نفسه".
الضوء الشارد
خَطف ممدوح عبد العليم الأضواء من خلال مشاركته في الدراما التليفزيونية، وتصدر بطولة عدد كبير منها من 29 عملًا شارك به، ولكن تبقى الدراما الصعيدية التي قدمها في مسلسل "الضوء الشارد" علامة فارقة في مشواره الفني، ليس فقط لأنه غيّر جلده بتقديم لون جديد ولكنه استطاع أن ينفذ للجمهور بتقديم شخصية العمدة رفيع، مع الفنانة سميحة أيوب ومحمد رياض والفنانة منى زكي ويوسف شعبان، كما حقق مسلسل "خالتي صفية والمدير" والمأخوذ عن رواية تحمل الاسم نفسه للأديب الراحل بهاء طاهر، نجاحًا لافتًا ساهم في تعزيز مكانته في الدراما التليفزيونية.
كان رحيل الفنان ممدوح عبد العليم صادمًا وموجعًا لكل من حوله، بعد أن فارق الحياة أثناء وجوده في إحدى صالات الألعاب الرياضية، ليترك إرثًا كبيرًا من الأعمال الخالدة في وجدان جمهوره.