الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

لمواجهة "داعش".. تعاون محدود بين واشنطن والإدارة السورية الجديدة

  • مشاركة :
post-title
قوات أمريكية في سوريا

القاهرة الإخبارية - محمود غراب

تتبادل الولايات المتحدة معلومات استخباراتية سريّة حول التهديدات التي يشكلها تنظيم "داعش" الإرهابي مع الإدارة الجديدة في سوريا، وفقًا لما نقلت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، عن عدد من المسؤولين الأمريكيين الحاليين والسابقين المطلعين على التبادلات.

ونقلت الصحيفة عن المسؤولين الأمريكيين، أن المخابرات الأمريكية ساعدت في إحباط مخطط لتنظيم داعش لمهاجمة مزار ديني خارج دمشق، في وقت سابق من شهر يناير الجاري.

وتشير الصحيفة إلى أن القناة الخلفية مع هيئة تحرير الشام، التي أطاحت بنظام بشار الأسد الشهر الماضي، تعكس القلق المتزايد في الولايات المتحدة من إمكانية عودة تنظيم داعش إلى الواجهة مع محاولة الإدارة الجديدة في سوريا تعزيز السيطرة.

ونقلت الصحيفة عن المسؤولين الأمريكيين، أن تبادل المعلومات الاستخباراتية يأتي انطلاقًا من مصلحة مشتركة في منع عودة داعش، ولا يعكس احتضانًا كاملًا لهيئة تحرير الشام، التي لا تزال مصنفة منظمة إرهابية.

وقال مسؤول أمريكي سابق: "هذا هو الشيء الصحيح والحكيم والمناسب، نظرًا لوجود معلومات موثوقة ومحددة حول تهديدات داعش إلى جانب جهودنا الرامية إلى تنمية علاقة مع هؤلاء الرجال".

وفي أعقاب سقوط نظام الأسد، بدأت إدارة بايدن في التعامل بحذر مع هيئة تحرير الشام وزعيمها أحمد الشرع، قائد الإدارة الجديدة بسوريا، والذي حاول إظهار الاعتدال، من خلال التواصل مع زعماء العالم والتعهد بعدم اضطهاد الأقليات الدينية العديدة في البلاد.

لكن من غير الواضح ما هي السياسة التي سيتبعها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تجاه الإدارة الجديدة في سوريا، إذ أشار إلى رغبته في البقاء بعيدًا عن شؤون الدولة الشرق أوسطية. وقال على وسائل التواصل الاجتماعي الشهر الماضي، بينما كان متمردو هيئة تحرير الشام يقودون سياراتهم نحو دمشق: "هذه ليست معركتنا".

وقال المسؤولون إن تبادل المعلومات الاستخباراتية مع هيئة تحرير الشام، حدث من خلال لقاءات مباشرة بين مسؤولين في المخابرات الأمريكية، وممثلين عن هيئة تحرير الشام، وليس عبر أطراف ثالثة، وشمل تبادلات بين الجانبين، في سوريا ودولة ثالثة.

وقال المسؤول السابق إن الأحداث بدأت بعد نحو أسبوعين من وصول هيئة تحرير الشام إلى السلطة في الثامن من ديسمبر. وفي 11 يناير الجاري، أحبطت الحكومة السورية مخططًا لتنظيم داعش لتفجير قنبلة في مزار شيعي في إحدى ضواحي دمشق، حسبما ذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية.

ونقلت "واشنطن بوست" عن مسؤولين حاليين وسابقين، أن هذا الهجوم تم تجنبه بفضل التحذيرات التي قدمتها وكالات الاستخبارات الأمريكية، وقال المسؤول السابق: "كان هذا نتيجة للجهود المبذولة لتطوير وتنمية العلاقة مع هيئة تحرير الشام، ولكن الأمر لم يكن استثنائيًا بهذا المعنى.. فحتى عندما لا تتوافق مصالحنا تمامًا، فإننا نتحمل مسؤولية، في بعض الحالات، في تبادل المعلومات الاستخباراتية".

وتجدر الإشارة إلى أن هيئة تحرير الشام كانت في الأصل تابعة لتنظيم القاعدة الإرهابي، قبل أن تنفصل علنًا عن التنظيم في عام 2017، ووفقًا لمسؤولين أمريكيين وخبراء في مكافحة الإرهاب، فإن هيئة تحرير الشام وتنظيم داعش "أعداء لدودون".

وفي عام 2018، صنَّفت الولايات المتحدة هيئة تحرير الشام جماعة إرهابية. وفي الأيام الأخيرة من إدارة بايدن، قرر المسؤولون الحفاظ على هذا التصنيف، تاركين القرارات بشأن التعاملات المستقبلية للولايات المتحدة مع حكام سوريا الفعليين لترامب، وفق ما ذكرت "واشنطن بوست".

وفي الوقت نفسه، خفف بايدن العقوبات الأمريكية على سوريا، ما سمح للمنظمات الإنسانية بالعمل في البلاد والسماح ببيع الطاقة.

وقبل عيد الميلاد بقليل، سافر وفد أمريكي بقيادة باربرا ليف، المسؤولة العليا في وزارة الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأوسط، إلى دمشق والتقى بالشرع، الذي أُبلغ بأن واشنطن رفعت مكافأة قدرها 10 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى القبض عليه. وقال المسؤولون إن قناة تبادل المعلومات الاستخباراتية منفصلة عن المشاركة الدبلوماسية.

ولم يتضح بعد ما إذا كانت هناك أي اتصالات استخباراتية أو دبلوماسية منذ تولي ترامب منصبه يوم الاثنين الماضي.

وعلى الصعيد الدبلوماسي، حثَّ المسؤولون الأمريكيون القادة الجدد في سوريا على توخي الحذر من عودة داعش، وفقًا لمسؤول أمريكي كبير سابق، قال إن هيئة تحرير الشام استجابت بشكل إيجابي.

وحسب واشنطن بوست، يقول المسؤولون السابقون إنهم شعروا بالتشجيع من وعود هيئة تحرير الشام بالانفصال عن ماضيها المتطرف ومحاربة تنظيم داعش، ولكنهم في الوقت نفسه كانوا قلقين بشأن قرار الجماعة بوضع الأجانب، الذين يرى المسؤولون الأمريكيون أنهم مرتبطون بعصر هيئة تحرير الشام المتطرف، في مناصب داخل وزارة الدفاع بالحكومة الجديدة في سوريا.

وفي حين أن تنظيم داعش أضعف بكثير مما كان عليه في ذروة قوته، عندما كان يسيطر على مساحة شاسعة من الأراضي عبر العراق وسوريا، يقول المسؤولون الأمريكيون إن قوة متبقية لا تزال قائمة، إلى حد كبير في الصحراء الجنوبية في سوريا.

وفي الأسابيع التي تلت إطاحة هيئة تحرير الشام بنظام الأسد، نفذت القوات العسكرية الأمريكية غارات جوية على مواقع للمتشددين.

وبعد سنوات من هزيمة الولايات المتحدة وحلفائها للجزء الأكبر من قوات تنظيم داعش، لا يزال نحو 2000 جندي أمريكي في شرق سوريا، ويتعاونون مع القوات الكردية السورية في مهمة تهدف إلى منع عودة تنظيم داعش والحد من النفوذ الإيراني في سوريا.

ويظل مستقبل هذا الوجود موضع شك مع إعلان هيئة تحرير الشام عن رغبتها في رؤية جميع القوات الأجنبية تغادر سوريا، وبدء ترامب -الذي حاول سحب القوات الأمريكية من سوريا خلال ولايته الأولى- ولايته الثانية.

وأكد مستشار الأمن القومي الجديد لترامب، ضابط القوات الخاصة المتقاعد مايكل والتز، على هدف الرئيس المتمثل في الحد من التدخل العسكري في الخارج، لكنه قال أيضا إن الولايات المتحدة يجب أن تمنع عودة داعش.

ويقول ماثيو ليفيت، الخبير في مكافحة الإرهاب في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى: "لا ينبغي أن يكون من المستغرب أن يتواصل المسؤولون الأمريكيون مع نظرائهم الأمنيين هناك في سوريا بشأن القائمة المختصرة للأشياء التي لدينا مصالح مشتركة حقيقية فيها، بما في ذلك إبقاء داعش تحت السيطرة"، لكنه أضاف: "هذه ليست علاقة صداقة".

وقال تشارلز ليستر، وهو زميل بارز في معهد الشرق الأوسط وخبير في الشؤون السورية: "لا شك أن هيئة تحرير الشام تريد كبح جماح تنظيم داعش". وأضاف أن السؤال الحقيقي هو ما إذا كانت لديها القدرة على القيام بذلك.

وأضاف ليستر أن "هيئة تحرير الشام وتنظيم داعش يتقاتلان منذ عقد من الزمان"، مضيفًا أن المجموعتين لديهما "عداء لا رجعة فيه".