أجرى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أمس الثلاثاء، زيارة إلى الأراضي السورية، التي توغلت فيها قوات الاحتلال، بعد سقوط نظام بشار الأسد، قبل أكثر من أسبوعين.
واعتلى نتنياهو "جبل الشيخ" - أعلى قمة في المنطقة داخل سوريا - على بعد نحو 10 كيلومترات (6 أميال) من الحدود مع مرتفعات الجولان المحتل، وقال إنه كان على نفس قمة الجبل قبل 53 عامًا كجندي، لكن أهمية القمة لأمن إسرائيل زادت في ضوء الأحداث الأخيرة.
ويعد جبل الشيخ أعلى نقطة في سلسلة جبال لبنان الشرقية، ويمتد على الحدود بين سوريا ولبنان وإسرائيل، ويشرف على هضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967، ما يمنح من يُسيطر عليه ميزة استراتيجية في مراقبة وتوجيه العمليات العسكرية.
وسيطر جيش الاحتلال على مساحة واسعة من جنوب سوريا على طول الحدود مع الجولان السوري المحتل، بعد أيام من الإطاحة بالأسد.
وتقدمت قوات الاحتلال الإسرائيلية إلى ما بعد القمة، حتى وصلت بلدة بقاعاسم، على بعد نحو 25 كيلومترًا (15.5 ميل) من العاصمة السورية، رغم أن متحدث عسكري إسرائيلي نفى أن تكون قوات الاحتلال "تتقدم باتجاه" دمشق.
وأثار استيلاء الاحتلال على المنطقة العازلة منزوعة السلاح، التي تبلغ مساحتها نحو 400 كيلومتر مربع (155 ميلًا مربعًا) في الأراضي السورية، موجة من الإدانات، إذ اتهم المنتقدون إسرائيل بانتهاك اتفاق فض الاشتباك لعام 1974، واستغلال الفوضى بسوريا في أعقاب الإطاحة بالأسد، للاستيلاء على الأراضي.
وزار نتنياهو المنطقة العازلة، أمس الثلاثاء، وقال إن قوات الاحتلال الإسرائيلية ستبقى في المنطقة العازلة على الحدود السورية، التي تم الاستيلاء عليها بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد، حتى يتم التوصل إلى ترتيب آخر "يضمن أمن إسرائيل".
من جهته، قال وزير دفاع الاحتلال يسرائيل كاتس، الذي رافق نتنياهو في الزيارة، إنه أصدر تعليماته لجيش الاحتلال بالاستعداد وبناء التحصينات للبقاء طويلًا في المنطقة العازلة، مضيفًا "قمة جبل الشيخ هي عيون إسرائيل لتحديد أعدائنا القريبين والبعيدين".
وأصدر "كاتس" أمرًا لجيش الاحتلال بالاستعداد للظروف القاسية للانتشار في الشتاء، الجمعة الماضي، وقال في بيانٍ: "بسبب ما يحدث في سوريا، هناك أهمية أمنية هائلة لاحتفاظنا بجبل الشيخ، ويجب بذل كل ما في وسعنا لضمان استعدادات الجيش الإسرائيلي في المنطقة، للسماح للقوات بالبقاء هناك في الظروف الجوية الصعبة".
وأنشأت الأمم المتحدة المنطقة العازلة بين سوريا ومرتفعات الجولان المحتل، بعد حرب عام 1973، ومنذ ذلك الحين، قامت قوة تابعة للأمم المتحدة قوامها نحو 1100 جندي بدوريات في المنطقة.
وقال متحدث باسم الأمم المتحدة، أمس الثلاثاء، إن تقدم قوات الاحتلال الإسرائيلية، مهما طال أمده، ينتهك الاتفاق الذي أقيمت بموجبه المنطقة العازلة.
وأضاف المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، أن هذا الاتفاق "يجب احترامه، والاحتلال هو الاحتلال، سواء استمر أسبوعًا أو شهرًا أو عامًا فإنه يظل احتلالًا".
ولا تزال إسرائيل تسيطر على مرتفعات الجولان، التي استولت عليها من سوريا خلال حرب عام 1967 وضمتها لاحقًا، وهي الخطوة التي لم يعترف بها معظم المجتمع الدولي. والولايات المتحدة فقط هي التي تعترف بسيطرة الاحتلال على مرتفعات الجولان السورية.
وتزامنًا مع التوغل الإسرائيلي في الأراضي السورية، شنَّ جيش الاحتلال على مدى يومين في أعقاب انهيار نظام الأسد، أكثر من 500 هجوم على الأصول العسكرية السورية، غيَّرت بشكل دائم وجذري التهديد الذي يمكن أن يشكله أي نظام سوري مستقبلي على دولة الاحتلال.
ووفق إحصائيات جيش الاحتلال، فإنه دمر أكثر من 90% من الصواريخ المضادة للطائرات المتقدمة لدى سوريا، وخاصة أنظمة SA22 وSA17.
وفي المجمل، تم تدمير نحو 85% من الدفاعات الجوية السورية، بما في ذلك الأنظمة الأقل تقدمًا. وقال جيش الاحتلال بعد ذلك إن أسراب الطائرات السورية من طراز سوخوي 22 وسوخوي 24 دُمِرَت بالكامل، وفي المجمل نحو 40% من سلاح الجو السوري.
ودمر جيش الاحتلال 100% من الطائرات المسيّرة السورية المتفجرة، و390 هدفًا ناريًا سوريًا مهمًا.
وحسب صحيفة" جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، أصبح لجيش الاحتلال تفوق جوي مذهل في المجال الجوي السوري لم يكن ليحلم به أبدًا طالما كان نظام الأسد قائمًا، لأنه دمر بشكل أساسي كل قدرات الرادار السورية.
وأفاد إعلام إسرائيلي في تقرير عن الزيارة، أن نتنياهو أوعز للجيش بالبقاء في جبل الشيخ والمنطقة العازلة مع سوريا لمدة عام على الأقل.