الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

تقشف الشرطة صنع الكارثة.. الجريمة تستفحل في بريطانيا

  • مشاركة :
post-title
الشرطة البريطانية - أرشيفية

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

يشهد نظام العدالة الجنائية في المملكة المتحدة أزمة غير مسبوقة، كشفت عنها صحيفة "الجارديان" البريطانية، إذ تتراكم التحديات وتتعمق المشكلات في مختلف مكونات المنظومة الأمنية والقضائية، فيما تمثل هذه الأزمة تحديًا كبيرًا للحكومة البريطانية الحالية، في ظل تراجع خطير في معدلات حل الجرائم الخطيرة، وتدهور في أداء المؤسسات العدلية، وسط مطالبات متزايدة بإصلاح شامل للنظام.

تفكك المنظومة الأمنية

كشفت "الجارديان" عن حجم الضرر الذي ألحقته سياسات التقشف التي تبنتها حكومة المحافظين منذ عام 2010 بالمنظومة الأمنية البريطانية، إذ أدت التخفيضات الحادة في ميزانيات الشرطة إلى تقليص عدد ضباط الشرطة بنحو 20 ألف ضابط، وبالتالي خلق فجوة أمنية واسعة في البلاد.

وعلى مدى سنوات، ظلت الحكومة المحافظة تنفي أي تأثير سلبي لهذه التخفيضات على قدرة الشرطة في مكافحة الجريمة في إنجلترا وويلز، قبل أن تضطر في سنواتها الأخيرة إلى التراجع عن هذه السياسة.

وبدلًا من الاعتراف بالأثر السلبي لسياسات التقشف، حاولت الحكومة تحويل الأنظار نحو ما أسمته "النزعة التقدمية المفرطة" في أجهزة إنفاذ القانون، متهمة إياها بتشتيت انتباه الضباط عن مهامهم الأساسية.

تحديات العصر الرقمي

وفي سياق متصل، توضح "الجارديان" أن التطور التكنولوجي المتسارع فرض تحديات جديدة على عمل الشرطة البريطانية، إذ أصبحت التحقيقات الجنائية أكثر تعقيدًا من أي وقت مضى، حيث يتطلب التحقيق في الجرائم الخطيرة حاليًا فحصًا دقيقًا للأجهزة الإلكترونية والأدلة الرقمية.

ومع محدودية الميزانية المخصصة للتكنولوجيا، تجد الشرطة نفسها غير قادرة على مواكبة هذا التطور، ما يؤثر سلبًا على كفاءة التحقيقات وقدرتها على حل القضايا.

وقد أدى هذا الوضع إلى تراكم القضايا وإطالة أمد التحقيقات، في وقت تتزايد فيه الجرائم الإلكترونية وتتعقد أساليب المجرمين.

معادلة معقدة

تكشف الصحيفة البريطانية عن علاقة وثيقة بين معدلات الفقر وانتشار الجريمة في المجتمع البريطاني، إذ نقلت تصريحات مهمة لآندي كوك، كبير مفتشي الشرطة حاليًا، الذي أكد في عام 2021 أن معالجة الفقر وتقليل التفاوت الاجتماعي هما المفتاح الحقيقي لخفض معدلات الجريمة.

وأوضح "كوك" أن خريطة المناطق التي تشهد أعلى معدلات الجريمة تتطابق تمامًا مع خريطة المناطق الأكثر فقرًا، مؤكدًا أن "أفضل وسيلة لمنع الجريمة هي زيادة الفرص وتقليل الفقر"، ودعا إلى ضرورة توفير تمويل كبير لتطوير البنية التحتية في المدن الداخلية والمناطق الأكثر حرمانًا، معتبرًا أن هذا الاستثمار سيكون له مردود إيجابي على المدى الطويل في خفض معدلات الجريمة.

نظام قضائي منهك

لم تقتصر الأزمة على جهاز الشرطة فحسب، بل امتدت لتشمل النظام القضائي بأكمله، إذ فاقمت جائحة كوفيد-19 والإغلاق العام من الأزمة في المحاكم البريطانية، التي كانت تعاني أصلًا من آثار سياسات التقشف.

وأدى ذلك إلى تراكم غير مسبوق في القضايا، حيث أصبحت فترات الانتظار التي تمتد من سنتين إلى ثلاث سنوات للمحاكمات في إنجلترا وويلز أمرًا معتادًا، ما دفع العديد من الضحايا إلى العزوف عن دعم الملاحقات القضائية، معتبرين أن الانخراط في نظام قضائي بطيء ومنهك قد يعيق تعافيهم من تجاربهم المؤلمة.