اتسمت الليلة الأولى من وقف إطلاق النار في غزة بالهدوء بشكلٍ كبيرٍ جدًا، إلا أنها لم تخل من أزيز طائرات جيش الاحتلال الإسرائيلي الاستطلاعية، التي حلقت بكثافة في أرجاء مختلفة من القطاع.
واليوم هو الثاني من وقف إطلاق النار وعودة الحياة تدريجيًا إلى القطاع، حيث عاد السكان النازحون في مدينة غزة إلى الشمال في بيت حانون وبيت لاهيا وجباليا، وبدأوا بتفقد منازلهم، إلا أنهم فوجئوا بحجم الدمار الذي تسببت به العمليات العسكرية الإسرائيلية طوال مدة الحرب من نسف المباني والمربعات السكنية والدمار الشديد للبنية التحتية.
وقال المتحدث باسم بلدية غزة، حسني مهنا، لموقع "القاهرة الإخبارية"، "إن طواقم البلدية في مدينة غزة وفي الشمال شرعت على الفور بأعمال فتح للشوارع من خلال إزالة الركام عنها؛ لتسهيل حركة عودة النازحين إلى منازلهم، بالإضافة أيضًا إلى البدء بأعمال صيانة لخطوط المياه لزيادة ساعات الضخ والرقعة المشمولة من المدينة ومناطق أخرى بالمياه الصالحة للاستخدام في هذه المناطق".
وذكر حسني: "تسبب الاحتلال الإسرائيلي في دمار كبير في مدينة غزة، حيث دمر أكثر من 810 كيلومترات من شبكة الطرقات في المدينة بكل مكوناتها، سواءً كانت من أحجار الجبهة أو جزر الشوارع أو شبكات الإنارة وشبكات المياه والصرف الصحي وخطوط الكهرباء والإنترنت وكل ما تحتويه هذه الشبكة".
وأضاف: "أدى كل ذلك إلى حدوث خلل كبير، وبالتالي نحن نواجه دمارًا هائلًا في البنية التحتية يزيد على 70% من إجمالي نسبة البنية التحتية".
وأشار حسني إلى أزمة حقيقية في المياه، قائلًا: "تحتاج البلدية إلى جهود كبيرة جدًا من أجل إجراء عمليات صيانة لزيادة وصول المياه إلى السكان، خاصة أننا نعاني من تدمير الاحتلال الإسرائيلي لما يزيد على 692 بئرًا في مدينة غزة وحدها وتدمير أكثر من 110 آلاف متر طولي من شبكات المياه".
وأضاف: "وبالتالي نحن أمام أزمة حقيقية بشأن المياه في حال لم يتم إدخال المعدات والأدوات اللازمة لإجراء عمليات الصيانة الفورية، حتى نتمكن من تزويد السكان والنازحين بمختلف المناطق ولو بالحد الأدنى".
ولفت حسني إلى الوضع البيئي والصحي الكارثي بفعل تدمير الاحتلال الإسرائيلي لما يزيد على 75 ألف متر طولي من شبكات الصرف الصحي و6 مضخات لمياه الصرف الصحي في مدينة غزة وحدها.
وأضاف: "نواجه طفح الصرف الصحي في المناطق المنخفضة واجتياح مياه الصرف الصحي لبرك تجميع مياه الأمطار وتلويثها بشكل كبير جدًا وتهديد الخزان الجوفي بالتلوث بفعل اختلاط مياه الأمطار بمياه الصرف الصحي".
واستطرد: "كذلك تواجه البلدية مشكلة تكدس النفايات بشكل كبير جدًا في مختلف المناطق، إذ تتراكم أكثر من 160 ألف طن من النفايات في وسط المدينة، ما يشكل بؤرة للأمراض والأوبئة".
ودعا حسني، الجهات الدولية المختلفة والراعية لاتفاق وقف إطلاق النار، لضرورة الضغط على الاحتلال الإسرائيلي للسماح بطواقم البلديات الوصول إلى مكب جحر الديك الواقع شرق مدينة غزة لترحيل النفايات من وسط المدينة؛ بهدف التخفيف من الأزمة التي تسببت في انتشار القوارض والحشرات والرائحة الكريهة.
وأكد حسني، قيام البلديات بواجبها على أكمل وجه، وفقًا للإمكانيات المتاحة لديها والوضع الصعب، حيث دمر الاحتلال الإسرائيلي أكثر من 133 آلية تشكل 85% من الآليات المتاحة لدى البلدية، وبالتالي لن تستطيع البلدية تقديم خدماتها بالشكل المطلوب في حال لم يتم إدخال الآليات والمعدات الثقيلة التي تتناسب مع حجم الدمار الذي تعرضت له غزة.
وبدأ سريان اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة وصفقة تبادل المحتجزين والأسرى، في الحادية عشرة صباح أمس الأحد، الذي تبلغ المرحلة الأولى منه 42 يومًا.
وأعلنت دول الوساطة مصر وقطر والولايات المتحدة الأمريكية، الأربعاء الماضي، موافقة إسرائيل وحماس، على اتفاق بوقف إطلاق النار في غزة، وصفقة تبادل محتجزين في القطاع، بأسرى في سجون الاحتلال.