الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

بريطانيا تترقب عهدا جديدا.. تحديات وآمال في ظل عودة ترامب إلى البيت الأبيض

  • مشاركة :
post-title
رئيس وزراء بريطانيا كير ستارمر والرئيس الأمريكي دونالد ترامب

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

تجد المملكة المتحدة نفسها أمام مرحلة تاريخية جديدة مع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، وفي هذا الصدد كشفت صحيفة "بوليتيكو" الأمريكية عن الملفات الساخنة والتحديات المصيرية التي تنتظر حكومة رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، في تعاملها مع الإدارة الأمريكية الجديدة، في وقت تتشابك فيه المصالح الاقتصادية والأمنية والسياسية بين البلدين بشكل غير مسبوق.

تحديات اقتصادية وتجارية

يواجه الاقتصاد البريطاني تحديات جذرية مع عودة ترامب إلى السلطة، إذ تلوح في الأفق تهديدات بفرض تعريفات جمركية غير مسبوقة قد تصل إلى 20% على معظم دول العالم، وترتفع إلى 60% في حالة الصين.

وتكشف بوليتيكو أن حكومة ستارمر تسير على حبل مشدود في محاولة للموازنة بين تحسين العلاقات مع الاتحاد الأوروبي دون تجاوز الخطوط الحمراء المتعلقة بعضوية السوق الموحدة أو الاتحاد الجمركي، مع السعي في الوقت نفسه لتعزيز الروابط مع الولايات المتحدة.

ويعمل المسؤولون البريطانيون في الكواليس على استكشاف إمكانية الحصول على استثناءات من هذه التعريفات في القطاعات الحيوية، خاصة تلك التي تشكل عصب الاقتصاد البريطاني.

وفي سياق متصل، لا تزال اتفاقية التجارة الحرة مع الولايات المتحدة، التي طالما اعتبرت إحدى أهم ثمار خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، حلمًا بعيد المنال بعد ثماني سنوات من الاستفتاء.

وقد فشل رؤساء وزراء بريطانيا المتعاقبون، بمن فيهم بوريس جونسون، في إبرام هذه الاتفاقية خلال فترة ترامب الأولى، كما لم تتحقق في عهد جو بايدن الذي جمد المفاوضات.

ورغم نجاح المفاوضات مع الولايات الأمريكية الفردية، يؤكد ستارمر عزمه على استئناف المحادثات التجارية على المستوى الفيدرالي في غضون أسابيع.

ملف أوكرانيا والعلاقات مع روسيا

تقف بريطانيا، التي كانت من أقوى الداعمين لأوكرانيا منذ بداية الحرب في فبراير 2022، أمام منعطف حاسم مع عودة ترامب، وفي هذا الصدد تنقل بوليتيكو مخاوف عميقة داخل الأوساط السياسية البريطانية من احتمال سماح ترامب، المعروف بمواقفه الإيجابية تجاه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بإبرام اتفاق سلام يميل لصالح موسكو، مما قد يشجعها على مزيد من التصعيد مستقبلًا.

وفي خطوة استباقية، ضاعفت حكومة ستارمر من دعمها العلني لأوكرانيا منذ فوز ترامب في نوفمبر، وحثت حلفاءها الأوروبيين على اتخاذ موقف مماثل.

كما طرح ستارمر إمكانية إرسال قوات بريطانية للمساعدة في مراقبة أي اتفاق سلام محتمل، في خطوة تعكس مدى التزام لندن بدعم كييف.

تحديات دبلوماسية وملفات عالقة

في خطوة غير مسبوقة في تاريخ الدبلوماسية البريطانية، قرر ستارمر تعيين السياسي المخضرم بيتر ماندلسون سفيرًا جديدًا في واشنطن، في كسر للتقاليد التي استمرت لعقود، وفقًا لبوليتيكو.

وتكشف الصحيفة عن تحديات تواجه هذا التعيين، خاصة مع مواقف ماندلسون المؤيدة للاتحاد الأوروبي وعلاقاته مع الصين، مما قد يثير حفيظة فريق ترامب.

ورغم التكهنات حول إمكانية رفض واشنطن لهذا التعيين، خاصة مع حملات التشكيك التي يقودها نايجل فراج، حليف ترامب البريطاني الذي يطمح هو نفسه لمنصب السفير، إلا أن الحكومة أكدت تمسكها بترشيح ماندلسون، معتبرًا أنه سيكون "سفيرًا ممتازًا يعمل لمصلحة البلاد بأكملها."

وفي محاولة لتجاوز الخلافات السابقة، يسعى فريق ستارمر بشكل حثيث لتأمين زيارة للبيت الأبيض في أقرب وقت ممكن.

وقد برز وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي في هذا المسعى، رغم تاريخه من الانتقادات الحادة لترامب، حيث وصفه سابقًا بأنه "طاغية بشعر مستعار" و"كاذب متسلسل ومحتال" و"مخادع ونرجسي وكاره للأجانب".

إلا أن لامي يحاول الآن تحسين العلاقات، مشيدًا بلقائه الشخصي مع ترامب العام الماضي، واصفًا إياه بأنه "مضيف جيد وودود جدًا تجاه المملكة المتحدة"، مؤكدًا رغبة ستارمر في زيارة الولايات المتحدة "خلال الأسابيع القليلة المقبلة."

اتفاقية تشاجوس

وفي ملف آخر بالغ الأهمية، تنتظر بريطانيا موافقة ترامب على اتفاقية تسليم أرخبيل تشاجوس لموريشيوس، مع الحفاظ على القاعدة العسكرية المشتركة في دييجو جارسيا.

وتكشف بوليتيكو أن هذا الملف تعقد مع انتخابات موريشيوس التي أفرزت قيادة جديدة تطالب باتفاق أكثر ملاءمة لمصالحها، فضلًا عن انتقادات حلفاء ترامب للمعاهدة، وعلى رأسهم وزير الخارجية ماركو روبيو الذي اعتبرها "تهديدًا خطيرًا" للأمن القومي بسبب المخاوف من النفوذ الصيني.

وقد أرجأت بريطانيا التوقيع على الاتفاق حتى يتولى ترامب منصبه رسميًا، آملة في موافقته على الاتفاقية بعد تلقيه تقييمات من البنتاغون ووزارة الخارجية.

وتختتم بوليتيكو تقريرها بالإشارة إلى أن الأسابيع المقبلة ستكشف ما إذا كانت هذه الآمال البريطانية مجرد تفكير تمنّي أم واقع قابل للتحقيق، في ظل المشهد السياسي المتقلب الذي يفرضه العهد الجديد لترامب، وتأثيراته المحتملة على العلاقات البريطانية-الأمريكية التي طالما وصفت بأنها "علاقة خاصة."