فضحت صحيفة "هاآرتس" الإسرائيلية، مخطط جيش الاحتلال لتهجير الفلسطينيين من شمال غزة، وإعادة الاستيطان في المنطقة. ونقلت الصحيفة عن محللها العسكري عاموس هارئيل، اليوم الجمعة، أن ما يقوم به جيش الاحتلال في الجزء الشمالي من قطاع غزة مرتبط بأيديولوجية متشددة هدفها إعادة الاستيطان، ومنع عودة الفلسطينيين.
وأضاف هارئيل: "بدأت أبواق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في التلميح علنًا إلى أن الخيار الوحيد المتاح سيكون احتلال مدينة غزة".
وأشار إلى أن "الجيش الإسرائيلي يُعد لعملية جديدة في القطاع في حال فشلت المحادثات بشأن صفقة الأسرى مرة أخرى". وأضاف أن "القيادة الجنوبية، وخاصة فريق التخطيط التابع لها، تعمل جاهدة لتحقيق هذا الهدف".
أيديولوجية المتطرفين
وأكد المحلل العسكري الإسرائيلي أن جيش الاحتلال، وفقًا لأيديولوجية المتطرفين، يرى في هذه اللحظة فرصة ليس فقط لهزيمة حركة حماس، بل ولإعادة إنشاء المستوطنات في قطاع غزة ومنع أي انسحاب مستقبلي".
وحول الوضع في غزة، أشار هارئيل إلى أن ما يقوم به جيش الاحتلال في الشمال يندرج في إطار هذه الأيديولوجية المتشددة، حيث يهدف إلى إعادة الاستيطان في المنطقة ومنع عودة الفلسطينيين.
ومنذ بداية العدوان في أكتوبر 2023، أجبرت إسرائيل مئات آلاف الفلسطينيين على النزوح من شمال غزة إلى الجنوب، دون أن تسمح لهم حتى الآن بالعودة، فيما لا زالت عملية التهجير مستمرة.
ورغم مرور 3 أشهر على القتال العنيف في مخيم جباليا للاجئين شمال غزة، قال هارئيل: "من الصعب الحديث عن تحقيق نصر استراتيجي على حركة حماس".
وأوضح أنه "رغم تراجع المقاومة العسكرية لحماس وسيطرة جيش الاحتلال الإسرائيلي على معظم الاشتباكات، فإن عمليات الإخلاء القسرية لسكان غزة لا تزال مستمرة دون تحقيق نصر حاسم أو إعادة المحتجزين".
وتطرق إلى الجدل المستمر حول صفقة المحتجزين، قائلًا إنه كلما زادت احتمالات فشل هذه الصفقة، زادت الدعوات في الساحة السياسية الإسرائيلية لتوسيع العملية العسكرية في مدينة غزة.
خطة الجنرالات
وأشار إلى ما كشفت عنه صحيفة "يديعوت أحرونوت" في وقت سابق عن "خطة الجنرالات"، التي تهدف إلى تحويل كامل المنطقة الواقعة شمال ممر نتساريم وسط القطاع، أي محافظتي غزة والشمال، لمنطقة عسكرية مغلقة.
وتشمل الخطة إجلاء السكان الفلسطينيين وتطبيق حصار على المنطقة بهدف دفع المسلحين في مدينة غزة للاستسلام أو الموت.
ولفت المحلل العسكري إلى أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يواصل عملياته في شمال غزة رغم استمرار وجود المدنيين، حيث يُقدّر أن هناك أكثر من 100 ألف فلسطيني في المدينة، في حين يواصل الآلاف من مقاتلي حماس التنسيق للحرب المقبلة ضد جيش الاحتلال".
وبالحديث عن الحلول المقترحة لإدارة غزة بعد العمليات العسكرية، كشف هارئيل عن مناقشات بشأن فرض إدارة مدنية تحت إشراف إسرائيلي في القطاع، بما في ذلك إنشاء مراكز لوجستية على شاطئ غزة لتوزيع المساعدات الإنسانية.
كما لفت إلى النقاشات الجارية حول "إنشاء مجتمعات مغلقة" في شمال القطاع، حيث يُسمح للفلسطينيين بالعيش في خيام تحت إشراف جيش الاحتلال الإسرائيلي، مع فرض السيطرة على مداخل ومخارج هذه المناطق.
وفي السياق نفسه، تطرق هارئيل إلى خطة حكومية لدمج بعض العشائر الفلسطينية في الإدارة المدنية للقطاع، بعد مزيد من التدمير الحضري وإجلاء الفلسطينيين بالقوة.
تشرنوبيل غزة
وأشار إلى مصطلح "تشرنوبيل غزة"، الذي يُستخدم في الغرف الخلفية للإشارة إلى فكرة تدمير البنية التحتية بشكل كامل في شمال القطاع، بما في ذلك ممر نتساريم، كي تصبح المنطقة غير صالحة للعيش، وهو ما يُشبه التدمير الذي حدث في تشرنوبيل بأوكرانيا في عام 1986، لمنع التسرب النووي.
وفي ختام مقاله، أكد هارئيل أن الحديث عن عودة السكان الفلسطينيين بغزة لا يمكن أن يتم إلا بعد تدمير شامل للبنية التحتية، واصفًا مصطلح "تشرنوبيل غزة" بالمروع.
وكان جيش الاحتلال الإسرائيلي بدأ قبل أكثر من 3 أشهر عملية عسكرية واسعة في جباليا هجّر خلالها عشرات آلاف الفلسطينيين من منازلهم ودمر الكثير من المباني وقتل وجرح آلاف الفلسطينيين.
ويقول الفلسطينيون إن إسرائيل تعمل على احتلال المنطقة وتحويلها إلى منطقة عازلة وتهجيرهم تحت وطأة قصف دموي وحصار مشدد يحرمهم من الغذاء والماء والدواء.
ومنذ 7 أكتوبر 2023، يشن جيش الاحتلال بدعم أمريكي إبادة جماعية بقطاع غزة، خلفت أكثر من 154 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.
وتواصل إسرائيل مجازرها متجاهلة مذكرتي اعتقال أصدرتهما المحكمة الجنائية الدولية في 21 نوفمبر الماضي، بحق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف جالانت، لارتكابهما جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين في غزة.