أثار ظهور عدد كبير من الطائرات بدون طيار الغامضة، وهي تحلق فوق أجزاء من ولاية نيوجيرسي والساحل الشرقي للولايات المتحدة في الأسابيع الأخيرة، قلقًا كبيرًا والعديد من التكهنات بشأن من أرسلها ولماذا؛ حتى إن السيناتور الجديد لولاية نيوجيرسي، آندي كيم، قضى ليلة الخميس في تتبع بعض هذه المسيّرات في منطقة ريفية شمال الولاية.
وبينما كتب فيل مورفي، حاكم ولاية نيوجيرسي، إلى الرئيس جو بايدن يطلب إجابات؛ أكد مورفي ومسؤولو إنفاذ القانون أن هذه المسيّرات لا تبدو أنها تشكل تهديدًا للسلامة العامة.
لكن مع ذلك، طالب العديد من المشرعين في الولايات والبلديات بقواعد أكثر صرامة حول من يمكنه التحليق بالطائرات بدون طيار.
وفي الوقت الحالي، يقوم مكتب التحقيقات الفيدرالي، من بين العديد من الوكالات الأخرى، بالتحقيق وطلب من السكان مشاركة مقاطع الفيديو والصور وغيرها من المعلومات التي قد تكون لديهم عن هذه المسيّرات؛ كما ذكر تقرير لوكالة "أسوشيتد برس".
قلق كبير
بداية من نوفمبر الماضي، أفاد العشرات من شهود العيان أنهم رأوا العديد من الطائرات بدون طيار تحلق في سماء الولاية. في البداية، تم رصدها وهي تطير على طول نهر "راريتان" -الذي يغذي خزان "راوند فالي" أكبر طبقة مياه جوفية في الولاية- على بُعد حوالي 80 كيلومترًا غرب مدينة نيويورك.
ولكن سرعان ما تم الإبلاغ عن مشاهدات على مستوى الولاية، بما في ذلك بالقرب من ترسانة "بيكاتيني"، وهي منشأة عسكرية للأبحاث والتصنيع، وكذلك فوق ملعب الجولف الخاص بالرئيس المنتخب دونالد ترامب في بيدمينستر. ثم تم رصد هذه الطائرات مؤخرًا في المناطق الساحلية.
ونقلت "أسوشيتد برس" عن عضو مجلس النواب الأمريكي، الجمهوري كريس سميث، إن أحد ضباط خفر السواحل أبلغه أن اثنتي عشرة مُسيّرة تابعت عن كثبٍ قارب نجاة تابع للخفر بالقرب من منارة "بارنيجات" ومنتزه "آيلاند بيتش" الحكومي في مقاطعة "أوشن" خلال عطلة نهاية الأسبوع.
ولم يغب القلق المتزايد عن إدارة بايدن، التي واجهت انتقادات من ترامب لعدم تعاملها مع الأمر بشكل أكثر عدوانية.
وفي مكالمة مع الصحفيين نظمها البيت الأبيض، السبت، سعى كبار المسؤولين من مكتب التحقيقات الفيدرالي والبنتاجون وإدارة الطيران الفيدرالية، وغيرها من الوكالات إلى طمأنة الناس بأن الطائرات بدون طيار لا تشكل تهديدًا للأمن القومي أو السلامة العامة أو عملًا خبيثًا من قبل جهة أجنبية.
ونقلت الوكالة عن مسؤول في مكتب التحقيقات الفيدرالي، إن القلق العام أمر مفهوم. لكنه أضاف: "أعتقد أن هناك رد فعل مبالغ فيه قليلًا".
وقال المتحدث باسم البنتاجون، بات رايدر، الخميس، إن التقييم الأولى الذي أجراه الجيش بعد التشاور مع وزارة الأمن الداخلي ومجلس الأمن القومي، بأن هذه الطائرات بدون طيار ليست من مصدر أجنبي، ظل دون تغيير.
مع هذا، حث أحد أعضاء الكونجرس عن ولاية نيوجيرسي البنتاجون على السماح باستخدام القوة لإسقاط طائرة واحدة أو أكثر لمحاولة معرفة من قام بنشرها؛ وهو ما وافق عليه عضو جمهوري آخر في الكونجرس عن منطقة "جيرسي شور".
لكن، قال شون جولدن، قائد شرطة مقاطعة "مونماوث"، إن الناس يجب ألا يأخذوا على عاتقهم إسقاط الطائرات بدون طيار، وهو ما من شأنه أن ينتهك قوانين الولاية والقوانين الفيدرالية.
فوق نيويورك
بينما يلزم الحصول على تصريح لتسيير الطائرات بدون طيار في نيويورك، قال عمدة المدينة إريك آدامز إن المدينة تحقق وتتعاون مع مسؤولي ولاية نيوجيرسي والحكومة الفيدرالية بشأن عدة مسيّرات شوهدت في سماء المدينة.
وقالت حاكمة ولاية نيويورك كاثي هوشول إن مدارج الطائرات في مطار "ستيوارت" الدولي -على بُعد حوالي 100 كيلومتر شمال المدينة- أغلقت لمدة ساعة تقريبًا ليلة الجمعة؛ بسبب نشاط طائرات مسيّرة في المجال الجوي.
ودعت الحاكمة الكونجرس إلى تعزيز إشراف إدارة الطيران الفيدرالية على الطائرات بدون طيار، ومنح المزيد من السلطات لأجهزة إنفاذ القانون على مستوى الولايات والحكومات المحلية.
وقالت: "إن توسيع هذه الصلاحيات لتشمل ولاية نيويورك وأقراننا أمر ضروري. وحتى يتم منح هذه الصلاحيات لمسؤولي الولايات والحكومات المحلية، يتعين على إدارة بايدن التدخل من خلال توجيه المزيد من قوات إنفاذ القانون الفيدرالية إلى نيويورك والمنطقة المحيطة بها لضمان سلامة بنيتنا التحتية الحيوية وشعبنا".
وقال البيت الأبيض إن مراجعة المشاهدات المبلغ عنها، تظهر أن العديد منها في الواقع طائرات مأهولة كانت تحلق بشكل قانوني، وهو ما يتوافق مع رأي المسؤولين والخبراء.
وقالت وزارة الأمن الداخلي ومكتب التحقيقات الفيدرالي، في بيانٍ مشتركٍ، إنهما ليس لديهما دليل على أن المشاهدات تشكل "تهديدًا للأمن القومي أو السلامة العامة أو لها صلة أجنبية".
وكانت الطائرات بدون طيار التي تم الإبلاغ عنها يبلغ قطرها 1.8 متر، وأحيانًا تطير وأضواؤها مطفأة.
وتلفت "أسوشيتد برس" إلى أن "هذا أكبر بكثير من التي يستخدمها هواة الطائرات بدون طيار عادةً، وتبدو وكأنها تتجنب الكشف عنها بالطرق التقليدية مثل المروحيات والراديو".
ويقوم مكتب التحقيقات الفيدرالي ووزارة الأمن الداخلي وشرطة الولاية بالتحقيق في هذه المشاهد. وتقول السُلطات إنها لا تعرف ما إذا كانت طائرة بدون طيار واحدة تم رصدها عدة مرات، أو ما إذا كانت هناك طائرات متعددة يتم تحليقها في جهد منسق.
وقالت المتحدثة باسم البنتاجون سابرينا سينج، الأربعاء، إن الطائرات ليست طائرات عسكرية أمريكية بدون طيار. على عكس الرئيس المنتخب دونالد ترامب، الذي كتب على منصته للتواصل الاجتماعي إنه يعتقد أن الحكومة تعرف أكثر مما تقوله "أعلموا الجمهور، الآن. وإلا، فأطلقوا النار عليهم".