في أروقة القضاء وتحت أضواء الإعلام، يقف بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي الأطول خدمة بتاريخ دولة الاحتلال، في مواجهة اتهامات بالفساد قد تقلب موازين السياسة الإسرائيلية.
من قاعة المحكمة في تل أبيب، وحتى احتجاجات الشوارع والمواقف المتباينة داخل حزب الليكود، ترتسم ملامح صراع مُعقد يجمع بين السياسة والعدالة، وبين المستقبل والحاضر الملتبس.
الدعم السياسي لنتنياهو
وحاول مكتب بنيامين نتنياهو، اليوم الثلاثاء، إعادة إنتاج مشهد دعم سياسي موحد لنتنياهو، لكن بدت الأمور أقل توحيدًا، إذ اقتصرت الفعالية على عدد محدود من المؤيدين، وفق صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية.
ورغم أن العديد من وزراء الليكود أعلنوا دعمهم لنتنياهو ووقعوا رسائل تسانده أمام النظام القضائي، فإن الحضور في أمام المحكمة بدا خجولًا. بينما حضر عدد قليل من الوزراء والشخصيات البارزة وغاب آخرون واكتفوا بمتابعة جداول أعمالهم المعتادة.
في تصريحات لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، أفاد مصدر داخل الليكود بأن القاعدة الشعبية تراقب عن كثب من يدعم نتنياهو علانية، ورغم ذلك، بدا الحماس بين جمهور الليكود أقل مما كان متوقعًا. حتى الإعلانات الدعائية التي شملت دعوة ابنه يائير نتنياهو لم تحفز الجماهير بشكل كبير.
على الجانب الآخر، استغل وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن جفير، المناسبة لتأكيد دعمه لنتنياهو، مهاجمًا مكتب المظالم وداعيًا إلى إقالتها. ويبدو أن بن جفير أراد توجيه رسالة ضمنية لنتنياهو حول شراكتهما السياسية.
نتنياهو في قفص الاتهام
في قاعة محكمة ضيقة ومزدحمة تحت الأرض بتل أبيب، ظهر بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، متهمًا بالرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة في القضية 67104-01-20. هذه اللحظة تمثل ذروة أزمة سياسية وقضائية غير مسبوقة، بدأت منذ سنوات عندما فتحت الشرطة تحقيقاتها.
للمرة الأولى منذ بداية المحاكمة، وقف نتنياهو على المنصة ليدلي بشهادته، قال وهو يمسك بجانبي المنصة الخشبية: "انتظرت هذه اللحظة ثماني سنوات لأقول الحقيقة كما أتذكرها".
انقسام إسرائيلي
وحسب صحيفة "نيويورك تايمز"، فالقضية، التي أدت إلى انقسام الإسرائيليين بين مؤيد ومعارض لنتنياهو، استمرت في تعقيد الحياة السياسية وأثرت على إجراء 5 انتخابات في أقل من 4 سنوات، بينما يرى البعض المحاكمة فرصة لمساءلة المسؤولين الكبار، يعتبرها مؤيدو نتنياهو "اضطهادًا سياسيًا".
رغم محاولاته تأجيل جلسة الاستماع بدعوى انشغاله بإدارة الحرب، إلا أن المحكمة رفضت إلا تأجيلًا قصيرًا. ورغم التغطية الإعلامية المكثفة، بدا المشهد بالنسبة للكثيرين مخيبًا للآمال، إذ لم تعد محاكمة نتنياهو في أثناء شغل منصبه أمرًا صادمًا كما كان في السابق.
استمرار المحاكمة سنوات
من المتوقع أن تستمر المحاكمة سنوات، وأن تشهد جلسات متعددة يواجه فيها نتنياهو أسئلة حول اتهامات بتقديم مزايا تنظيمية مقابل هدايا ودعم إعلامي.
وتُعتبر هذه المحاكمة اختبارًا لمدى قدرة النظام في دولة الاحتلال الإسرائيلي على محاسبة أعلى المسؤولين، في حين أنها تثير جدلًا حادًا حول استقلال القضاء ودوره في مواجهة النخب السياسية.
وتضع هذه الأحداث إسرائيل أمام مفترق طرق تاريخي، إذ تتقاطع مسارات العدالة والديمقراطية والسياسة. بينما تتواصل المحاكمة وسط انقسامات مجتمعية حادة، يبقى السؤال الأهم: هل سيتمكن النظام القضائي من فرض العدالة دون أن يصبح أداة للصراعات السياسية؟ الأيام القادمة قد تحمل الإجابة.