يُخطط جيش الاحتلال للبقاء طويلًا في غزة، تحت ذرائع أمنية وسياسية، إذ أكد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس أن قواته ستحتفظ بالسيطرة الأمنية على القطاع مع حرية عمل كاملة، على نحو مماثل لما حدث في الضفة الغربية المُحتلة.
وقال كاتس في منشور له على موقع تويتر، اليوم الثلاثاء، إن موقفه بشأن غزة واضح، فبعد هزيمة حماس عسكريًا وحكمها في غزة، ستحتفظ إسرائيل بالسيطرة الأمنية على القطاع مع حرية عمل كاملة، مؤكدًا أن هذا سيكون على نحو مماثل لما حدث في الضفة الغربية.
وأضاف "لن نسمح بالعودة إلى الواقع الذي كان قائمًا قبل 7 أكتوبر. ولن نسمح لأي تنظيم من جديد أن يهدد الإسرائيليين".
وجاءت تعليقات كاتس في أعقاب تقرير لقناة 12 الإسرائيلية، في وقت سابق، والذي زعم أن وزير الدفاع صرح لمسؤول أمريكي خلف الأبواب المغلقة، أن إسرائيل ليست مهتمة بالسيطرة على غزة في أعقاب الحرب.
وتزامنت تعليقات كاتس مع تصريحات أدلى بها أريك باربينج المسؤول السابق في جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك)، لصحيفة "جيروزالم بوست" الإسرائيلية، قائلًا إن جيش الاحتلال الإسرائيلي وقواته سوف يحتاج إلى أنواع معينة من الوجود المادي في غزة لمدة عقد على الأقل، حتى مع ضرورة تخلي إسرائيل عن بناء أي مستوطنات جديدة هناك.
ويعارض باربينج الاحتلال المدني لقطاع غزة، لكنه في الوقت نفسه لا يعتقد أن أي طرف ثالث يمكن أن ينجح في استبدال حماس من دون الوجود الأمني لجيش الاحتلال الإسرائيلي في نقاط رئيسية في القطاع لفترة طويلة للغاية.
وتشير المشاهد على الأرض إلى أن الاحتلال يخطط للبقاء حتى أواخر العام المقبل في قطاع غزة، الذي قُسم إلى مناطق معزولة شمالًا وجنوبًا ووسطًا، يشهد أعمال بناء عسكرية تؤكد نية إسرائيل للبقاء لفترة طويلة.
ونشرت صحيفة "هآرتس" تقريرًا قبل شهر، ذكر أن قوات الاحتلال الإسرائيلي تنفذ مشاريع واسعة تشمل بناء سدود، وشق طرق رئيسية تفصل المناطق المدمرة، إلى جانب إنشاء بنى تحتية تشمل شبكات مياه وكهرباء خاصة بمواقع الجنود، كما تظهر مشاهد متكررة لعمليات التقسيم شمالًا وجنوبًا، أبرزها عند ممر نتساريم الذي يفصل القطاع إلى شطرين.
والأعمال على الأرض ليست الدليل الوحيد على هذا المخطط، فقد تم توزيع "رسم بياني قتالي لعام 2025" على الجنود والقادة الإسرائيليين، مما يؤكد أن هذه التحصينات ليست مؤقتة.
في المواقع العسكرية مثل ممر نتساريم، أشار أحد الجنود إلى وجود مطابخ، كنائس صغيرة، وحتى ملاعب كرة قدم، مؤكدًا أن هذه التحصينات مصممة للبقاء فترة طويلة.
ويواصل جيش الاحتلال إفراغ شمال القطاع، حيث يتم نقل السكان الفلسطينيين قسريًا إلى الجنوب، وتسوية المباني بالأرض. وتتركز الجهود على تحويل ممرات رئيسية، مثل ممر نتساريم إلى مناطق عسكرية واسعة بعد تدمير المباني المحيطة.
وكشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، في وقت سابق الشهر الجاري، أن جيش الاحتلال الإسرائيلي بدأ تطبيق خطة "الفقاعات" التي طرحها حزب الليكود الحاكم بقيادة بنيامين نتنياهو، وتقضي بإقامة مناطق عازلة للفلسطينيين داخل القطاع.
وأوضحت الصحيفة أن الخطة الإسرائيلية وضعها الجنرال السابق (إسرائيل زيف)، الذي سبق وأشرف على خطة الانسحاب الأحادي من غزة عام 2005، إذ يشير إلى أن خطته الجديدة تحتاج لخمس سنوات متواصلة، من أجل تمشيط كل متر في داخل القطاع، للتأكد من عدم وجود فصائل المقاومة الفلسطينية فيها، وبعد التأكد من ذلك يتم تسكين أهالي غزة فيها.
هذا وقد أطلقت حركة "نحالا" الاستيطانية حملةً لبدء الاستيطان في قطاع غزة، وإرسال بيوت متنقلة "كرفانات" إلى قطاع غزة خلال الأسبوع المقبل، وفق ما قالت إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي.
وخلال شهر أكتوبر الماضي، عقد مئات المستوطنين المتطرفين مؤتمرًا قرب غزة دعوا خلاله إلى إعادة النشاط الاستيطاني في "كل شبر" من القطاع، تحت عنوان "الاستعداد لإعادة استيطان غزة"، في مستوطنة "بئيري" في غلاف غزة.
مشروع قانون إسرائيلي يسمح بحرية حركة المستوطنين في غزة
وقدم عضو الكنيست الإسرائيلي عن حزب الليكود، أفيحاي بوآرون، مشروع قانون يهدف إلى السماح بحرية الحركة للإسرائيليين داخل قطاع غزة، بعد سنوات من حظر الدخول بموجب قانون "فك الارتباط"، وذلك تمهيداً للاستعمار في القطاع.
ويهدف القانون، وفق نصه، إلى محاكاة الإجراءات التي تم اتخاذها في شمال الضفة الغربية، حيث ألغيت القيود على دخول الإسرائيليين وأُعيد بناء مستعمرة "حومش"، ويرى أن "إلغاء القيود على غزة قد يفتح الباب أمام إنشاء تجمعات استعمارية جديدة داخل القطاع".
ويأتي مشروع القانون الجديد لينضم إلى القانون الذي صادق عليه الكنيست في مارس لإلغاء خطة الانفصال عن أربع مستعمرات شمالي الضفة، في إطار خطة "فك الارتباط" عن غزة التي نفذتها الحكومة الإسرائيلية في العام 2005.
ومؤخراً، شكل أعضاء كنيست عن حزبي الليكود و"الصهيونية الدينية" بالشراكة مع قادة المستعمرين، "مجموعة عمل برلمانية مدنية" تهدف إلى إلغاء قانون "فك الارتباط" أحادي الجانب عن قطاع غزة، في مسعى لشرعنة إعادة الاستيطان في الأراضي الفلسطينية.