استعاد دونالد ترامب منصبه رئيسًا للولايات المتحدة، ليبدأ ولاية ثانية تحمل وعودًا بالتغيير والجدل، إذ رسمت مراسم التنصيب التي أُقيمت وسط إجراءات أمنية مشددة ومقاطعة من بعض الشخصيات السياسية، صورة جديدة للبيت الأبيض وتوجهاته المستقبلية.
عودة تاريخية للرئاسة
دخل ترامب التاريخ بعودته رئيسًا بعد خسارته الانتخابات السابقة، ليصبح أول رئيس منذ القرن التاسع عشر يحقق هذا الإنجاز، الفوز الذي تحقق بفضل موجة من الإحباط الشعبي تجاه التضخم المستمر والتغيرات السياسية، جاء رغم الانقسامات الحادة التي تسود الساحة السياسية الأمريكية.
قبل التنصيب بساعات، شهد البيت الأبيض استقبال ترامب والسيدة الأولى ميلانيا من قبل الرئيس السابق جو بايدن وزوجته جيل بايدن. جاء الاستقبال برسالة ترحيب ودية من بايدن، قائلاً: "مرحبًا بكم في وطنكم".
ويكمل هذا التنصيب عودة منتصرة لرجل السياسة المزعج الذي نجا من محاكمتين للعزل، وإدانة بجناية، ومحاولتي اغتيال، واتهام بمحاولة قلب خسارته في انتخابات عام 2020.
إجراءات مثيرة في أول يوم
بدأت ولاية ترامب الثانية بوعود صارمة وإجراءات تنفيذية أعلن عنها مساعدوه، وفي مقدمة هذه الإجراءات، إعلان حالة الطوارئ الوطنية على الحدود الجنوبية، وإعادة سياسة انتظار طالبي اللجوء في المكسيك، وأكد مسؤول في الإدارة أن هذه الخطوات تعكس أولوية أمن الحدود والهجرة بالنسبة للإدارة الجديدة، بحسب "رويترز".
ووعد ترامب أيضًا بالعفو عن مئات الأشخاص المرتبطين بأحداث اقتحام الكابيتول في 6 يناير 2021، في خطوة أثارت استغراب المراقبين بشأن تداعياتها على الوحدة الوطنية.
ويصرح ترامب: "بأن موجة من التغيير تجتاح البلاد، وبهذه الإجراءات سنبدأ استعادة أمريكا بالكامل وثورة الفطرة السليمة"، بحسب "رويترز"، ورافق هذا التصريح إعلان عن خطط لإعادة العمل بعقوبة الإعدام الفيدرالية وإلغاء مبادرات التنوع والمساواة داخل الحكومة.
من جهة أخرى، أعلن ترامب عن إجراءات لدراسة العلاقات التجارية مع الصين وكندا والمكسيك، ما يعكس توجهًا نحو إعادة تقييم السياسات الاقتصادية الدولية.
تحالفات دولية جديدة
عودة ترامب للرئاسة تحمل معها توجهات جديدة للسياسة الخارجية، من أبرز هذه التوجهات، دعوته لمراجعة العلاقات مع حلفاء الولايات المتحدة التقليديين، والتأكيد على استقلالية القرار الأمريكي، في خطوات قد تؤدي إلى إعادة صياغة دور الولايات المتحدة على الساحة الدولية.
ترامب لم يخفِ نيته التصعيد في بعض الملفات الدولية، كما ظهر في دوره في اتفاق وقف إطلاق النار الأخير بين إسرائيل وحماس، والذي تضمن تحذيرات صريحة من تداعيات أي إخلال بالشروط المتفق عليها.
تميزت اختيارات ترامب لمناصب إدارته الجديدة بالأولوية للولاء على الخبرة، استُبدل العديد من البيروقراطيين التقليديين بشخصيات معروفة بولائها للرئيس، مما يعكس رغبة الإدارة في تعزيز مركزية القرار.
لكن هذه الخطوات قد تواجه تحديات قانونية وسياسية، خصوصًا مع المعارضة المحتملة من المنظمات الحقوقية وبعض الدوائر السياسية، وبدأ ترامب، الذي يواجه تحديات قانونية متعددة، يومه الأول في المكتب البيضاوي بتوقيع أوامر تنفيذية من المرجح أن تثير جدلًا واسعًا.
عودة الجدل السياسي
ترامب الذي وصف في خطابه الأول عام 2017 "المذبحة الأمريكية"، عاد بروح مماثلة لكن مع رؤية أكثر وضوحًا وحسمًا، ورغم الانتقادات، يعكس برنامجه توجهًا لإحداث تغيير جذري في البنية السياسية والاقتصادية للبلاد.
وعكست مراسم التنصيب، التي أُقيمت داخل قاعة مغلقة بسبب الظروف الجوية الباردة، أيضًا التحولات العميقة في المشهد السياسي الأمريكي، ومن المتوقع أن تكون ولاية ترامب الثانية حافلة بالتحديات والفرص، وسط انقسام داخلي وترقب عالمي.