قبل 3 أيام فقط من عودة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، إلى البيت الأبيض، يوقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الإيراني مسعود بزشكيان، اليوم الجمعة، في روسيا "شراكة استراتيجية شاملة" تعد خطوة جديدة في التحالف المتنامي بين البلدين.
وفي حين لم تعلن بعد التفاصيل الدقيقة للاتفاقية الروسية الإيرانية الجديدة، أوضح المسؤولون الروس أنها ستغطي كامل نطاق العلاقات الروسية الإيرانية المتعددة الأوجه، بما في ذلك تعزيز التعاون في المجالات العسكرية والسياسية والتجارية والاقتصادية، وتطوير العلاقات الثنائية في المجالات العلمية والتعليمية والثقافية والإنسانية.
من جانبه، أشار السفير الإيراني لدى روسيا كاظم جلالي، إلى أن هذه الاتفاقية تتضمن 47 مادة وتغطي جميع مجالات التعاون الثنائي، وستكون سارية المفعول على مدى 20 عامًا، لافتًا إلى أنه عند صياغة هذه الاتفاقية، كان التركيز الرئيسي على "مبادئ السيادة واحترام السلامة الإقليمية للدولتين".
وبدورها، قالت الخارجية الإيرانية إن الاتفاقية تشمل قضايا التعاون في مجالات الاقتصاد والشحن والسكك الحديدية والنقل البحري والجوي والمواصلات والطاقة، والرعاية الصحية، والزراعة، والحد من آثار الكوارث الطبيعية، ومكافحة التحديات المشتركة، والجريمة المنظمة و"مكافحة الإرهاب"، والتعاون في الصناعة والاستثمار، والتبادل التكنولوجي والعلمي في مختلف المجالات.
وأضافت الخارجية الإيرانية أن اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة تهدف إلى أن تصبح مرحلة حاسمة في تطور العلاقات بين روسيا وإيران.
وتطمح روسيا خصوصًا إلى تطوير مشروع ممر لوجستي يشمل السكك الحديد والسفن، بين موسكو وباكو وطهران على محور شمالي جنوبي.
وتكمن أهمية اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين روسيا وإيران في عامل التوقيت، إذ جاء التوقيع عليها، قبل أيام من دخول الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب البيت الأبيض في 20 يناير الحالي، وربما يريد ترامب يريد الضغط على طهران وموسكو.
ويشير محللون إلى أن توقيع هذه الاتفاقية من شأنه أن يتصدى لمحاولات فرض عقوبات أكثر على موسكو وطهران، موضحين أن إيران قررت بعد انسحاب ترامب من الاتفاق النووي عام 2018 وفرض المزيد من العقوبات عليها، التوجه نحو الشرق، وزيادة تعاملها مع روسيا، والصين، ودول جنوب شرق آسيا، إضافة إلى الهند وباكستان. وانضمت إيران إلى مجموعة "بريكس"، و"منظمة شنجهاي للتعاون" ومنظمات أخرى، في إطار سعيها للابتعاد عن العقوبات الغربية المفروضة عليها.
ويعود اللقاء الأخير بين بوتين وبزشكيان إلى قمة مجموعة دول "بريكس" التي عقدت في أكتوبر في مدينة قازان الروسية، وقال خلالها الرئيس الروسي لنظيره الإيراني إنه يثمن غاليًا "الروابط الودية والبناءة حقا" بين البلدين، داعيا إلى تعزيز "الدينامية الإيجابية" في مجال التعاون الاقتصادي.
ونقلت شبكة "سي إن إن" الإخبارية الأمريكية، عن نيكيتا سماجين، الخبير المستقل في شؤون روسيا وإيران، أن إيران تشعر بقدر أقل من الأمان، وتسارع إدارة بيزشكيان لتوقيع هذه المعاهدة مع روسيا وسط تهديدات متعددة لأمنها.
وحسب الشبكة، تبحث إيران التي تواجه احتمال إحياء عقوبات الأمم المتحدة التي تم رفعها بموجب اتفاقها النووي لعام 2015، بشكل عاجل عن طرق لإقناع الولايات المتحدة بالانضمام مرة أخرى إلى هذا الاتفاق، الذي خرج منه ترامب في عام 2018، أو استئناف المفاوضات.
وبالنسبة لروسيا، وفق الشبكة، فإن إبرام معاهدة جديدة مع إيران، وهي الدولة التي قد تكون أقرب من أي وقت مضى إلى القدرة على إنتاج سلاح نووي، ربما يكون الهدف منه جزئيا إثارة شبح المزيد من التصعيد أمام الإدارة الأمريكية الجديدة التي ترى أنها أقل التزاما تجاه أوكرانيا.
ويرى المحللون أن هذه الاتفاقية "ستمنح روسيا مزيدًا من الوزن على الساحة الدولية، وهذا لن يعجب الولايات المتحدة". ويشير المحللون إلى أن هذه الاتفاقية "هي الأولى بهذا الحجم" بين طهران وموسكو، "حيث يتجاوز سقفها الـ600 مليار دولار"، وتأتي في وقت تواجه إيران وروسيا "عقوبات قاسية" من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.