الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

تحرك جريء.. مالي تصادر 3 أطنان من ذهب منجم لولو-جونكوتو

  • مشاركة :
post-title
القوات المالية - أرشيفية

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

أقدمت السلطات في مالي على خطوة غير مسبوقة بمصادرة ثلاثة أطنان من الذهب من أكبر منجم في البلاد، في تحرك جريء يمثل ذروة الصراع المتصاعد بين الحكومة المالية وشركة باريك جولد الكندية، في معركة تتجاوز أبعادها المحلية لتعكس تحولًا أوسع في النظرة الإفريقية تجاه السيادة على الموارد الطبيعية، بحسب صحيفة لوموند الفرنسية.

عملية المصادرة والتداعيات المباشرة

شهد منجم لولو-جونكوتو، الواقع في جنوب غرب مالي، مشهدًا غير معتاد في صباح السبت 11 يناير، عندما هبطت مروحيتان عسكريتان تحملان نحو 20 جنديًا مسلحًا، تنفيذًا لأمر قضائي في إطار نزاع ضريبي مع شركة باريك جولد الكندية، التي تدير هذا المنجم الاستراتيجي منذ عام 2018.

وفي تطور سريع، تم نقل الذهب المصادر، البالغة قيمته 250 مليون دولار، إلى مقر البنك المالي للتضامن في العاصمة باماكو، في خطوة تعكس إصرار السلطات على فرض سيادتها الكاملة على موارد البلاد.

يمثل منجم لولو-جونكوتو العمود الفقري لصناعة التعدين في مالي، إذ أنتج في عام 2023 وحده ما يقارب 19 طنًا من الذهب، وهو ما يشكل ثلث الإنتاج الوطني البالغ 65 طنًا.

هذه الأرقام الضخمة، التي أوردتها لوموند، تفسر الأهمية الاستراتيجية للمنجم وحجم المخاطرة التي أقدمت عليها السلطات المالية في صراعها مع الشركة الكندية.

صراع السيادة والإصلاحات الجذرية

منذ توليه السلطة في عام 2020، وضع الجنرال أسيمي جويتا نصب عينيه هدفًا طموحًا يتمثل في استعادة السيادة الوطنية على موارد البلاد.

وتجلى هذا التوجه في سلسلة من الإجراءات الجذرية، بدأت بإجراء تدقيق شامل لقطاع التعدين في أواخر 2022، كشف عن خسائر فادحة تتراوح بين 450 و900 مليون يورو.

هذه النتائج المقلقة دفعت السلطات إلى إصدار قانون تعدين جديد في أغسطس 2023، يمثل تحولًا كبيرًا في طريقة تعامل الدولة مع الشركات الأجنبية العاملة في قطاع التعدين.

يفرض القانون الجديد، وفقًا لما نقلته لوموند، مجموعة من الإجراءات الصارمة التي تهدف إلى زيادة عوائد الدولة من قطاع التعدين.

تشمل هذه الإجراءات زيادة كبيرة في الضرائب، وحق الدولة في الاستحواذ على نسبة تصل إلى 30% من حصص كل منجم، إضافة إلى إلزام الشركات بإيداع أرباحها في البنوك المحلية.

هذه التغييرات الجوهرية، بحسب خبراء القطاع، ستؤدي إلى تحول تاريخي يجعل مالي المستفيد الأكبر من عمليات التعدين للمرة الأولى في تاريخها.

التصعيد مع باريك جولد وتداعياته

أدى رفض شركة باريك جولد الامتثال للقواعد الجديدة إلى سلسلة من الإجراءات التصعيدية من جانب السلطات المالية.

وكشفت لوموند أن هذه الإجراءات شملت فرض تسوية ضريبية ضخمة تصل إلى 500 مليون يورو على الشركة، ومنعها من تصدير الذهب لمدة شهرين، إلا أن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، إذ تم اعتقال أربعة من موظفي الشركة المحليين وإصدار مذكرة توقيف وطنية بحق رئيسها التنفيذي مارك بريستو.

في المقابل، ردت باريك جولد بتعليق عملياتها في المنجم، ما أدى إلى تسريح مؤقت لنحو 8000 موظف ومقاول محلي، كما لجأت الشركة إلى المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار طلبًا للتحكيم، في خطوة نادرًا ما تلجأ إليها شركات التعدين العالمية.

التوجه نحو الشرق والمستقبل الغامض

يبرز في خضم هذه الأزمة دور محوري لمستشارين رئيسيين هما مامو توري وسامبا توري، اللذان يقودان عملية إعادة هيكلة قطاع التعدين في مالي.

وتشير المعلومات التي أوردتها لوموند إلى احتمالين رئيسيين لمستقبل المنجم، وهما إما إدارة الدولة المالية له بشكل مباشر، وإما التعاون مع روسيا، الحليف الاستراتيجي الجديد للنظام في مالي.

وكشف التقرير عن اهتمام روسي سابق بالمنجم، إذ أبدت مجموعة فاجنر، عبر كبير جيولوجييها سيرجي لاكتيونوف، اهتمامًا واضحًا بمنجم لولو-جونكوتو منذ عام 2022.

وأنشأت المجموعة بالفعل شركتين للتعدين في مالي، هما ألفا للتطوير وماركو للتعدين، مع الإشارة إلى أن الأخيرة لا تزال نشطة رغم إدراجها على قائمة العقوبات البريطانية في نوفمبر 2024.