أحدث ظهور النجم العالمي الراحل إلفيس بريسلي ثورة في عالم الموسيقى والغناء، ليس في الولايات المتحدة فقط، ولكن في العالم أجمع، حيث تمرد على الموسيقى الكلاسيكية، والشكل الكلاسيكي للمطربين، وأصبح أحد علامات موسيقى "الروك أند رول" التي ظهرت في العشرينيات، ولكنها ازدهرت وتصدرت المشهد الموسيقي الأمريكي مع مطلع الخمسينيات، وبعد أن كانت تعتمد بشكل أساسي على آلتي الساكسفون والبيانو، جعل "بريلسي" الجيتار هو الآلة الأساسية لهذا النوع من الموسيقى، على الأقل في فترة وجوده من منتصف الخمسينيات وحتى نهاية السبعينيات.
قوبل أداء بريسلي ومفردات أغنياته المتحررة بكثير من الرفض والانتقادات في البداية، لكنه لم يعر ذلك اهتمامًا واستمر في تحطيم كل الصور النمطية للموسيقى وللمطربين حتى أُطلق عليه لقب "ملك الروك أند رول"، وأصبح أحد أهم الرموز الفنية والثقافية في القرن الحادي والعشرين.
تأثر بموسيقى الجوسبل
ولد إلفيس أرون بريسلي في 8 يناير 1935 بـ"توبيلو" في ولاية ميسيسيبي، وكان من المفترض أن يكون لبريسلي توأمًا لكن شقيقه جيسي ولد ميتًا.
نشأ بريسلي في أسرة متواضعة لوالدين من الطبقة العاملة، وكانت أسرته تنتقل من مكان إلى آخر بشكل متكرر، وكان يحضر باستمرار اجتماعات الكنيسة مع والديه، وأصبح لموسيقى الجوسبل الدينية تأثيرًا مهمًا عليه، كما كان بريسلي مُخلصًا جدًا لوالديه وخاصة والدته جلاديس، التي تلقى منها أول جيتار كهدية في عيد ميلاده الحادي عشر في عام 1946.
بداية النجاح
تذوق بريسلي أول نجاح موسيقي له بعد بضع سنوات عندما فاز بعرض المواهب في مدرسة هيومز الثانوية في ممفيس، وبعد تخرجه في عام 1953 عمل في عدد من الوظائف المُختلفة بينما كان يسعى لتحقيق حلمه الموسيقي.
في العام نفسه، سجّل بريسلي أول أسطوانة تجريبية له من خلال ما أصبح يُعرف لاحقًا باسم Sun Studio، وبعد فترة وجيزة قرر سام فيليبس مالك شركة التسجيلات، أن يتبنى الفنان الشاب، وسرعان ما بدأ بريسلي في القيام برحلات غنائية حتى سجّل أول أغنية فردية له في عام 1954 وكانت بعنوان That All Right.
رحلة الصعود الأسطورية
في عام 1955، بدأ بريسلي في تكوين جماعات من المعجبين الذين انجذبوا إلى أسلوبه الموسيقي غير التقليدي، وفي العام نفسه تعاقد مع شركة RCA Records، وبدأ رحلة الصعود الأسطورية بعد أن سجّل أول ألبوماته الغنائية وتوقيعه أول عقد لفيلم سينمائي مع شركة Paramount Pictures في عام 1956، كما أصبح ضيفًا شهيرًا على عدد من البرامج التليفزيونية المتنوعة.
سرعان ما أصبح "بريسلي" يعمل كموسيقي وممثل في كل مكان تقريبًا، وحقق فيلمه الأول Love Me Tenderنجاحًا كبيرًا في شباك التذاكر، ثم تلقى بريسلي إشعار التجنيد في عام 1957 وتم تجنيده في الجيش الأمريكي في مارس التالي، ولكن ذلك لم يؤثر إطلاقًا على مسيرته المزدهرة في ذلك الوقت.
قضى بريسلي فترة خدمته العسكرية في ألمانيا لمدة عام ونصف العام، وقبل وقت قصير من مغادرة بريسلي إلى أوروبا توفيت والدته جلاديس، وحصل على إجازة وعاد إلى ممفيس لحضور الجنازة، وبسبب حزنه الشديد لوفاتها عاد سريعًا إلى خدمته العسكرية.
زواج وانفراد بالقمة
أثناء وجوده في ألمانيا، تحسنت معنوياته قليلاً عندما التقى بفتاة تُدعى بريسيلا بيولي، وقعا في الحب ليتزوجا فيما بعد 1 مايو 1967 في لاس فيجاس، نيفادا.
بعد انتهاء فترة خدمته العسكرية في عام 1960، استأنف بريسلي حياته المهنية، وسرعان ما انفرد بقمة الساحة الموسيقية خاصة مع صدور أفلامه الشهيرة GI Blues وBlue Hawaii عام 1961، وViva Las Vegas عام 1964.
بحلول أواخر الستينيات، فقد بريسلي بعضًا من جاذبيته في شباك التذاكر، ولكنه أثبت أنه ما زال ملك موسيقى الروك أند رول وذلك بعد أن قدّم أول عرض تليفزيوني له عام 1968، وهو ما أُطلق عليه فيما بعد عرض "عودة 68"، حيث أبهر الجماهير بأدائه ومواهبه كمغنٍ ومؤدٍ وعازف جيتار.
بداية الأفول
في هذا الوقت تقريبًا، بدت الحياة الشخصية لبريسلي أيضًا في حالة هبوط تدريجي، فبعد أن تزوج بريسيلا في عام 1967، أنجبا ابنتهما ليزا ماري في العام التالي، ولكن لسوء الحظ لم تدم سعادتهما طويلًا، إذ انهار زواجهما أوائل السبعينيات وانفصلا في عام 1973، وحصلت بريسيلا على حضانة ليزا ماري، بينما كان بريسلي يصارع مشكلات أخرى أولها إدمان العقاقير المخدرة إلى جانب مشكلة زيادة الوزن، وتسبب أسلوب حياته "البوهيمي" في ذلك الوقت دخوله المستشفى بسبب مشكلات صحية مُتعلقة بالمخدرات.
قدّم بريسلي آخر حفل موسيقي له في يونيو 1977، في إنديانابوليس، بولاية إنديانا، وبعد الحفل، عاد إلى منزله في ممفيس للتحضير لجولة أخرى.
في صباح يوم 16 أغسطس 1977، توفي بريسلي بسبب قصور في القلب، عن عمر ناهز 42 عامًا، وأشار تقرير الوفاة إلى أنها حدثت بسبب تعاطي المخدرات، ودُفن بريسلي في جريسلاند بالقرب من مقابر والدته جلاديس.