بتعامل مسؤول واحترام للمشاهد، اكتسب الممثل المصري نبيل الحلفاوي حبَّ الجمهور له، منذ انطلاق مسيرته الفنية في السبعينيات من القرن الماضي، وتُرجمت خطوط هذا المنهج في حالة المحبة الشديدة من الجمهور للفنان الذي يعاني حاليًا من أزمة صحية شديدة، دخل على إثرها أحد المستشفيات.
امتلأت مواقع التواصل الاجتماعي بالعديد من الدعوات لنبيل الحلفاوي بتجاوز محنته الصحية وخروجه من المستشفى، ليس من قِبل زملائه الفنانين ومنهم صلاح عبد الله، لكن أيضًا من محبيه وجمهوره الذي ارتبط به، ومن مراحل عمرية مختلفة، سواءً من عاصروا بدايته أو من أجيال لاحقة أصبحت تنتظر كتاباته على منصة إكس.
يحظى الحلفاوي بنحو 7 ملايين متابع على المنصة الإلكترونية، ما يساعده على تقليل الفجوة بينه وبين الأجيال الجديدة ويعوضه عن التفاعل المباشر القادم من الشارع، لكنه على الجانب الآخر مُقِّل في ظهوره الإعلامي، إذ سبق أنْ فسر ذلك في أحد حواراته التلفزيونية النادرة بأنَّ تركيبته الشخصية تتناقض مع طبيعة مهنته كممثل فهو لا يحب الظهور، كما أنه يكتفي بإطلالته على الجمهور من خلال الأدوار الدرامية التي يجسدها، إضافة إلى أنه يجد أن كلامه قد لا يكون مفيدًا مفضلًا إفساح المجال لمن يلقون الضوء على تفاصيل حول قضايا مهمة قد تكون غائبة عن الكثيرين.
رغم أنَّ لديه ملايين المتابعين على منصة إكس، يؤمن الممثل القدير بأنَّه ليس شرطًا أن يكون جميع متابعيه من المحبين له، وأيضًا لا يعني ذلك أنه يتمتع بفصاحة القول والرأي السديد، بل يرجع ذلك إلى أنَّ الشخصية العامة أو الشهيرة تحظى باهتمام الجمهور، ما يؤكد على أنه رغم شهرته الواسعة كان بداخله قناعات التواضع وعدم المبالغة في تقدير الذات.
"والدي يفتخر بحب واحترام الجمهور"، هكذا تحدث نجله المخرج خالد الحلفاوي في حوار إذاعي عن والده، مشيرًا إلى أنه رغم خبرته الفنية الكبيرة لا يزال يتعامل مع الفن بروح الهواة، ويحرص للغاية على اختيار أدواره بعناية، فهو يعمل من أجل الشعور بمتعة التمثيل والفن، الأمر الذي اكتسبه منه.
روح الهواة التي يعمل بها نبيل الحلفاوي وحب الفن، أمر لم يكن مخططًا له، فهو كما يصفه "اختيار القدر"، إذ درس في المرحلة الجامعية الهندسة، قبل أن يلتحق بكلية الصيدلة بناءً على رغبة عائلته، ثم انتقل إلى كلية التجارة، ليبدأ من هناك تعلقه بالتمثيل، الذي جاء بمفارقة قدرية وذهابه من قبيل المصادفة إلى مسرح الكلية مع أحد أصدقائه، وما أنْ شاهد كواليس أحد العروض، أصبح الذهاب إلى المسرح عادة يومية له.
بمتابعة عن قرب وشعور بأن خشبة المسرح مكانه، طلب "الحلفاوي" من مخرج العرض المشاركة في إحدى المسرحيات، وسرعان ما أثبت جدارته حتى تم اختياره في فريق الجامعة المسرحي، ما جعله لا يتردد في أن يلتحق بقسم التمثيل بمعهد الفنون المسرحية الذي تخرجه فيه عام 1970، ذلك العام الذي شهد أيضًا ظهوره في مسلسلات تلفزيونية وإذاعية، منها "العصابة" للمخرج إبراهيم الصحن.
الممثل المولود في حي السيدة زينب بالقاهرة، تعطل ارتباط الجمهور في بدايته الفنية لأنَّه لم يكن شغوفًا بتوطيد علاقاته بالمخرجين، حسب تصريحاته، لذا لم يكن معروفًا لهم، كما أنه اعتذر عن الكثير من الأدوار الصغيرة بالتلفزيون والتي شعر بأنها لا تليق به، حتى إن زميله الممثل محمد وفيق نصحه وقتها بقبول تلك الأدوار لكي يوطد علاقاته بالوسط الفني.
جاء ارتباط الجمهور للمرة الأولى بالنجم نبيل الحلفاوي من خلال مسلسل " غوايش" ذائع الصيت في عام 1986، مجسدًا دور المعلا قانون، هذا الارتباط والحب الذي لم تنقطع أواصره طوال عقود من التمثيل، لينطلق في مسلسلات تلفزيونية مميزة، منها "الحب وأشياء أخرى"، و"لا إله إلا الله"، و"رأفت الهجان"، و"دموع صاحبة الجلالة".
وفي منتصف التسعينيات من القرن الماضي حقق الحلفاوي نجاحًا لافتًا للنظر من خلال مشاركته في مسلسلات" الزيني بركات"، و"زيزينيا"، وأيضًا فيلمه ذائع الصيت "الطريق إلى إيلات"، إذ كان يجيد اختيار أدواره التي يشعر بأنها مناسبة له ويستطيع الإبداع ووضع لمسته الخاصة فيها، ما جعلها تصل إلى الجمهور بمصداقية شديدة، ويصبح أحد أبرز نجوم جيله، رغم قلة أعماله لأنه لا يستطيع المشاركة في عملين بوقت واحد، من منطلق رغبته في التفرغ للشخصية التي يجسدها، لدرجة أنه اعتذر عن أعمال فنية أكثر مما وافق عليها.
الفنان الشهير بلقب القبطان واصل الإبداع في العديد من المسلسلات التلفزيونية، منها "ونوس" و"دهشة" مع صديقه النجم يحيى الفخراني، و"المصراوية"، و"القاهرة كابول"، مقدمًا نموذجًا للفنان الحريص على اختيار أدواره بعناية شديدة، رافضًا أن يكلف نفسه بأعباء مالية قد تجله يقبل أعمال من أجل المقابل المادي فقط، ليكتسب يومًا بعد الآخر محبة واحترام الجمهور، الذي لا يتوقف عن كتابة ملايين من رسائل المحبة والدعاء له بالشفاء وتخطي أزمته الصحية.