غداء التنصيب لعام 2025 لم يكن مجرد مناسبة سياسية تقليدية، بل أصبح حدثًا يعكس الانقسامات السياسية العميقة في الولايات المتحدة وتغير الديناميكيات الدولية. إذ أثار غياب الرؤساء السابقين والشخصيات البارزة عن هذا الحدث تساؤلات حول مستقبل تقاليد انتقال السلطة في أمريكا، ومدى تأثيرها على العلاقات الدولية.
في كل أربع سنوات، تُسَلط الأضواء على حفل تنصيب الرئيس الأمريكي الجديد، وهو تقليد سياسي عريق يعكس انتقال السلطة بسلاسة، تتخلل هذا اليوم أحداث متنوعة، من أداء القسم إلى غداء التنصيب التقليدي، لكن عام 2025 شهد غيابًا لافتًا للرؤساء الأمريكيين السابقين عن غداء تنصيب دونالد ترامب، ما أثار تساؤلات حول الدوافع والرسائل الكامنة وراء هذا الغياب.
غياب بارز للرؤساء السابقين
وفقًا لتقرير صحيفة "إن بي سي نيوز"، لم يحضر الرؤساء السابقون باراك أوباما وبيل كلينتون وجورج دبليو بوش غداء التنصيب، الذي أقامه الرئيس المنتخب دونالد ترامب.
وذكرت مصادر مطلعة أن أوباما وكلينتون تلقيا دعوات للحضور لكنهما رفضا، بينما لم يتابع مكتب بوش الدعوة، وأكدت المصادر أيضًا غياب هيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية السابقة والسيدة الأولى.
على الرغم من ذلك، حضر الرؤساء الثلاثة مراسم أداء القسم في وقت سابق من اليوم، وهو ما يعكس احترامهم لتقليد حضور المراسم الرسمية.
ويشير غياب الرؤساء السابقين عن غداء التنصيب إلى تصاعد الاستقطاب السياسي في الولايات المتحدة، فلم يؤيد أي من الرؤساء السابقين ترشح ترامب، وهو ما يُفسر جزئيًا رفضهم المشاركة في الغداء، كما أن قرار ميشيل أوباما عدم الحضور يعكس، ربما، موقفًا شخصيًا أو سياسيًا تجاه الأحداث الجارية.
تقاليد الغداء التنصيبي
بدأ تقليد غداء التنصيب عام 1897 مع الرئيس الأمريكي الأسبق ويليام ماكينلي، حيث استضافته لجنة الترتيبات بمجلس الشيوخ، ومنذ عام 1953، أصبح هذا الغداء حدثًا رسميًا تستضيفه اللجنة المشتركة للاحتفالات التنصيبية(JCCIC)، حيث يُلقي فيه السياسيون الخطب ويحتفلون بالإدارة الجديدة، رغم ذلك، شهد هذا التقليد عام 2025 اختراقًا غير مسبوق بغياب الرؤساء السابقين.
في عام 2017، بعد فوز ترامب على هيلاري كلينتون، حضر بيل وهيلاري كلينتون الغداء التنصيبي، حيث أعرب ترامب عن تقديره لحضورهما، واصفًا إياه بشرف كبير، لكن يبدو أن التوترات السياسية المتزايدة قد أثرت على مشاركة الشخصيات البارزة هذا العام.
علاقات دولية وحفل التنصيب
شهد حفل التنصيب دعوات غير مسبوقة لزعماء أجانب، وهو تقليد نادر في السياسة الأمريكية، ووفقًا لصحيفة "لوموند" الفرنسية، دعا ترامب زعماء مثل الرئيس الصيني شي جين بينج، الذي أرسل نائبه هان تشنج كممثل له، والرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي، ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني.
من اللافت أيضًا حضور شخصيات سياسية أوروبية بارزة مثل ماريون ماريشال وإريك زيمور من فرنسا، مما يعكس توجهًا نحو تعزيز العلاقات مع التيارات اليمينية المتطرفة في أوروبا.
لم يقتصر حفل التنصيب على الداخل الأمريكي، بل امتد إلى الساحة الدولية. فقد حضر الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي، المعروف بسياساته الاقتصادية التقشفية، والتي تحظى بتأييد شخصيات مثل إيلون ماسك. كما شهد الحفل حضور شخصيات من تايوان لتعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة، رغم انسحاب بعض الوفود بسبب الظروف الجوية.