في سعيه إلى استعمار الكوكب الأحمر، يبدو أن عملاق التكنولوجيا الأمريكي إيلون ماسك نجح في بناء "مشروع مميت" له "عواقب عسكرية" هائلة، ما جعل خبراء أمن يشيرون إلى أن "سبيس إكس" تفوقت إلى حد كبير في العديد من التقنيات الحيوية، لدرجة أنها قد تردع المنافسين الرئيسيين مثل الصين عن الانخراط في حرب مع الولايات المتحدة، أو ترجيح كفة الميزان إذا اندلعت حرب.
كان "ماسك" أشار إلى أن طموحه بإرسال طواقم إلى المريخ بحلول عام 2028 من شأنه أن يؤدي إلى "تكنولوجيا أفضل بشكل ساحق من التكنولوجيات المنافسة"، إلى جانب الإشارة بشكل غير مباشر إلى تجنب الحرب ضد الصين.
وتلفت صحيفة "واشنطن بوست" إلى أنه "قد لا يكون هذا الاحتمال وشيكًا، لكنه أصبح محور الاستعدادات الدفاعية الأمريكية مع صعود الصين".
ووفقًا لتقرير حديث صادر عن" بلومبرج"، فإن البراعة التكنولوجية هي أحد الأسباب التي جعلت قيمة "سبيس إكس" ترتفع إلى نحو 350 مليار دولار من 210 مليارات دولار في وقت سابق من هذا العام، ما يجعلها الشركة الخاصة والدفاعية الأكثر قيمة في العالم.
ترقب واستفادة
رغم تأكيد "ماسك" أنه أسّس "سبيس إكس" للوصول إلى المريخ، أثبت نظام الأقمار الصناعية المتقدم "ستارلينك" -الذي قال إنه أنشأه جزئيًا لتمويل بعثات المريخ- أنه تطبيق فعّال في ساحات القتال لتوجيه أسراب الطائرات بدون طيار وتنسيق تحركات القوات.
كما أن صاروخ "ستارشيب" الضخم الذي تنتجه الشركة -وهو أقوى صاروخ في التاريخ وأول صاروخ ثقيل قابل لإعادة الاستخدام- ينتمي إلى فئة خاصة به.
تقول "واشنطن بوست": "بينما يتفاخر ماسك بإمكانياته في مساعدة البشرية على استكشاف الكون، فإن البنتاجون يتطلع إلى قدرته الاستيعابية البالغة 165 طنًا لنقل القوات والمعدات بسرعة إلى آسيا في حالة الحرب".
وبدا هذا في زيارة الجنرال بي تشانس سالتزمان، رئيس عمليات الفضاء في قوة الفضاء الأمريكية، إلى تكساس الشهر الماضي لمشاهدة أحدث إطلاق لمركبة "ستارشيب" ومراجعة عمليات الشركة.
وقالت قوة الفضاء في بيان لها: "تراقب وزارة القوات الجوية وقوة الفضاء الأمريكية تقدم "ستارشيب" وتتطلع إلى الاستفادة من قدراتها في المستقبل".
كما شبّهت كاري بينجن، نائبة وكيل وزارة الدفاع الأمريكية السابقة، حلم المريخ اليوم بالسباق إلى القمر في ستينيات القرن العشرين، الذي أدى، على الرغم من الانتقادات الموجهة إلى التكاليف الباهظة لبرنامج "أبولو"، إلى تقدم تكنولوجي مثل تصغير أجهزة الكمبيوتر.
وأضافت: "أعتقد أن الشيء نفسه سيحدث هنا. ستكون هناك فوائد تكنولوجية وغيرها لا نستطيع أن نستوعبها الآن. لكنها ستكون مذهلة وستغير قواعد اللعبة".
ويشير التقرير إلى أنه "طالما كان هناك تقاطع بين استكشاف الفضاء والجيش، يعود تاريخه على الأقل إلى الحرب العالمية الثانية، عندما صمّم المهندس الألماني فيرنر فون براون صاروخ V-2".
مع هذا، في وقت سابق من هذا العام، شعرت واشنطن بالانزعاج بسبب الكشف عن أن روسيا أطلقت "سلاحًا مضادًا للفضاء" في المدار، الذي كان جزئيًا ردًا على تراكم الأقمار الصناعية الأمريكية.
كما لاحظ خبراء الأمن في مختبر "لورانس ليفرمور" أن هيمنة الولايات المتحدة في الاستثمار في مدار الأرض المنخفض "تعني أن الصين لديها مجال أكبر لبدء حرب في الفضاء من الولايات المتحدة".
عيون السماء
في غضون خمس سنوات فقط، أنشأت شركة "سبيس إكس" شبكة "ستارلينك"، أكبر شبكة أقمار صناعية في العالم، التي تضم نحو 6400 قمر صناعي، ما فتح المجال أمام قدرات جديدة للحكومة الأمريكية في مجال الاتصالات المشفرة والمراقبة وحرب الطائرات بدون طيار من الجيل التالي.
وقد أبرزت الاكتشافات الأخيرة عن عمليات اختراق "سولت تايفون"، التي قام فيها قراصنة يُزعم تبعيتهم للحكومة الصينية باختراق شبكات الهاتف والإنترنت الرئيسية في الولايات المتحدة بشكل عميق.
وتلفت "واشنطن بوست" إلى أن قيمة ستارلينك كـ"شبكة جوية جديدة" تتغلب على "أنابيب" البيانات التقليدية، جعلت الحكومة الأمريكية تقوم بالفعل بتحويل بعض الاتصالات إلى خدمة "ستارلينك" المشفرة الحكومية "ستارشيلد".
وعلى الرغم من أن الأقمار الصناعية ليست محصنة ضد الاختراق أيضًا، فإن معدات ستارلينك تُصنع في الولايات المتحدة، وهو أمر نادر في صناعة الاتصالات العالمية، مما يوفر فرصة أقل للمتسللين الأجانب لاعتراض المعدات والتلاعب بها.
وبعيدًا عن خدمة الإنترنت للمستهلكين، تعمل "ستارلينك" على بناء شبكة من الجيل التالي من أقمار المراقبة للاستخدام الحكومي، في منافسة مع لاعبين أكثر رسوخًا، مثل شركة "ماكسار تكنولوجيز" و"بلانيت لابس".
ويقول خبراء الصناعة إن الشركة في طريقها لبناء أول نظام في العالم قادر على مراقبة جميع البقع على الأرض بشكل مستمر في الوقت الفعلي تقريبًا، ما سيُحدث ثورة في الاستطلاع.
كما برزت "ستارلينك" كأداة رئيسية في ساحة المعركة الحديثة، بعد أن ابتكر جنود أوكرانيون تكتيكات توجيه أسراب من الطائرات بدون طيار الصغيرة المفخخة إلى أهداف روسية، في تجربة ناجحة مولها جزئيًا البنتاجون.
أيضًا، يراقب مسؤولو الدفاع الأمريكيون الاستخدامات المحتملة لـ"ستارلينك" في صراع نظري مع الصين، وفقًا لما ذكره هنري، المدير التنفيذي السابق لشركة "سبيس إكس".