وسط جدل سياسي وأمني حاد، شهدت لجنة الشؤون الخارجية والدفاع في الكنيست الإسرائيلي مواجهة مباشرة بين ممثلي جيش الاحتلال الإسرائيلي وأعضاء من حزب الليكود، خلال مناقشة مشروع "قانون فيلدشتاين".
القانون المثير للجدل يهدف إلى تقنين إجراءات نقل المعلومات السرية إلى رئيس الوزراء، لكنه قوبل بمعارضة شديدة من قبل الجيش ومؤسسات الدفاع، الذين اعتبروا أنه يشكل خطرًا جسيمًا على الأمن القومي.
خلفية القانون
تمت تسمية القانون نسبة إلى قضية وثائق سرية متورط فيها مستشارون في مكتب رئيس وزراء دولة الاحتلال، أبرزهم إيلي فيلدشتاين، الذين يُتهمون بالحصول على وثائق سرية وتسريبها إلى وسائل إعلام أجنبية، وفقًا للائحة الاتهام، تضمنت الوثائق معلومات حساسة اعتبرتها الجهات الأمنية لدولة الاحتلال تهديدًا لمصادر استخباراتية سرية.
ويدعي مؤيدو القانون أنه يسعى لضمان وصول المعلومات الحرجة إلى رئيس الوزراء بشكل مباشر لتسهيل اتخاذ القرارات، لكن معارضي القانون، ومنهم مسؤولون عسكريون، حذروا من تداعياته، مؤكدين أن الوثائق السرية تصل بالفعل إلى رئيس الوزراء عبر قنوات مؤسسية آمنة.
موقف جيش الاحتلال
خلال الجلسة، مثل جيش الاحتلال الإسرائيلي موشيه شنيد، الذي أكد أن القانون يشكل خطرًا كبيرًا على الأمن القومي، وأوضح "شنيد" أن نقل المعلومات السرية خارج القنوات المعتمدة يعرض المصادر الاستخباراتية للخطر، وقد يؤدي إلى تسرب معلومات حساسة.
وقال "شنيد": "لا توجد معلومات استخباراتية تمنع عن المستوى السياسي، ورئيس الوزراء ووزير الدفاع يحصلان على جميع المواد الحساسة من خلال قنوات منظمة. أي تغيير في هذا النظام سيضر بعمليات الاستخبارات ويعرض أمن الدولة للخطر".
جدل سياسي
شهدت الجلسة مواجهات حادة بين أعضاء الليكود وممثلي الجيش، واتهم أعضاء الكنيست الجيش بالتمسك بالسلطة على حساب تسهيل وصول المعلومات لرئيس الوزراء. بينما اعتبر الجيش ومؤسسات الدفاع أن القانون غير ضروري وسيؤدي إلى فوضى تنظيمية.
عضو الكنيست تالي غوتليب انفجرت في الجلسة قائلة: "لماذا لا يمكن لرئيس الوزراء الوصول إلى الوثائق بسهولة؟ أليس ذلك حقه؟" في المقابل، رد رئيس الأركان السابق غادي آيزنكوت بأن النظام الحالي يضمن وصول المعلومات الأكثر أهمية لرئيس الوزراء، وأن القانون لن يضيف أي فائدة عملية.
انتقادات داخل المؤسسة الأمنية
إلى جانب جيش الاحتلال، عبر معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي "INSS" عن معارضته للقانون، وذكر في بيان للجنة أن القانون "سيضر بعمليات صنع القرار وسيؤدي إلى تآكل الثقة بين الجيش والمستوى السياسي".
وأضاف البيان أن القانون سيشجع الضباط الصغار على التصرف بشكل فردي، ما يهدد التسلسل الهرمي في الجيش، كما أشار إلى أن الحل يكمن في تحسين قنوات التواصل داخل المؤسسات الأمنية، وليس تغيير الإطار القانوني القائم.
أبعاد القانون
يحذّر خبراء إسرائيليون من أن القانون قد يؤدي إلى إحباط المصادر الاستخباراتية إذا لم يتم الحفاظ على سرية المعلومات.
وأشار "شنيد" إلى أن تسريب الوثائق قد ينبه الأعداء إلى وجود مصادر حساسة، ما يهدد حياة الأشخاص المرتبطين بجمع المعلومات.
في السياق ذاته، صرّح شنيد: "نقل المعلومات بطريقة غير منظمة قد يؤدي إلى كارثة أمنية، يجب حماية قنوات الاستخبارات لضمان استمرار فعاليتها".
بينما يستمر الجدل حول "قانون فيلدشتاين"، يبقى السؤال الأهم هو كيفية تحقيق التوازن بين ضمان أمن المعلومات السرية وتسهيل وصولها إلى صناع القرار؟، القضية ليست مجرد نقاش قانوني، بل اختبار لقدرة نظام الاحتلال الإسرائيلي على الحفاظ على تماسكه الأمني في ظل التحديات السياسية المتزايدة.