أدان مجلس النواب المصري الممارسات الإسرائيلية السافرة في الجولان السوري المحتل، مؤكدًا أنها تمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن، ومحاولة مرفوضة لتكريس الاحتلال وتوسيع رقعته.
وأكد المستشار الدكتور حنفى جبالى، رئيس المجلس، خلال كلمة ألقاها في بداية الجلسة العامة للمجلس، اليوم الأحد، أنّ أرض سوريا ملك لشعبها وحده، ولا يمكن للمجتمع الدولي أن يغضَّ الطرف عن تلك الانتهاكات التي تهدد الأمن والسلم الدوليين.
وتابع قائلًا: "أتحدث إليكم اليوم، ليس فقط بلسان مواطن مصري، وإنما بلسان مواطن عربي، تشغله هموم أمته العربية، وعلى رأسها ما تمر به سوريا الشقيقة من تطورات سياسية متلاحقة، فالأمن القومي العربي كل لا يتجزأ، والعلاقة التاريخية الراسخة بين مصر وسوريا تجعل من أمنها واستقرارها أمرًا حيويًا لمصر، ومرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بأمن مصر القومي وبالأمن القومي العربي".
وأضاف "جبالي": "يعلم الجميع أن موقف مصر من الأزمة الممتدة التي عاشتها سوريا الشقيقة، منذ 13 عاما، كان -ولا يزال- موقفًا تحكمه اعتبارات الحفاظ على الأمن القومي العربي، ويستند إلى ضرورة الحفاظ على وحدة سوريا، أرضًا وشعبًا، وضمان سيادتها على أراضيها دون تفريط أو انتقاص، ورفض التدخلات الأجنبية في شؤونها، واحترام خيارات الشعب السوري الشقيق".
وشدد على أن الحل للأزمة السورية لا يمكن أن يكون إلا سياسيًا بامتياز، مشيرًا إلى أن الدولة المصرية تمسكت -طوال الوقت- بقرار مجلس الأمن رقم 2254 كإطار أمثل لبدء عملية سياسية شاملة، تقودها إرادة السوريين الحرة، وتؤسس لنظام يعكس تعددية الشعب دون عصبية أو طائفية أو إقصاء، ويحفظ مؤسساتها الوطنية التي هي ملك لهذا الشعب العريق.
واستطرد:" علينا أن نعي أن التأخر في إطلاق عملية سياسية حقيقية قد كلف الشعب السوري الشقيق ثمنًا باهظًا، وفي هذه اللحظة الفارقة التي تمر بها سوريا الحبيبة، لا مجال لتضييق الآفاق أو تقليص الأمل بمصالح أو رؤى ضيقة ترتقي فوق المصلحة الوطنية السورية الجامعة.. فالأمة السورية اليوم، أكثر من أي وقت مضى، في أمسِّ الحاجة إلى أن تتوحد صفوفها، وتتناسى الخلافات، لتبني معًا الوطن الذي تستحقه، سوريا التي نرنو إليها.. سوريا ديمقراطية، تحتضن جميع أبنائها دون تفرقة أو تمييز، وتستعيد وحدتها وسيادتها بعيدًا عن شرور الحروب الأهلية وفتن الطائفية".
وقال رئيس مجلس النواب المصري إن الحفاظ على سوريا هو التزام واضح لا يقبل اللبس، ويجب أن يتحمل مسؤوليته المجتمع الدولي برمته، فسوريا عضو مؤسس في منظمة الأمم المتحدة، ومن غير المقبول بأي حال من الأحوال السماح لأي طرف باستغلال الظروف الدقيقة أو التحولات المتسارعة التي تشهدها لتكريس واقع جديد على الأرض، أو المساس بوحدتها وسلامتها الإقليمية، أو إحداث تغييرات تمس هويتها وثوابتها.
وواصل: "نرفض بكل قوة، وبأشد العبارات، كل محاولة من أي طرف إقليمي أو دولي يسعى لفرض مناطق نفوذ على الأراضي السورية، أو التدخل في الشأن السوري الداخلي، سواءً كان ذلك بمحاولات تغيير الواقع الجغرافي أو الديموغرافي، أو بإذكاء النعرات المذهبية والعرقية، أو بنشر التوجهات الإقصائية التي لا مكان لها في سوريا الجديدة التي نتطلع إليها.. سوريا التي تقوم على الوحدة والعدالة والتعايش بين جميع أبنائها"
وأشار "جبالي" إلى أن مصر تبنت موقفًا متوازنًا تجاه الأزمة السورية، وحرصت على الحفاظ على قنوات التواصل المفتوحة مع جميع الأطراف والقوى السياسية والاجتماعية السورية، كما احتضنت مصر الأشقاء السوريين بكل احترام ورحابة، ومنحتهم الأمان والرعاية، وعاملتهم كجزء من الأسرة المصرية، في مشهد يعكس أسمى معاني التضامن والتآزر.
ولفت "جبالي" إلى أن مصر -بتاريخها العريق ودورها المحوري- ستظل صوت العقل والحكمة، وستظل سندًا لكل جهد مخلص يسعى إلى إعادة سوريا إلى مكانتها الطبيعية بين أشقائها العرب، كركن أساسي من أركان النظام الإقليمي، وركيزة من ركائز الأمن القومي العربي.
وتابع: "في ظل ما تشهده منطقتنا من تحديات جسام وأحداث مضطربة، لا يمكننا أن نغفل عن درع مصر الحصين وسندها المتين، وهو جيشها الباسل الذي طالما كان حصناً للأمة ودرعًا واقيًا يحمي حدودها ويصون أمنها واستقرارها.. لقد أظهرت الأحداث التي شهدتها دول عديدة في منطقتنا، وما تبعها من تفكك في جيوشها وانهيارات لأمنها الداخلي، حكمة القيادة المصرية وبصيرتها الثاقبة في إدارة الأزمات".
وشدد رئيس مجلس النواب، على "إدراك المصريين منذ القدم أن الجيش والشعب كيان واحد، روح متحدة لا تنفصل، فالجندي المصري هو ابن هذا الشعب الأصيل الذي وقف على مدار التاريخ كالبنيان المرصوص في وجه كل من تسول له نفسه المساس بتراب هذا الوطن أو سلامة شعبه".
وأشار إلى أنه في ظل ما تواجهه حدودنا من تهديدات مباشرة وغير مباشرة، يظل الجيش المصري سدًا منيعًا، يذود عن كرامة الوطن وسيادته بكل شجاعة وتفان، واضعًا نصب عينيه حماية كل شبر من أرض مصر، وتوفير البيئة الآمنة التي تمكن الدولة من التركيز على تنميتها ودورها الريادي، إقليميًا ودوليًا.
ونوه بدعم الجيش المصري والتلاحم معه لا يُعَدُّ واجبًا وطنيًا فحسب، بل عهد متجدد بين الشعب وجيشه، رسالة تحملها الأجيال جيلاً بعد جيل، لتظل مصر واحة الأمن والاستقرار، وقوة محورية لا يمكن تجاوزها في معادلات المنطقة والعالم.
واختتم: "تجلى بعد النظر والحنكة السياسية في شخص قائد عظيم هو الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، إذ أدار بحكمة فائقة التحديات الجسيمة التي تشهدها منطقتنا وأمتنا العربية، سعيًا منه لحماية مصر من الوقوع في أتون الصراعات الإقليمية التي تهدد استقرارها، واضعًا مصلحة وطنه وشعبه فوق كل اعتبار، ليظل ثابتًا في مسعاه للحفاظ على أمن مصر واستقرارها في زمن ضاقت فيه السبل واشتدت فيه المخاطر".