كشفت صحيفة "بوليتيكو" الأمريكية، عن مشهد وصفته بالمثير للجدل داخل التشكيل الوزاري المرتقب للرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، إذ تبرز مخاوف من احتمال نشوب صراعات بين شخصيات قوية تتمتع بكاريزما عالية وطموحات سياسية متباينة.
تركيبة استثنائية تجمع المتناقضات
كشفت الصحيفة أن ترامب اختار لإدارته الجديدة مجموعة متنوعة من الشخصيات البارزة التي تنتمي لتيارات مختلفة داخل الحزب الجمهوري، إذ إن هناك المحافظين التقليديين الذين يؤمنون بالسياسات الاقتصادية المحافظة، والشعبويين الذين يركزون على قضايا الطبقة العاملة، إضافة إلى الانعزاليين الذين يفضلون تقليص التدخل الأمريكي في الشؤون العالمية، والعولميين المؤمنين بأهمية الدور الأمريكي العالمي.
وتضم التشكيلة سياسيين محترفين وآخرين من خارج عالم السياسة التقليدي، وحتى ديمقراطيين سابقين تحولوا للدعم المطلق لترامب.
ويعلق جيسون ميلر، المستشار الكبير للفريق الانتقالي لترامب، على هذا التنوع قائلًا: "شهدنا على مدى أربع سنوات كيف كانت قيادة الضعفاء في عهد بايدن وهاريس، والشعب الأمريكي اختار القيادة القوية تحت رئاسة ترامب لإصلاح الاقتصاد وتأمين الحدود"، وتعكس هذه التصريحات رؤية فريق ترامب بأن تعدد الشخصيات القوية في الإدارة نقطة قوة وليس ضعفًا.
تحديات وصراعات محتملة
تبرز بوليتيكو عدة نماذج لتحديات محتملة في الإدارة الجديدة، فعلى سبيل المثال، تعيين روبرت كينيدي جونيور وزيرًا للصحة والخدمات الإنسانية يمثل تحديًا خاصًا، إذ إن كينيدي، الذي انضم لمعسكر ترامب بعد انسحابه من السباق الرئاسي، يمتلك رؤية مستقلة وقوية لإصلاح نظام الرعاية الصحية الأمريكي.
ومنحه ترامب حرية التصرف في هذا المجال، قائلًا إنه سيسمح له بـ"الانطلاق بحرية" في تنفيذ خططه الصحية.
ويظهر التباين في السياسات الاقتصادية بين سكوت بيسنت، وزير الخزانة المعين، المعروف بنهجه المرن تجاه التعريفات الجمركية، وهوارد لوتنيك، وزير التجارة المرشح، المؤيد بقوة للسياسات الحمائية.
وإن ماركو روبيو، المرشح لمنصب وزير الخارجية، رغم تحوله نحو سياسة "أمريكا أولًا" التي يتبناها ترامب، لا يزال يميل للتدخل العالمي أكثر من نائب الرئيس المنتخب جي دي فانس، المعروف بمواقفه الانعزالية القوية.
مستقبل سياسي غامض
تكشف بوليتيكو عن جانب آخر مثير للاهتمام، وهو الطموحات السياسية المستقبلية للعديد من أعضاء الكابينة المرتقبة، فشخصيات مثل فانس، وروبيو، ودوج برجوم، وكريستي نويم، وإليز ستيفانيك، وفيفيك راماسوامي، تُعتبر من المرشحين المحتملين للرئاسة في 2028.
لكن تيري سوليفان، الاستراتيجي الجمهوري المخضرم، يحذر من أن العمل في إدارة ترامب قد لا يكون أفضل مسار سياسي لمن يطمح للرئاسة، موضحًا أن الناخبين يتقبلون من ترامب ما قد لا يتقبلونه من مؤيديه.
نظرة مستقبلية
تختتم الصحيفة بتقييم متفائل حذر من سكوت ريد، الاستراتيجي الجمهوري المخضرم، الذي يرى أن "جودة الحكومة الحالية تتفوق بمراحل على تشكيل 2017"، مؤكدًا أن وجود سوزي وايلز كرئيسة للموظفين سيساعد في منع الصراعات الداخلية.
لكن ماثيو بارتليت، الموظف السابق في إدارة ترامب، يحذّر من إمكانية تحول الوضع إلى "مسلسل درامي على طريقة نيويورك".
والدرس الأساسي الذي يؤكده المراقبون، وفقًا لبوليتيكو، هو أن نجاح الإدارة الثانية لترامب سيعتمد على قدرة هذه الشخصيات القوية على العمل تحت قيادة واحدة.