الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

مليون طفل بحاجة لعلاج نفسي.. الأمل "عملة نادرة" في غزة

  • مشاركة :
post-title
معاناة أطفال غزة - أرشيفية

القاهرة الإخبارية - محمود غراب

كشف الطبيب النفسي الفلسطيني ياسر أبو جامع، عن وجود ما يقرب من 1.2 مليون طفل في غزة، يحتاجون إلى العلاج من "الصدمات النفسية" التي لحقت بهم جراء العدوان الإسرائيلي الوحشي المتواصل على القطاع، منذ 7 أكتوبر 2023.

وفي غزة، حيث يسود "اليأس" في كل مكان، يعد الأمل "العملة النادرة" التي يقدمها أبو جامع، الطبيب النفسي المسؤول عن إدارة أكبر مؤسسة خيرية للصحة النفسية في القطاع، للأطفال وأسرهم.

ونقلت صحيفة "ذا جارديان" البريطانية عن أبو جامع، الذي أدار برنامج الصحة النفسية المجتمعية في غزة على مدى السنوات الـ12 الماضية: "بدون الأمل، لا يمكننا أن ننقل أي شيء إلى تلك الأسر، إلى هؤلاء الأطفال.. لولا الأمل لما كنا هنا.. لا يمكننا أن نتخلى عن مليون طفل يعيشون في غزة، والذين يعانون كل يوم من الصعوبات التي يواجهونها.. نحن بحاجة إلى إيجاد الأمل في حياتهم".

أطفال غزة

قبل الحرب الحالية، كان 4 من كل 5 أطفال في غزة يعانون من الاكتئاب والخوف والحزن، وأدى أكثر من عام من القصف الإسرائيلي المكثف والنزوح والحصار الذي يفرضه جيش الاحتلال على القطاع، إلى تكثيف "الصدمات"، وهناك ما يقرب من 1.2 مليون طفل بحاجة إلى دعم الصحة العقلية.

وفي هذا العام، عالج برنامج الصحة النفسية المجتمعية في غزة 3 آلاف شخص في مراكزه الأربعة في غزة، كما قدم أعضاء الفريق، البالغ عددهم 90 عضوًا، الدعم النفسي لما لا يقل عن 30 ألف شخص يعيشون في الخيام والملاجئ والمدارس والمباني التي تعرضت للقصف الإسرائيلي.

وقال "أبو جامع" إنَّ سكان غزة البالغ عددهم 2.1 مليون نسمة، والذين نزح 90% منهم الآن إلى ملاجئ مكتظة، يعانون من آثار نفسية شديدة، وسط غياب ما يكفي من الغذاء أو المياه النظيفة، لتنحصر آمالهم في مجرد "البقاء على قيد الحياة".

ويتولى الأطفال دور الكبار في غزة، فيقفون في طوابير للحصول على المؤن أو يبحثون عن عبوات الحليب والعصير الفارغة التي يمكنهم حرقها للتدفئة، ولا يوجد وقت للحزن على الأقارب أو حتى الآباء.

ووفقًا لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف"، فإن نحو 17 ألف طفل في غزة انفصلوا عن ذويهم أو غير مصحوبين بذويهم.

وقال "أبو جامع": "أثناء الحرب، يكون الناس في وضع البقاء على قيد الحياة.. وعندما يحدث وقف إطلاق النار، يتحول انتباههم إلى احتياجات أخرى، مثل التعليم، وتبدأ أعراضهم النفسية في الظهور، وعادة ما يتدفق علينا الناس الذين يسعون للحصول على الدعم بعد ثلاثة إلى أربعة أسابيع من وقف إطلاق النار".

معاناة أطفال غزة

وأضاف: "تعلمت من خلال سنوات عديدة من العمل مع الأسر التي عانت من صدمات نفسية نتيجة سنوات من الصراع في فلسطين، أنَّ الأطفال غالبًا ما يستجيبون للألعاب كحافز لشرح مشاعرهم بشكل أفضل".

وتابع: "من خلال الرسم، يمكنهم التحدث.. ثم يمكنك التحدث إلى الآباء، لتقديم المشورة لهم حول ما يمكنهم فعله لتهدئة أطفالهم وأنفسهم وتقليل ما يتعاملون معه بطريقة ما.. وهذا يحدث فرقًا كبيرًا حقًا".

ونزح الطبيب النفسي أبو جامع عدة مرات إلى ملاجئ مؤقتة داخل غزة، قبل أن يغادر القطاع هو وأطفاله الستة، ويقول إنه يعاني مما يُعرف بـ"ذنب الناجي"، لكنه يقبل أن يكون خارج غزة، للعمل مع متخصصين في الصحة العقلية على تحسين أساليب العلاج ومع المجتمع الدولي والجهات المانحة.

ويواصل عمله، حتى مع قتامة التوقعات في غزة، من خلال الاستماع إلى التأثير الإيجابي الذي يحدثه فريقه، ويقول: "نحاول رسم البسمة على وجوه الأطفال".

ويتلقى أبو جامع تحديثات يومية عبر تطبيق "واتساب"، وفي الأسبوع الماضي سمع من طبيبة نفسية تتمتع بخبرة 15 عامًا، أثناء زيارتها للمخيمات في دير البلح، أخبرته عن أم تشعر بقلق عميق بشأن ابنها البالغ من العمر 12 عامًا، والذي توقف عن الأكل والتحدث بعد مقتل أصدقائه أمامه.

وذهبت الطبية النفسية إلى تلك الخيمة، إلى ذلك الصبي الجميل، الذي كانت عيناه زاهيتين، وقالت: "أعلم أنك لم تتحدث منذ ثلاثة أيام.. أنا هنا فقط لأستمع إليك، ولأمنحك المساحة، لأي شيء يخطر ببالك".