لم تلتزم إسرائيل بتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان، منذ إعلانه في 27 نوفمبر الماضي، إذ لا يزال جيش الاحتلال، يُسيطر على عشرات البلدات في جنوب البلاد، ويواصل قصف مناطق هناك، بزعم وجود قواعد تابعة لحزب الله، وأخيرًا ألمح إلى إمكانية تمديد بقائه في لبنان.
وفي 27 نوفمبر 2024، دخل اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله، برعاية الولايات المتحدة وفرنسا، حيز التنفيذ.
ونص الاتفاق على انسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي من جنوب لبنان خلال 60 يومًا، مقابل الانسحاب الكامل لحزب الله إلى شمال نهر الليطاني (نحو 30 كم عن الحدود مع إسرائيل)، وفقًا لتقارير إعلامية.
ومع انسحاب حزب الله وجيش الاحتلال بشكل تدريجي، يبدأ الجيش اللبناني انتشارًا تدريجيًا أيضًا في جنوب لبنان، وفقًا لبنود الاتفاق. ويخضع الاتفاق إلى إشراف دولي بقيادة الولايات المتحدة، ومن المتوقع أن يصبح اتفاقًا دائمًا بعد فترة الـ60 يومًا.
وحتى الآن، انسحب جيش الاحتلال من اثنتين فقط من عشرات البلدات التي تسيطر عليها في جنوب لبنان، وواصل ضرب ما تقول إنها قواعد تابعة لحزب الله، وفق ما ذكرت مجلة "بوليتيكو" الأمريكية.
وحاليًا، توجد قوات الاحتلال الإسرائيلي في أكثر من 30 قرية وبلدة حدودية لبنانية، رغم إعلان وقف إطلاق النار في 27 نوفمبر الماضي، والذي يفترض أن تخرج بموجبه قوات الاحتلال من القرى والبلدات التي توغلت فيها في غضون 60 يومًا.
وينتهك جيش الاحتلال اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان عبر سلسلة من التوغلات والانتهاكات الجوية والبرية في جنوب لبنان ومناطق أخرى؛ حيث توغلت أكثر من 5 دبابات وجرافة إسرائيلية من بلدة مارون الراس إلى بنت جبيل- حي عقبة مارون، واستهدف الاحتلال منازل بقذائف دبابة الميركافا.
ويواصل جيش الاحتلال تنفيذ عملياته العسكرية المكثفة في البلدات الحدودية بجنوب لبنان، مع استمرار التفجيرات على مدار الساعات الماضية، وتتمادى القوات الإسرائيلية في خروقاتها لاتفاق وقف إطلاق النار، منذ اليوم الأول لإبرامه، ولو أن وتيرة هذه الخروقات تصاعدت بشكل لافت ومضطرد في هذه الفترة.
كما قامت طائرات استطلاع وطائرات مسيرة إسرائيلية بالتحليق في أجواء قرى بالجنوب اللبناني، منها العباسية، طورا، برج رحال، وديرقانون النهر على ارتفاع منخفض في القطاع الغربي من قضاء صور، وصولًا إلى السهل الممتد بين صور والقاسمية شمالًا والقليلة جنوبًا، وما زالت الطائرات مستمرة في التحليق، وفقًا للوكالة الوطنية للإعلام.
وفي السياق نفسه، نشر إعلام الاحتلال الإسرائيلي صورة من بلدة الناقورة خلال تواجده هناك وتبدو دبابتا ميركافا ومدرعة هامر بالقرب من مرفأ الناقورة.
وبالتزامن مع تلك الانتهاكات، قالت هيئة البث الإسرائيلية إن جنرالًا أمريكيا أبلغ قادة الجيش اللبناني بأن إسرائيل تعتزم البقاء في جنوب لبنان حتى أبريل المقبل.
وأضافت الهيئة، إن الجنرال الأمريكي أكد لقادة الجيش اللبناني أن إسرائيل تريد مزيدًا من الوقت لضمان إنهاء قدرات حزب الله العسكرية.
وأشارت الهيئة إلى أنه من المتوقع أن تنقل إسرائيل رسالة إلى الولايات المتحدة، بأنها لن تسمح لسكان القرى اللبنانية القريبة من الحدود بالعودة إلى منازلهم.
ونقلت إذاعة جيش الاحتلال عن وزير الطاقة الإسرائيلي، إيلي كوهين، اليوم الأحد، قوله إنه لا يستبعد تمديدًا آخر لبقاء الجيش في جنوب لبنان، حال عدم تنفيذ كامل بنود اتفاق وقف إطلاق النار.
ومن جهته، هدد حزب الله، الذي تقلصت قدراته بشدة خلال ما يقرب من 14 شهرا من الحرب، باستئناف القتال إذا لم يسحب جيش الاحتلال قواته بالكامل بحلول الموعد النهائي المحدد بستين يومًا، وفق بوليتيكو.
وكثف جيش الاحتلال عدوانه على جنوب لبنان، في سبتمبر الماضي، ما أدى إلى استشهاد أكثر من 4000 شخص، ونزوح أكثر من مليون لبناني.
وأمام التهديدات الإسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار في لبنان، أعربت رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر، ميريانا سبولياريتش، خلال زيارتها للبنان، أمس عن قلقها البالغ إزاء احتمالات انهيار هذا الاتفاق، مؤكدة أن الشعب اللبناني لا يتحمل تداعيات ذلك، مُشددة على أن الحفاظ على وقف إطلاق النار أمر ضروري؛ لتتمكن العائلات من العودة إلى ديارها وإعادة بناء حياتها، ولوصول المساعدات الإنسانية إلى من هم في أمس الحاجة إليها.
وأشارت إلى أن الاحتياجات الإنسانية لا تزال كبيرة في أعقاب الحرب، مضيفة: "كان من الممكن الحد من نطاق الدمار والاحتياجات الإنسانية الضخمة في لبنان إلى حد كبير لو التزم أطراف النزاع بقواعد الحرب تمامًا".
كما سبق وحذرت فرنسا من مغبة عدم الالتزام ببنود اتفاق وقف إطلاق النار، كطرف ضمن الأطراف الخمسة المشرفين على تنفيذ هذا الاتفاق في إطار لجنة خماسية دولية.