قررت الحكومة الإسرائيلية، أمس الأحد، مضاعفة عدد سكانها في مرتفعات الجولان المحتلة، على الرغم من قولها إن التهديدات من سوريا لا تزال قائمة رغم النبرة المعتدلة لزعماء المتمردين الذين أطاحوا بالرئيس بشار الأسد.
بعد خروج بشار الأسد من سوريا في الثامن من ديسمبر الجاري، دخلت القوات الإسرائيلية منطقة منزوعة السلاح داخل سوريا، بما في ذلك الجانب السوري من جبل الشيخ الاستراتيجي المطل على دمشق، حيث سيطرت قواتها على موقع عسكري سوري مهجور، مبررة ذلك بأن التوغل هو إجراء مؤقت لضمان أمن الحدود.
فيما يلي دليل سريع لمرتفعات الجولان الجبلية التي تبلغ مساحتها 1200 كيلومتر مربع (460 ميلًا مربعًا) التي استولت إسرائيل على معظم الهضبة الاستراتيجية من سوريا في حرب الأيام الستة عام 1967 وضمتها في عام 1981 وهي هضبة خصبة واستراتيجية تطل على منطقة الجليل في إسرائيل وكذلك لبنان، وتحد الأردن.
لماذا المنطقة مثيرة للجدل؟
حاولت سوريا استعادة الجولان في حرب أكتوبر عام 1973، لكن محاولاتها أُحبطت، ووقّعت تل أبيب ودمشق هدنة عام 1974، ومنذ ذلك الحين ظلت الجولان هادئة نسبيًا، وطوال تلك السنين طالبت سوريا دائما إسرائيل بالانسحاب لكنها كانت ترفض ذلك، مستشهدة بمخاوف أمنية.
وتقع بين الجيشين الإسرائيلي والسوري "منطقة فصل" تبلغ مساحتها 400 كيلومتر مربع (155 ميلًا مربعًا) وتسمى في كثير من الأحيان المنطقة منزوعة السلاح، التي لا يُسمح للقوات المسلحة من البلدين بدخولها بموجب اتفاق وقف إطلاق النار.
وقد أنشأت اتفاقية فصل القوات المبرمة في 31 مايو 1974 خط ألفا إلى الغرب من منطقة الفصل، الذي يجب أن تبقى القوات العسكرية الإسرائيلية خلفه، وخط برافو إلى الشرق الذي يجب أن تبقى القوات العسكرية السورية خلفه.
وتمتد "منطقة الحدود" على مسافة 25 كيلومترًا (15 ميلًا) خارج "منطقة الفصل" على الجانبين، حيث توجد قيود على عدد القوات وعدد وأنواع الأسلحة التي يمكن لكلا الجانبين امتلاكها هناك.
هناك نقطة عبور واحدة بين الجانبين الإسرائيلي والسوري، كانت تُستخدم حتى بداية الحرب الأهلية السورية بشكل أساسي من قبل قوات الأمم المتحدة، وعدد محدود من المدنيين الدروز، ولنقل المنتجات الزراعية.
في عام 2000 عقدت إسرائيل وسوريا محادثات على أعلى مستوى بشأن إمكانية إعادة الجولان والتوصل إلى اتفاق سلام، لكن المفاوضات انهارت كما فشلت المحادثات اللاحقة.
في عام 2019، أعلن الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب دعم الولايات المتحدة للسيادة الإسرائيلية على الجولان، لكن معظم الدول لم تعترف بضمها، وقال نتنياهو، أمس الأحد، إنه تحدث مع ترامب الذي سيعود إلى البيت الأبيض في 20 يناير 2025، وأن بلاده ليس لديها مصلحة في الصراع مع سوريا.
ما الذي يفصل بين الجانبين في الجولان؟
تتمركز قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك (UNDOF) في معسكرات ومراكز مراقبة على طول الجولان، بدعم من مراقبين عسكريين من هيئة الأمم المتحدة لمراقبة الهدنة (UNTSO).
لماذا تريد إسرائيل الجولان؟
قالت إسرائيل في وقت سابق، خلال الأزمة السورية 2011 التي استمرت نحو 13 عامًا، إنها أظهرت الحاجة إلى الحفاظ على الهضبة كمنطقة عازلة بين المدن الإسرائيلية وعدم استقرار جارتها.
كما أعربت الحكومة الإسرائيلية عن قلقها من أن إيران، حليفة نظام الأسد منذ فترة طويلة، تحاول تعزيز وجودها على الجانب السوري من الحدود من أجل شن هجمات على إسرائيل.
وبالفعل، قصفت إسرائيل بشكل متكرر أصولاً عسكرية إيرانية مشتبه بها في سوريا في السنوات التي سبقت سقوط الأسد.
وترغب كل من إسرائيل وسوريا في الحصول على موارد الجولان المائية والتربة الخصبة طبيعيًا.
من يعيش في الجولان؟
وقال المحلل أفراهام ليفين، من مركز ألما للأبحاث والتعليم المتخصص في التحديات الأمنية التي تواجهها إسرائيل على حدودها الشمالية، حسب وكالة رويتر، إن نحو 31 ألف إسرائيلي استوطنوا هناك، ويعمل كثيرون منهم في الزراعة بما في ذلك مزارع الكروم والسياحة.
وأضاف "ليفين" أن الجولان موطن لنحو 24 ألف درزي، وهم أقلية عربية، وكان العديد من أتباع الدروز في سوريا موالين لنظام الأسد منذ فترة طويلة، ولدى العديد من العائلات أفراد على جانبي خط ترسيم الحدود.
وبعد ضم الجولان، منحت إسرائيل الدروز خيار الحصول على الجنسية، لكن معظمهم رفضوا ذلك وما زالوا يعتبرون أنفسهم سوريين.
مَن يسيطر على الجانب السوري من الجولان؟
قبل اندلاع الأزمة السورية عام 2011، كانت هناك مواجهة غير مستقرة بين القوات الإسرائيلية والسورية.
لكن في عام 2014 سيطر المتمردون السوريون المناهضون للحكومة على محافظة القنيطرة على الجانب السوري، وأجبروا قوات الأسد على الانسحاب، كما هاجموا قوات الأمم المتحدة في المنطقة، وأجبروها على الانسحاب من بعض مواقعها.
وظلت المنطقة تحت سيطرة المتمردين حتى صيف عام 2018، عندما عادت قوات الأسد إلى مدينة القنيطرة المُدمرة إلى حد كبير والمنطقة المحيطة بها، بعد هجوم مدعوم من روسيا واتفاق سمح للمتمردين بالانسحاب.
ماذا حدث منذ خروج الأسد؟
وافقت حكومة نتنياهو بالإجماع، الأحد، على خطة بقيمة أكثر من 40 مليون شيكل (11 مليون دولار) لتشجيع النمو الديموجرافي في الجولان.
وقالت إن نتنياهو قدم الخطة للحكومة "في ضوء الحرب والجبهة الجديدة التي تواجهها سوريا، ورغبة في مضاعفة عدد سكان الجولان".
وأدانت دول عربية وخليجية قرار إسرائيل، ووصفته بعضها بأنه "محاولة متعمدة لتوسيع الاحتلال".
نفذت إسرائيل مئات الضربات على مخازن الأسلحة الاستراتيجية والبنية التحتية العسكرية في سوريا، كما تقول، لمنع استخدامها من قبل الجماعات المتمردة التي طردت الأسد من السلطة، وبعضها نشأ من حركات مرتبطة بتنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية.